استحضرت عدة شهادات في حق المرحوم البروفيسور عبد اللطيف بربيش، أمين السر الدائم السابق لأكاديمية المملكة المغربية، الخصال الحميدة والمزايا الإنسانية والعطاءات العلمية والفكرية الكبيرة للراحل في ندوة علمية، اليوم الأربعاء بالرباط، حول "الطب بين متطلبات البحث العلمي والالتزام الأخلاقي"، نظمتها الأكاديمية تكريما لروح الفقيد . وأجمعت الشهادات على أن الراحل جمع في الآن ذاته بين صفات الأخلاق الحسنة والكفاءة العلمية والجانب الإنساني التي تجلت في أدائه المخلص لمختلف المهام التي تولاها، أولا كطبيب ثم عالم وأستاذ مبرز ودبلوماسي وكأمين سر لأكاديمية المملكة. وذكر عضو أكاديمية المملكة المغربية عبد الكريم غلاب أن البروفيسور بربيش كان رجل علم وأخلاق وممن دشنوا المسيرة العلمية الطبية في مغرب ما بعد الاستقلال وطبيبا ماهرا يحرص على زرع الثقة في المريض قبل علاجه من خلال إنسانيته وكلماته الطيبة، مؤكدا بالخصوص على الاستقامة الفكرية للرجل. أما محمد الكتاني، عضو الأكاديمية ، فقال إن الشخصية الثقافية والعلمية والإدارية للراحل كانت حاضرة في النسيج الاجتماعي والمؤسساتي بالمغرب، مضيفا أن الانطباع المشترك لدى كل من عرفوه أنه رجل أخلاق عالية وإنسانية مثمرة وإخلاص في أداء المسؤولية، إضافة إلى مكتسباته العلمية وكفاءته المهنية. من جهته، أشاد أمين السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات عمر الفاسي الفهري بما أسداه البروفيسور بربيش من أعمال وطنية طوال مسيرة خصبة امتدت لخمسة عقود، مبرزا دوره المحوري كأحد أعضاء اللجنة التأسيسية لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات التي اهتم بها كثيرا وكان سندا كبيرا لعملها. أما رئيس جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة عبد الكريم بناني فاعتبر أن الراحل كان صاحب رصانة علمية مبنية على المنطق السليم والتحليل العميق والفكر المنفتح على العصر مع التشبث بالقيم المغربية الأصيلة، مبرزا إسهامه في تكوين وتوجيه أجيال من الأطباء المغاربة. وشدد أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية عبد الجليل لحجمري، في كلمة افتتاح الندوة، على أن هذا اللقاء يأتي وفاء لروح الفقيد وتقديرا للأكاديميين الراحلين ولآثارهم الفكرية النيرة وعرفانا بما تحلوا به من اجتهاد وتشبع القيم المثلى وانخراط إيجابي في الحوار حول قضايا العصر. وأضاف أن المرحوم عبد اللطيف بربيش كان مثالا للعالم المتنور المشهود له بالخصال الحميدة والتواضع الجم مع نكران الذات وتواضع العلماء، قائلا إنه أنار دروب البحث الطبي بالمغرب بعميق المنجزات ، وإن هذا اللقاء يكرس لثقافة الاعتراف بنخبة من رجال الفكر والأدب والبحث العلمي الذين أسدوا خدمات جليلة للمغرب الثقافي. وجاء في تقديم الندوة أن أكاديمية المملكة المغربية قررت أن تجعل من مرور سنة على وفاة المرحوم عبد اللطيف بربيش مناسبة لتنظيم هذه الندوة التي يناسب موضوعها ما يذكر به الفقيد من أعمال جليلة، بوصفه كان طبيبا متخصصا في الطب الباطني، ومنفتحا بفكره على القضايا العلمية التي يثيرها باستمرار البحث العلمي ومنجزات التجريب البيولوجي، والتي تتعدد مواقف المفكرين إزاء انعكاسات نتائجها على حياة الإنسان الصحية والنفسية والأخلاقية. وتشكل الندوة، التي يحضرها على مدى يومين أطباء بارزون وباحثون مرموقون في العلوم المتصلة بتقنيات الطب والبيولوجيا والهندسة الوراثية ومفكرون مختصون في العلوم الإنسانية، فرصة للحوار والنقاش حول ما يسائل الإنسانية اليوم عن النتائج الإيجابية والسلبية لهذا التقدم، ابتداء من نقل الجينات والتحكم في الهندسة الوراثية وانتهاء بالطب التنبئي وعما يفتحه من آفاق غير محدودة على المديين القريب والبعيد وأثر ذلك على أخلاق الإنسان. وتدور أعمال الندوة، إلى جانب محور الشهادات في حق المرحوم البروفيسور بربيش ، وفق ثلاثة محاور أخرى تتمثل في تطور السياسة الصحية في المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم من خلال المنجزات وطرح التحديات المستقبلية، والتقدم الذي عرفه علم البيولوجيا الجينية من خلال تقنيات واكتشافات تطرح اليوم العديد من الإشكاليات في ميدان الطب، والتفكير في عواقب الممارسات الناجمة عن البحث البيوطبي ومدى مراعاتها للقيم الأخلاقية والسوسيواقتصادية وانعكاساتها على صحة وكرامة الإنسان.