شعوب الربيع العربي قامت بثورات دفعت فيها من دماء ابنائها الكثير اعتقادا منها أن التغيير دائما يأتي بالأفضل ، ثارت ضد أنظمة حكمت هذه البلدان لعشرات السنين ونهبت ثرواتها واستعمرت شعوبها داخل مستعمرات الجهل والمرض. وبعد انتصار شعوب الربيع العربي وتغيير الانظمة السابقة لازالت تدفع الثمن غاليا ولكن هذه المرة الثمن اقتصادي ، فتكلفة الربيع العربي وصلت الى 833.7 مليار دولار شاملةً تكلفة إعادة البناء وخسائر الناتج المحلي والسياحة وتكلفة اللاجئين وخسائر أسواق الأسهم والاستثمارات، تقديرات خسائر الربيع العربي جاءت في تقرير “تكلفة الربيع العربي” الذي أصدره “المنتدى الاستراتيجي العربي”، وتناول التقرير بالأرقام نتائج هذه التداعيات وانعكاساتها السلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة. واستند التقرير على تحليل المعلومات الواردة في تقارير عالمية صادرة عن البنك الدولي، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة ، ومكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، والمركز التجاري العالمي التابع لمنظمة التجارة العالمية. ويكشف التقرير حجم التكلفة الكبيرة التي تكبدها العالم العربي نتيجة لأحداث الربيع العربي من خلال تغطية 9 محاور هي: الناتج المحلي الإجمالي، والقطاع السياحي، والعمالة، وأسواق الأوراق المالية، والاستثمار الأجنبي المباشر، واللاجئين، وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة. ويشير التقرير إلى أن التكلفة التي تكبدها العالم العربي بفعل الربيع العربي بين العام 2010 و 2014 وصلت إلى نحو 833.7 مليار دولار أميركي، بالإضافة إلى 1.34 مليون قتيل وجريح بسبب الحروب والعمليات الإرهابية، وبلغ حجم الضرر في البنية التحتية ما يعادل 461 مليار دولار أميركي عدا ما لحق من أضرار وتدمير للمواقع الأثرية التي لا تقدر بثمن، وبلغت الخسارة التراكمية الناجمة عن الناتج المحلي الإجمالي الذي كان بالإمكان تحقيقه 289 مليار دولار أميركي عند احتساب تقديرات نمو الناتج الإجمالي المحلي نسبةً إلى سعر صرف العملات المحلية. كما بلغت خسائر أسواق الأسهم والاستثمارات أكثر من 35 مليار دولار حيث خسرت الأسواق المالية 18.3 مليار دولار أميركي وتقلص الاستثمار الأجنبي المباشر بمعدل 16.7 مليار دولار أميركي. ومن اللافت أن التغير في اقتصادات دول الربيع العربي يختلف عن التغير الذي سجل في المنطقتين الجغرافيتين اللتين تنتمي إليهما هذه الدول، أي شمال أفريقيا وغرب آسيا، وبيّن التقرير أن عدم استقرار المنطقة والعمليات الإرهابية تسببت في تراجع تدفق السياح بحدود 103.4 مليون سائح عما كان متوقعاً بين 2010 و2014، وتسبب الربيع العربي بتشريد أكثر من 14.389 مليون لاجئ، أما تكلفة اللاجئين فبلغت 48.7 مليار دولار.