ولو "كذبوا" لكان خيرا لهم: النازلة: زيارة لجنة تفتيش جهوية إلى إحدى قاعات الامتحان "علوم رياضية" بثانوية مولاي إسماعيل بمكناس، حيث طُرح السؤال التالي على التلاميذ الممتحنين: من منكم يحمل معه هاتفا محمولا؟ أجاب بعض التلاميذ بحسن نية: نحن ولكنه في المحفظة عند المراقب ؟ النتيجة تحرير محضر غش في حق هؤلاء على رأسهم تلميذة نجيبة تحصل على أعلى المعدلات في العلوم الرياضية.. أكيد أن مثل هذه الحالات أمطرتها سماء القدر التربوي هذه السنة في مختلف نيابات المغرب، غير أن هذه الواقعة أثارت استياء وتساؤلات لدى شريحة هامة من نساء ورجال التعليم خصوصا مع التعاطي غير التربوي لحالات بعض "الجُمركيين التربويين" وهم يُمَرٍرون بانتقاء في مداخل الثانويات كاشف الهواتف النقالة على بعض التلاميذ "المشتبه بهم" إلى درجة أن بعض التلاميذ وَقَع على ورقة الامتحان وانسحب نظرا للأثر النفسي الذي لحقهم.. نازلة الهاتف "النقال" الذي حُرم منه "النقالين" هذه السنة –وهي خطوة نباركها بالمناسبة- لأننا نرفض أن تتحول مؤسساتنا التعليمية إلى مصانع "لتخريج" الغشاشين والنقالين، غير أن واقعتنا اليوم تستدعي التساؤلات التالية: هل من المعقول أن يُحرر محضر غش في حق تلاميذ لا ذنب لهم سوى أنهم التزموا بما جاء في ورقة استدعاء المشاركة، مع العلم أنه لو كانت لهم نية سيئة لسكتوا وكذبوا؟ كيف نفهم التناقض بين منع إدخال الهواتف النقالة إلى حَرَم الثانويات، وبين ما جاء في منطوق ورقة الاستدعاء الموقعة من مديري المؤسسات القاضي ب:" تُسلم كل الدفاتر والكتب والوثائق المخطوطة أو المطبوعة وكذا الهواتف النقالة إلى المراقبين قبل الشروع في الامتحان". و"يعتبر استعمال أو محاولة استعمال الوثائق المخطوطة أو المطبوعات وكذا الهواتف النقالة محاولة للغش" كيف يضيع مستقبل تلاميذ من بينهم تلميذة في شعبة الرياضيات تحصل على أعلى المعدلات بسبب هذا "الاجتهاد" غير المُنتبه للتناقض بين مطلب منع إدخال الهواتف النقالة إلى المؤسسة وبين تسليمها إلى المراقبين؟ أي حسم في هذه النازلة "المقلقة" أمام ما جاء في تقرير المراقبين على القسم؟ وهل كل قاعات الامتحان في ثانوية مولاي إسماعيل وغيرها من ثانويات المغرب كانت في خشوع تام وجو رباني؟ أم إن الأمر يتعلق "لي حْصَلْ ما عَدْنَا ما نْديرو ليه؟" لماذا لا يتوجه الجهاز الكاشف للهواتف النقالة إلى القاعات التي بها الغش الصراح والفوضى العارمة والتحدي الواضح للمراقبين، و"يحْصَل" فقط خيرة التلاميذ المتفوقين؟... غير بعيد عن هذا، من ينصف التلاميذ الذين وقعوا ضحية غباء الآلة، أو المسؤول عن الآلة الذي تصرف وَفْق حرفية القانون ونسي الهدف الحقيقي من مثل تلك الزيارات؟ تقتضي الموضوعية مني القول بصعوبة تخصيص ما وقع في مكناس بمثل هذه التساؤلات وهذه النازلة فقط، لكن لي اليقين بأن الذي وقع في الإسماعيلية وقع في مؤسسات أخرى، مثلما إني لا أشك في نوايا المسؤولين التربويين القيمين على امتحان الباكلوريا باعتباره "امتحانا أمنيا" بدرجة أولى، لكني أُعوٍلُ على حصافتهم وحبهم لتلاميذنا وحرصهم على مستقبلهم وعلى تطبيق روح القانون في حق مثل هذه الحالات، وتطبيق القانون في حق الغشاشين المتلبسين، في انتظار إصلاح منظومة القيم التي تحكم مجتمعنا وذلك جُزء مُغيب في الحكاية..