هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدكتور هشام البوديحي .. من أحياء مدينة العروي إلى دكتوراه بالعاصمة الرباط في التخصص البيئي الدولي    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    الدفاع الحسني يهزم الرجاء ويعمق جراحه في البطولة الاحترافية    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    الخيانة الزوجية تسفر عن اعتقال زوج و خليلته    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    أخبار الساحة    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مواجهة المنظمات المثلية
نشر في أخبارنا يوم 15 - 06 - 2015


السدوميون /المثليون الجدد : دراسة ومواقف 1

ليس موضوع المثلية الجنسية ومنظماتها وجمعياتها وأنشطتها موضوع الساعة أو الأمس ، بل هو موضوعه متجدد متلون والأخطر أنه متفرع وأخطبوطي التمدد والانتشار.وعند مواجهتنا لأي شيء أو تصور أو فكر لابد أن نسترشد بقاعدتنا الفقهية العظيمة التي تؤكد : بأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره.لأن تصورك لأمر ما اذا كان فيه تشويش او نقص او ضبابية او جهل ببعض اوجهه وجوانبه سيجعل حكمك عليه مغلوطا أو مذبذبا مما يزيد الطين بلة ،ومعنى التصور هو معرفة الشيء المدروس من كل جوانبه ومكوناته وبدايته وغايته ووسائله وفلسفته ...، حتى إذا تَثَبتنا من كل أولئك أصدرنا حكمنا ونحن على سداد أو مقاربة مضمونة للحقيقة دون شطط أو ظلم .وبما أن ظاهرة الشذوذ الجنسي أو المثلية ...هي هدف مواجهتنا كان لابد من الإحاطة بموضوعها بشمول وتمكن لنتصور حقيقتها عارية كما هي دون تلاعب أو دوغمائية أو تضليل ، ومن اجل تحقيق ذلك سيكون حديثنا في هذا الجزء مرتبا كما يلي : 1 : إشكال التسمية 2 تاريخ هذه الظاهرة باختصار مفيد 3 خلاصة ومقارنة
1 إشكال التسمية : هناك لفيف من المصطلحات تُتداول للدلالة على السلوك الجنسي المنحرف والمنبوذ طبَعِيا ودينيا واجتماعيا ،أولها مصطلح الانحراف الجنسي/ المنحرفين جنسيا ويردفه مصطلح الشذوذ الجنسي / الشواذ جنسيا ثم مصطلح المثلية الجنسية / المثليين الجنسيين ثم أخيرا مصطلح اللوطية / اللوطيين . أما مصطلح الانحراف الجنسي فهو عام يجمع تحت عنوانه أنواعا متعددة من صور السلوكات الجنسية المنبوذة بدرجة شديدة أم خفيفة : فالعادة السرية تعتبر انحرافا جنسيا ونكاح المحارم كذلك والرغبة في نفس الجنس من الذكور أو الإناث انحراف جنسي أيضا إضافة إلى الجنس البهيمي ( إنسان / حيوان – حيوان / إنسان ) وجماع الأموات . وعليه لا يمكن الاعتماد على هذا المصطلح عند طلب التحديد والتدقيق . أما مصطلح الشذوذ الجنسي فهو قريب من المصطلح السابق بل هو متطابق معه في الدلالة ، ذلك أن كل شذوذ هو انحراف وكل انحراف هو ذاته شذوذ ، لان معنى انحرف هو مال وتغير وهو معنى مشترك مع فعل شذ أي خرج عن المألوف وتغير عن حالته الأصلية ومال عنها . فإذا انتقلنا إلى مصطلح المثلية الجنسية كنا حينئذ اقرب نسبيا للدلالة على اخطر انحراف جنسي ممكن الوقوع بين بني الإنسان ، فهو يشير إلى وجود علاقة جنسية فعلية بين طرفين من نفس الجنس : ذكر/ ذكر أو أنثى / أنثى ، مع استبعاد العلاقات العاطفية الغير جنسية من هذا التعريف : كالصداقة والمودة والصحبة الاجتماعية والتعالق النفسي الذي يحدث نتيجة لها ، وان كان الخلط بينها وبين المثلية الجنسية ممكنا مع التيار الفرويدي من مدرسة التحليل النفسي ، مما يدفعنا إلى توظيف هذا المصطلح بحذر شديد ، فالمصطلحات أحيانا تشبه الألغام إن لم نحسن استعمالها أفسدنا المعنى بدل توضيحه وكشفه . فإذا عرجنا نحو مصطلح اللوطية أو اللوطيين علمنا انه نسبة إلى لوط وهو نبي كريم ومصلح اجتماعي عظيم ومن أوائل الذين واجهوا اخطر انحراف جنسي جماعي في تاريخ الإنسانية ، ومعلوم انه بين المنسوب والمنسوب إليه تشابه وترابط أو ما يمكن تسميته بوجه التناسب ، وبما أن لوطا نبي كريم ومصلح عظيم فالنسبة إليه تشريف وتكريم كقولنا : مسيحي أو محمدي أو موسوي نسبة إلى المسيح أو محمد أو موسى عليهم الصلاة والسلام، بينما نجد مصطلح اللوطية/ اللواطيين يوظف ليدل على التقبيح والذم وعليه لا بد من تنحيته تماما عند قصد الدلالة على المثلية الجنسية نظرا لوجود خلل لغوي ومعنوي شديد مما يدخله ضمن المثل القائل : حشف وسوء كيلة ، فإضافة إلى الخطأ اللغوي هناك إساءة إلى نبي مقامه رفيع عند كل المؤمنين . وفي نظري أن هناك بديلا قويا لتجاوز إشكال التسمية الذي توقعنا فيه كل تلك المصطلحات ، وهذا البديل هو مصطلح : سدومي/ سدوميين ، فكما هو معلوم أن سدوم هي بلدة قوم لوط التي وقع فوق أرضها وتحت سمائها ذلك الانحراف الجنسي الجماعي الخبيث ، وقد ورد اسمها في العهد القديم حيث " كان أهل سدوم أشرارا وخطاة لدى الرب جدا " و " فأمطر على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء" / سفر التكوين . ووردت كذلك في العهد الجديد في إنجيل متى ولوقا ومرقس ، ووردت في القران الكريم باسم : " القرية التي كانت تعمل الخبائث، إنهم كانوا قوم سوء فاسقين " الأنبياء 74 . كما ذكرت مقترنة دائما مع قصة لوط في مواضع أخرى. والنسبة إليها تصح بقولنا : سدومي / سدومية / سدوميين/ سدوميات ، لغة ودلالة وحكما وتاريخا . وهو المصطلح الذي سنوظفه للدلالة على العلاقة الجنسية الفعلية بين طرفين من نفس الجنس في ثنايا هذه الدراسة وهو نفس التعريف الذي تبنته المحكمة العليا بواشنطن للشاذ جنسيا حيث وصفته بأنه :" هو الشخص الذي يختار إظهار رغبة جنسية لديه تجاه أشخاص من نفس جنسه ، ويمتلك الميول النفسية للارتباط بممارسات جنسية مثلية ناجمة عن هذه الرغبة " / من كتاب : الشباب والشذوذ الجنسي / د عبد الحميد القضاة.

2 تاريخ هذه الظاهرة : ليس هناك إشارات وثائقية أو تاريخية تدلنا على بداية هذه الظاهرة الشاذة اللهم إلا أن نزعم أنها تواجدت عبر مراحل التطور الحضاري في التاريخ الإنساني ، وأنها كانت محصورة في حالات فردية مستترة لا تكشف عن نفسها علانية وجهارا إلا في حالات نادرة ، ولم تظهر في صورة فعل جماعي منظم أول مرة إلا عند أهل سدوم قوم لوط كما حسم القران الكريم بذلك في قوله تعالى على لسان نبيه لوط :" اتاتون الفاحشة ما سبقكم بها احد من العالمين ائنكم لتاتون الرجال شهوة من دون النساء"/ الأعراف 80/81 . غير أنها استمرت في الظهور عند بعض المجتمعات التي كانت تمارس الطقوس البدائية : مثل العبادة القضيبية أو كما هو الحال عند شرذمة من أتباع ادونيس من الإغريق القدامى وهو الذي يتخذه الكثير من السدوميين المعاصرين رمزا لسلوكهم المنحرف، وكذلك في إحدى مقاطعات الصين القديمة " حيث كان هناك نوع من التسامح بشان ممارسة المثلية بين البالغين / وقد اتخذ بعض الأباطرة من أسرة تانغ لأنفسهم مأبونين وهم غلمان يتخذون لأغراض جنسية شاذة"/كتاب : الجنس في الأديان/ جيفري باردنر- مترجما . وأما اليونانيون القدماء كما يؤكد العلامة ديورانت في الجزء المخصص لحياة اليونان من موسوعته : قصة الحضارة " فقد اعترفوا بغير حياء بالانحراف الجنسي ، فقد كان اكبر من ينافس المومسات هم غلمان أثينا / ولقد كان التجار يستوردون الغلمان الحسان ليبيعوهم لمن يدفع اغلي الأثمان ليستخدموهم في أول الأمر لقضاء شهواتهم ثم يتخذونهم أرقاء فيما بعد ، هذا مع العلم أن الشرائع الأثينية كانت تَحرم من يمارس تلك الرذيلة من الحقوق السياسية . ولم تكن إسبارطة اقل من أثينا في هذا الشذوذ – راجع الكتاب للمزيد – وأما الرومان فيقال بان أول أربعة عشر إمبراطورا من أباطرة الرومان كانوا من السدوميين حيث كانت القوانين تبيح للرجل أن يمارس الجنس مع زوجته في البيت ومع الرجل في الحمامات ومع الموسات في الماخور ومع الرقيق في زاوية مظلمة؟؟؟ على أن يبقي كل شيء في مكانه / من كتاب : الشباب والشذوذ الجنسي/ للقضاة . وقد كان كثير من الأغنياء الرومان يدفع الواحد منهم تالنتا / 3600 ريال أمريكي . ثمنا للغلام الوسيم / حيث أصبح ثمنه يزيد على ثمن مزرعة / قصة الحضارة . بل إن الإمبراطور الدموي نيرون تزوج من رجلين احدهما يدعى اسبورس بعد إن أمر بخصيه وأقام احتفالات بهذه المناسبة حتى صدق فيه وصف ديورانت : بأنه كان ابيقوريا مولعا بالرذيلة / بل كان يتخفى ويزور المواخير ويطوف بالشوارع ويتردد على الحانات بالليل في صحبة أمثاله من رفاق السوء يسطون على الحوانيت ويسيئون إلى النساء ويفسقون بالغلمان . ولعل السبب الذي فسح المجال أمام الرومان أكثر في السدومية هو اتصالهم الوثيق باليونان كما يؤكد ذلك مؤرخ وفيلسوف الحضارة ديورانت " وبعد الرومان وسيطرة المسيحية التي حاربت السدومية بقوة وحرمت العلاقات الجنسية غير المشروعة بل وتشددت في المشروعة نفسها بفرض الرهبنة والطقوس التطهرية والزواج الأحادي والمبادئ الأخلاقية الصارمة المتبعة في الأمور الجنسية تجاه المراهقين / راجع كناب : الجنس في الأديان . إلا أن هذا الأمر لم يستمر كما كشف ديورانت وغيره عن ذلك " فقد عاد اللواط الى الظهور في أثناء الحروب الصليبية وفي اثر الآراء الشرقية وعزلة الرهبان والراهبات وقد كتب هنري رئيس دير كليرفو عن فرنسا عام 1777 يقول " إن سدوم القديمة قد أخذت تقوم فوق أنقاضها " كما اتهم فليب الجميل الرهبان بانتشار اللواط بينهم ، كما جاء في كتب التوبة الدينية التي تصف وسائل التكفير عن الذنوب ذكر لضروب الفحش من بينها : البهيمية..." إلا أن حركة التصحيح البروتستانتية غيرت قليلا من هذا الوضع المتعفن حيث أصبح الشاذون يعاقبون بالخصي أو استئصال القضيب ، وقد تصل العقوبة إلى الإعدام حرقا كما كان يعاقب لسحرة والمشعوذون ، وقد عاقبهم الملك هنري الثامن بمصادرة الأملاك والقتل ...واستمر الحال كذلك حتى بداية القرن الثامن عشر . وأما في الولايات المتحدة فقد صدر أول حكم بالإعدام على الشواذ في فلوردا سنة 15660الى غاية سنة1779حيث استبدل بالاخصاء .وإذا نحن راجعنا تاريخ العرب والمسلمين لاحظنا أن الجاهليين لم تعرف السدومية بينهم إلا أن أن تكون حالات فردية مغمورة لا تعرف ، واكبر برهان على ذلك هو أن ديوانهم الشعري فيما راجعته خال تماما من ذكرها بينما نجدهم يذكرون العلاقات الجنسية المحرمة مع النساء بكل فخر واعتزاز وتفنن ، اللهم إذا استثنينا تلك الحكاية التي تخبر عن علاقة سحاقية بين ابنة الحسن اليمني وهند زوجة النعمان بن المنذر التي كانت تلقب بالمتجردة لحسنها وجمالها ....ولما ماتت ابنة الحسن اعتكفت هند على قبرها من شدة تعلقها بها ..ثم من بعدهما العلاقة التي جمعت بين رغوة ونجدة كما يحكي احمد اليمني في كتابه "رشد اللبيب " . وقد تكون القصتان معا من بنات الخيال وسلالة الأوهام ليس إلا . وحين جاء الله بالإسلام حرم كل العلاقات الجنسية ما عدا الزواج المشروع بين الرجال والنساء وهيمنت تعاليمه على النفوس فلم تذكر في العهد النبوي وعهد الخلافة الراشدة إلا بضع حالات خاصة في الشام التي كان يسطر عليها الرومان وهذه الحادثات المحصورة نستدل عليها من خلال أحاديث لعن من يفعل فعل قوم لوط وهي أحاديث ذكر العلماء أنها متواترة ، وإنما الخلاف في الأحاديث المتعلقة بعقوبة وحد من يتلبس بتلك الفاحشة نظرا لضعف أسانيدها ، ولا بد أن هناك دواعي وأسباب حَدَت بالرسول عليه السلام لإصدار تلك الأحاديث والأحكام ، غير انه في عهد أبي بكر رضي الله عنه وقعت حادثة ملخصها : انه جاء ناس إلى خالد بن الوليد فاخبروه عن رجل منهم يفعل به كما يفعل بالمرأة وقد أحصن فبلغ ذلك أبا بكر فأمر برجمه وتابعه على ذلك الصحابة الآخرين غير علي بن ابي طالب رضي الله عنه فانه رأى انه يحرق بالنار ..وهو ما حدث فعلا ، وتابعه في حكمه الصارم ابن الزبير ثم هشام بن عبد الملك ثم القسري . غير أن هذه الظاهرة ستخرج قرنها الشيطاني أكثر في العهد العباسي وهو ما توضحه تلك الأشعار السدومية التي نظمها شعراء وأدباء مثل أبي نواس ووالبة بن الحباب وبشار بن برد وأمثالهم من أهل المجون وشداة الفواحش، زد على ذلك كثرة الغلمان في قصور بعض الملوك والأغنياء ، وفيضان أسباب المتعة والملذات وانتشار جلسات المنادمة وشرب الخمور... والسبب في ذلك يعود بوضوح إلى التأثر ببقايا العادات الرومانية في المناطق التي فتحها المسلمون ، إضافة إلى ضعف الوازع الديني لدى الطبقات المترفة التي غاصت في الشهوات والموبقات مما هو مذكور في مدونات التاريخ …أما بعد ذلك العصر فقد تكفل احد العلماء من القرن السابع الهجري وهو شهاب الدين التيفاشي بتدوين بعض المظاهر الفردية لتلك الفاحشة في كتابه المثير للحذر " نزهة الألباب في ما لايوجد في كتاب " وهو من كتب الأدب الاباحي التي تحطب في ليل وتجمع كل حكاية بلا سند أو شهود ، إضافة إلى ما رصده المؤرخون والأدباء وجامعي الموسوعات الأدبية والتاريخية ...وقاموا بتدوينه سواء في عصر العثمانيين أو المماليك بصدق أو كذب .
أما في عصرنا الحالي فقد عرفت السدومية قفزة نوعية ذات خصائص جديدة سنأتي على ذكرها في فقرة الخلاصة والمقارنة . ولكي نعطي صورة عامة عن ذلك سأسوق شهادات مرعبة لباتريك بوكانن وهو كاتب ومفكر وسياسي ومستشار لثلاثة رؤساء أمريكيين... حيث يقول " كان اللواط هو الحب الذي لا يجرؤ احد أن ينطق باسمه...وفي الحرب العالمية الثانية اجبر وزير الخارجية سمنرويلز على الخروج من المنصب بسبب عرضه علاقة جنسية مع عامل في عربة نوم في القطارات ، وخاف ليندون جونسون من أن القبض على مساعده وولتر جنكنز -الذي قبض عليه في عملية سرية للشرطة في غرفة الرجال في جمعية الشباب المسيحي - قد يكلفه ملايين الأصوات كما فقد النجم الصاعد للحزب الكبير بوب بومان مقعده في مجلس النواب عندما قبض عليه وهو يغوي من هم في العشرية الثانية من أعمارهم من الفتيان في منطقة الرذيلة من مقاطعة كولومبيا ....كان ذلك سابقا أما الآن فهو الآن . جاءت نقطة التحول عندما قام جيري سندس وهو الذي أغوى غلاما داعرا تحت الطلب يبلغ 16 من العمر ، بتحدي عقوبات مجلس النواب وأعيد انتخابه في ماساشوسيتس وهي ولاية كاثوليكية ...وفي عهد كلينتون بدأ يحضر صديقه الغلام معه إلى المناسبات الاجتماعية في البيت الأبيض..وفي عام 2001 مزق الشيوخ السابقون زملاء جون اشكروفت جلده أثناء جلسات الاستماع لتثبيته في المنصب وكان ذلك لأنه سبق أن عارض تسمية الشاذ جيمس هورمل ليكون سفيرا إلى اللوكسمبورغ ..ورحب هورمل ضاحكا وهو يذيع من سان فرانسيسكو استعراض افتخار الشواذ ، رحب بتبديل الملابس للجنس الآخر....حقا لقد انقلب العالم رأسا على عقب . وعندما انفصلت أشهر زوجتين في أمريكا السحاقيتان الممثلتان آن هيك وايلين دي جينريس زارهم رئيس الولايات المتحدة ليقدم تعاطفه ، وصارت هيلاري كلينتون أول سيدة في البيت الأبيض تمشي في مدينة نيويورك في استعراض افتخار الشواذ ، وقد سبق أن عوقبت السيدة كلينتون لأنها سارت في احتفال يوم القديس باتريك في العام 2000. واخبر ريتشارد بيرك المراسل السياسي الوطني للتايمز: أن ثلاثة أرباع الناس الذين يقررون ما يجري على الصفحة الأولى من التايمز هم شواذ..." / بتصرف من كتابه موت الغرب مترجما. ولا تعليق لي على ما سلف فقد جف ريقي لهذه الحقائق المرعبة وهي غيض يسير من فيض عميم .
3 _ خلاصات ومقارنات :
ا : إن ظاهرة السدومية ظلت طيلة تاريخها كله ممارسات فردية ، لا تبدي صفحة وجهها الكريه علانية إلا إذا استثنينا مجتمع قوم لوط الذين ارتكبوها بصورة جماعية مكشوفة يغلب عليها الارتجال والعفوية ، كما أنها كانت محدودة بحدود جغرافية ضيقة ، مع العلم أن المجتمعات بشتى أديانها كانت تحرمها وتعاقب عليها وتراها خروجا عن قواعد الفطرة الطبيعية والدين والمجتمع السليم ، أما السدومية المثلية المعاصرة فقد تحولت إلى ظاهرة جماعية منظمة تنحو إلى الانتشار والذيوع والاجتياح ، فقد اتخذ أصحابها لأنفسهم جمعية عالمية / كونغرس عالمي من اجل عولمتها ، إضافة إلى إخطبوط من جمعيات متناسلة في كل بلدان العالم تتواصل بينها باستمرار من خلال الزيارات المتبادلة سواء السرية او العلنية او بالوسائل التقنية الحديثة من اجل تبادل الخبرات السدومية والتعاون لتكسير كل القواعد التي أسستها الحضارات الإنسانية على مدى آلاف السنين ، والأعجب أنهم اتخذوا لحكومتهم الوهمية رموزا عالمية : كقوس قزح أو المثلثين المتداخلين او الفأس المزدوجة أو الكف البنفسجي ، وللإشارة فقد اتخذ سدوميو المغرب شعارا لهم : ألوان قوس قزح مع نجمة خماسية خضراء في وسطه ، فهل بعد هذا البلاء بلاء ؟؟؟
ب : أن السدومية قديما كانت منحصرة فقط في أفراد معدودين من الطبقات المترفة : أباطرة وملوك وأغنياء متنعمين ورهبان فاسدين وخاصة عند بلوغ المستوى الحضاري قمة تؤذن ببداية الانحطاط والتراجع ، أما اليوم فان هذه الحركة خلعت عن نفسها رداءها الطبقي لتتسلل إلى كل الطبقات والى كل الأفراد وفي جميع النشاطات والمهن من أعلاها إلى أدناها دون تفريق أو تمييز .
ج : إذا كانت السدومية محصورة في حالات فردية ولا يمارسها إلا أشتات وشراذم من الناس ، فان روادها اليوم يسعون جاهدين إلى مأسستها لتصبح تيارا اجتماعيا وغولا سياسيا واقتصاديا يرمي بطموحاته نحو فتوحات سياسية وقانونية تقلب كل المفاهيم والمعايير التي تواطأت عليها الإنسانية منذ حضارتها الأولى+ بجميع شعوبها وأديانها وأعراقها ، ولا ننس أنها قد تتحول إلى حركة إرهابية ، وما جرائم السدوميين الجنسية بخافية على الناس في كثير من دول العالم خاصة أمريكا والدول الأوربية
د : لقد كانت السدومية في نسختها القديمة مجرد شهوة أو نزوة عابرة تظهر على سطح حياة بعض الأفراد وتغور تارة أخرى ، أما في طبعتها الجديدة فقد أصبحت فلسفة وموقفا من الحياة وقضاياها الإنسانية ، ومما لا شك فيه أن السدومية كثقافة وتيار فكري هي وليدة مشوهة من ولائد فكر ما بعد الحداثة الذي من أهم خصائصه انه '' أسلوب فكري يشكك في المفاهيم التقليدية للحقيقة والعقل والهوية والموضوعية والتاريخ ومعطيات الطبيعة وثبات الهويات '' كما يوضح البحاثة تيري ايجلتون في كتابه المتميز : أوهام ما بعد الحداثة / مترجما وبما أن الثقافة / الفلسفة السدومية إنقذفت من رحم ذلك الفكر ، فقد تشربت روحه وحملت طابعه فهي من ثم نقيض للتاريخ الإنساني وطبيعته وهويته وصيرورته ، إنها تسعى جاهدة إلى نقض الوعي البنيوي والشخصي لطبيعة الجسد البشري للذكر والأنثى كما فطرهما الخالق سبحانه ، وفرض جنس ثالث ليهيمن على الحياة والتاريخ إن استطاع السدميون الوصول إلى سدة القرار ومواقع السلطة . ولا يتعللن احد بالقول : إنهم مهما فعلوا فهم قلة قياسا بالمجتمع الإنساني السوي. فهذا تعليل ساذج ومغفل وإلا فان في العصابة/الشرذمة الصهيونية التي تمسك بيدها حبالا مديدة من السلطة العالمية عبرة للعقلاء وأيضا للغافلين ، والغريب المريب أن السدوميين ينتهجون نفس خطط الصهاينة السرية والعلنية من اجل تحقيق مخططاتهم الجهنمية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.