اكتشفت أبحاث حديثة أن الجينات المقاومة للمضادات الحيوية موجودة في بكتريا لدى القبائل البدائية في جبال فنزويلا، وهي قبائل يانومامي التي تم اكتشاف وجودها وبدء تواصلها مع العالم عام 2009، ويعني ذلك أن هذه الجينات تطورت قبل آلاف السنين من اختراع الإنسان للمضادات الحيوية وليس كنتيجة لاستخدام هذه الأدوية، أو لاستخدام المبيدات الكيميائية في الزراعة كما كان يعتقد. قبل اكتشاف العلماء الغربيون لقبائل يانومامي عام 2009 لم يكن لهم اتصال بالعالم الحديث، ولم يتعرضوا للمضادات الحيوية الحديثة. وبحسب مجلة "ساينس أدفانسز" قام علماء أمريكيون بتحليل البكتريا التي تعيش في أمعاء أشخاص من هؤلاء القبائل وعلى جلدهم، ووجدوا أن هذه البكتريا تتمتع بخصائص قادرة على مقاومة المضادات الحيوية مثل الجراثيم الخطيرة التي أظهرت نفس القدرة مؤخراً. تثير ظاهرة البكتريا القادرة على مقاومة الأدوية قلقاً صحياً على مستوى العالم. وقد اقترح العلماء في ضوء نتائج هذه الأبحاث أن البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية ظهرت كطفرات عشوائية في الميكروبات نتيجة قدرة هذه الجراثيم على مبادلة الجينات مع بعضها البعض. ويقترح تفسير آخر أن المضادات الحيوية ليست اختراعاً بشرياً، وأن البكتريا طوّرت هذه الجينات نتيجة حربها مع بعضها البعض، وأن البكتريا كانت المخترع الأول للمضادات الحيوية كاستراتيجية حرب ضد الجراثيم الأخرى. لاحظ العلماء أن أبناء قبائل يانومامي كان لديهم تنوع في البكتريا أكثر من الموجود لدى الإنسان الغربي، واقترحوا تفسيراً لذلك يُرجِع السبب إلى انتشار السمنة ومشاكل التمثيل الغذائي، وعدم تنوع الطعام في النظام الغذائي الغربي. أجرى الأبحاث علماء من كلية الطب في جامعة واشنطن تحت إشراف البروفيسورة ماريا دومينغيز بيلو من مركز جامعة نيويورك الطبي، التي علّقت على النتائج: “وجدنا أن لدى سكان القبائل 23 نواعاً من البكتريا قادرة على مقاومة المضادات الحيوية، لكن كانت هذه الجينات المقاومة للأدوية خاملة، وتم تفعيلها من خلال تعريضها للأدوية، والمثير أن ذلك شمل أيضاً الجيل الثالث والرابع من مضادات السيفالوسبورين، والتي لا تستخدم إلا لمحاربة أخطر أنواع البكتريا". وقال البروفيسور غوتام دانتاس أستاذ علم المناعة في جامعة واشنطن: “لقد رأينا مقاومة للأدوية الجديدة تظهرها البكتريا في كل العيادات، ويبدو أن السبب هو آليات المقاومة التي تمتلكها البكتريا بشكل طبيعي، وأنها تطوّر جيناتها بمجرد التعرّض للمضادات الحيوية".