ما أتعس الصحافي الذي يحاول جمع المعلومات الشخصية عن رئيس وزراء المغرب المكلف، عبد الإله بن كيران، لأنه سيجهد ويتعب ويعود بسلة فارغة، فليس فيما كتبوا عنه الشيء الكثير عن حياته الشخصية، لأن الإسلاميين لا يميلون لهذا النوع من الأحاديث. مع ذلك انشرح بن كيران حين اتصل به ليل اليوم الثلاثاء، وكان محاطا على ما بدا من الضجيج المترامي من هاتفه النقال بحشود من المهنئين، وهو وسطهم في مدينة مدليت، أو "باريس الصغيرة" كما يسمونها، بعد أن اجتمع الى الملك محمد السادس وكلفه بتشكيل أول رئاسة وزراء يعرفها المغاربة مباشرة بالتصويت الشعبي. ورئيس وزراء المغرب المكلف هو صاحب نكتة وضحوك بامتياز، الى درجة أنه ينهي كل عبارة بضحكة واضحة، خصوصا عندما سألته 'العربية' عما لا يعرفه، ولا المغاربة يعرفونه أيضا، وهو: ما معنى كلمة كيران؟ قال: "كيران.. كيران. تعرف، لم يسألني أحد عنها قبل الآن. انها ليست كلمة عربية، ولا معنى لها. الا اذا كانت مثنى كير" ثم تلاها بضحكة قوية. ووردت كير في قول للرسول، صلى الله عليه وسلم: "انما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك أما أن يجذبك واما أن تبتاع منه واما أن تجد منه ريحا طيبة. ونافخ الكير اما أن يحرق ثيابك واما أن تجد منه ريحا منتنة". الا أن عبد الاله بن كيران كان يمزح بالطبع، فالكلمة بالمغربية العامية القديمة ولا تعني شيئا، انما هي اسم فقط. وقال رئيس الوزراء المغربي الجديد انه ارتدى ربطة عنق حين قابل الملك اليوم كما تقضي الأعراف، فسألته "العربية.نت" من أين حصل عليها، هل استعارها من أحدهم أم منحوها له في القصر قبل دقائق من مقابلته الملك، أم اشتراها، وكم دفع ثمنها ؟ قال: "لا، ليس هذا كله، انما وجدتها عندي في البيت". وسألناه: "كيف يكون عندك ربطة عنق في البيت وأنت عدو لربطات العنق لا ترتديها أبدا" ؟ قال: "لا أدري، وجدتها هناك. انها للمناسبات فقط". وذكر بن كيران، الذي يهوى المشي ولعب الشطرنج "ولكن باعتدال كبير" انه لا يعاني من أي مرض "سوى بعض الضغط العالي، ونسبته يمكن السيطرة عليها". وتحدث عن والده الذي توفي عن عمر 90 سنة، فقال انه كان له وما يزال المثل الأعلى في حياته "لقد توفي وأنا مراهق عمري 16 سنة، وبقيت أبكيه طوال أكثر من 7 أعوام (..) كان عزيزا وطيفه دائما في مخيلتي، وصورته في رأسي".
ابنته المعاقة بشلل تام وتحدث عن والدته، التي ما زالت حية وعمرها أكثر من 90 سنة وتقيم معه، فذكر أنها مصدر ارتباطه بكل ما هو مثالي وجميل في هذه الحياة "ولو كانت بعمري الآن لتولت عني منصب أمين حزب العدالة والتنمية.. قد يكون هذا التعبير مجازيا، لكنه يلخص كل شيء" كما قال. وذكر عبد الاله بن كيران، الذي ولد في 1954 بحي العكاري الشعبي في الرباط، أنه متزوج من مغربية، وهي لا تعمل بل ناشطة معه في الحزب، وهو أب منها لستة أبناء، جميعهم بالغين ومتزوجين "إلا صغيرة البنات، وآخر صغير الذكور، وهو ما زال طالبا في الجامعة، وعمره 20 سنة". وعن صغيرة البنات البالغ عمرها 12 عاما، قال إنها مصابة بإعاقة كاملة "يعني مشلولة شللا تاما" وفق تعبيره. وقال رئيس الوزراء المكلف إنه لا يلزم بناته بارتداء الحجاب، ويهوى الموسيقى المعتدلة والجميلة فقط "وحين كنت شابا كنت أميل لأي موسيقى. أما الآن، فلا أميل لهذه التي يسمونها موسيقى فاحشة. وعلى أي حال فنحن في المغرب لن نمنع شيئا، إلا كما يتيحه القانون". وكان يمكن لهذا الحديث الذي استمر بين 8 و10 دقائق أن يستمر أكثر ويمتد الى قضايا كثيرة، لكن بن كيران الذي علمت "العربية.نت" بأنه لم يقبل يد الملك حين لقائه به في ميدلت، كان منهمكا بالمهنئين وسمعناه يشكرهم واحدا واحدا، ومعهم شكر "العربية" أيضا، وقال: "هذا يكفي اليوم، والطريق أمامنا طويل، وأنا منهمك كما تسمع".