اقتحمت صناعة الزليج المغربي الأفق النرويجي، حيث يحظى هذا الفن المغربي الأصيل بالإعجاب وتزايد الطلب عليه من قبل مواطنين وجدوا فيه مبعث تغيير ديكور المنازل والمباني الخاصة. ففي منطقة "إنيباك" بضواحي العاصمة النرويجية (أوسلو) اجتمع ثلة من النرويجيين لكي يأسسوا نواة لتسويق صناعة الزليج المغربي، واختاروا العاصمة لتشكل نقطة بداية نحو الانفتاح على أسواق اسكندنافية. النرويجية "ليني ستانغيبي كيفينغ" عملت منذ سنوات على أن يكون للمشروع التسويقي محضن في النرويج لكون سكان البلاد، بحبهم للتغيير على مستوى البناء والتصاميم الهندسية في المنازل، يرون في الزليج المغربي أحد الأوجه المضيئة في التطلع إلى ألوان جميلة بزخارف ذات سياق جمالي رائع. ليني وشركاؤها اقتبسوا فكرة تسويق الزليج المغربي من شركة أقامها الزوج الأمريكي كايتلين وصامويل دوو - ساندي في مدينة مراكش سنة 2007، حيث يتم تصنيع المنتجات الزخرفية بأيد مغربية محترفة، وفقا للطراز المغربي الأصيل وتسويقها في العديد من بلدان العالم. ورأت ليني أن النرويج يمكنها أن تحتضن مثل هذا المشروع الاقتصادي ذو البعد الجمالي، فكان إحداث فرع لهذه الوحدة الصناعية عبر جعل منطقة "إنيباك" بضواحي أوسلو مكانا مناسبا لإعداد التصاميم التي يحبذها النرويجيون وجعل الصناع المغاربة بمراكش يشرفون على إنتاج الطلبات المتزايدة لكي يتم ضمان جودة المنتوج وروعته الفنية. وعبرت ليني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن سعادتها بهذه الوحدة التسويقية المقامة في النرويج وانطلاق المشروع وإيجاد شركاء لإعداد تصاميم بناء على ذوق ورؤية الزبناء. وتؤكد أن الزليج المصنوع من الأسمنت جزء من هوية التراث والصناعة التقليدية المغربية، معبرة عن افتخارها بفريق العمل الأساسي من الحرفيين المغاربة الذين لديهم خبرة سنوات عدة من العمل في هذا الميدان. ولم يخف صامويل دوو - ساندي، أحد مسيري الوحدة الصناعية في مراكش (بوفام)، في تصريح مماثل، سعادته لكون الزليج المغربي أصبح يقتحم من خلال الوحدة الصناعية بالمدينة الحمراء، الآفاق الاسكندنافية. واعتبر أن الزليج المغربي، المتميز بأصالته وعراقته، يحظى باهتمام كبير لدى النرويجيين، مما أدى إلى فتح فرع للوحدة في أوسلو، مضيفا أنه سيتم بالنرويج العمل على إعداد نماذج عصرية تتوافق مع الذوق العام لسكان البلاد. وأشار إلى أن الوحدة التي تأسست سنة 2007 في مراكش تسوق منتوجها للزليج المغربي في العديد من البلدان، باعتباره يلقى ترحيبا هاما ويزداد الإقبال عليه يوما بعد آخر. وأكد أن إنشاء هذا الفرع سيفتح الباب أمام تسويق الفن المغربي المتجسد، على الخصوص، في الزليج الذي يعد عنصرا فريدا من نوعه على مستوى الجمالية وتزيين المباني القديمة والحديثة. ويلاحظ الزائر للوحدة التسويقية أن أغلب التصاميم المختارة من قبل سكان النرويج تميل إلى استعمال الزخرفات والأشكال البسيطة المتوافقة مع الرؤية الجمالية للنرويجيين الشغوفين بالألوان الهادئة مثل الأبيض والأزرق والبنفسجي. كما أنه يتم عادة اختيار زليج تستعمل فيه الزخرفة الهندسية، وهي جزء من الصناعة المغربية الأصيلة للزليج التي تضم أيضا أنواعا أخرى مثل "الزخرفة النباتية" و"التوريق" و"الزخرفة الخطية". ويأتي هذا الاختيار الجمالي نظرا للشغف الكبير للنرويجيين بالتراث المغربي الأصيل في مجال التزيين المنزلي والبناء التقليدي الذي يستعمل فسيفساء رائعة الجمال من حيث الألوان المختارة بعناية والزخارف المتنوعة والدالة على الأصالة الثقافية لفن الزليج المغربي. كما يستمد هذا الشغف بالطراز التقليدي المغربي للزليج أفقه من التراث الضارب في التاريخ، وخاصة التصاميم المشهورة في الأندلس والمناطق الجنوبية للمغرب التي تتميز بلمسات مغربية تتجدد مع التطور المجتمعي. يذكر أن هذه الوحدة التسويقية، التي افتتحت في نهاية الأسبوع الماضي، ستعمل على عرض تصاميم أصيلة ومبتكرة وفقا للطلب الداخلي في تناغم مع التقاليد المغربية الأصيلة.