لهذه الأسباب لا يطفئ عدد من الأطفال المغاربة شمعتهم الخامسة اكتفاء النساء الحوامل بزيارة واحدة للطبيب، الأوضاع السيئة للجنين في الرحم، النزيف والتعفنات، حالات تمزق الرحم، عدم إكمال الأطفال للتلقيحات الضرورية، العيش في ظروف غير صحية، كلها أسباب تؤدي إلى ارتفاع عدد وفيات الأطفال قبل سن الخامسة في المغرب مقارنة مع الدول الأخرى. وتتضارب الأرقام حول نسبة وفيات الأطفال المغاربة قبل سن الخامسة، فتقرير اليونيسيف لهذه السنة يقول إنها تصل إلى 34 حالة في الألف، وبذلك يحتل المغرب الرتبة ال81 عالميا، فيما يؤكد التقرير الوطني حول أهداف الألفية من أجل التنمية أنها تصل إلى 47 في المائة، مما يعني أن حوالي طفل من بين اثنين يتوفى قبل أن يكمل خمس سنوات. أما وزارة الصحة فتقول إن نسبة وفيات الأمهات والأطفال انخفضت في السنوات الأخيرة لتبلغ 6%، لكن كل هذه الأرقام تشير بوضوح إلى أن نسبة وفيات الأطفال المغاربة الكبيرة تعتبر مشكلا صحيا حقيقيا، والدليل على ذلك أن الوزارة نفسها وضعت تقليص نسب وفيات الأطفال إلى 15 وفاة عن كل 1000 في أفق 2012 هدفا لها في إستراتيجيتها لسنوات 2008-2012. ونظرا لحساسية الموضوع، رفض عدد من الأطباء الكشف عن أسمائهم وهم يتحدثون ل"أخبار اليوم" عن الأسباب التي تقف وراء هذه النسبة الكبيرة التي تسجل أغلبها بالوسط القروي، لكن عددا منهم أكد لنا أن وزارة الصحة المغربية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، إضافة إلى تفشي الفقر والجهل وسط الساكنة القروية، ويتمثل ذلك أساسا في تدني جودة الخدمات الصحية المقدمة في المناطق النائية والصعوبة الجغرافية والمالية التي تجدها الأمهات والحوامل في الوصول إلى المراكز الاستشفائية، إضافة إلى العزلة التامة لبعض المناطق خاصة في فصل الشتاء بسبب الثلوج. أما وزارة الصحة فتؤكد أنها واعية بحجم هذه الظاهرة، ولذلك فإنها، كما سطرت ذلك في إستراتيجيتها، تعمل على توفير وحدات المساعدة الطبية المتنقلة للحالات المستعجلة بالعالم القروي سواء بالنسبة إلى المرأة الحامل أو المولود، كما تقوم بالنقل المجاني للنساء الحوامل والمواليد الجدد من المراكز الصحية إلى المستشفيات المختصة عند الاقتضاء. وتراهن الوزارة، في هذا الصدد، على خلق مصلحة لإنعاش المواليد الجدد في جميع جهات المغرب، والتكوين المستمر لفائدة الأطر الصحية المختصة في الولادة وطب المواليد، إضافة إلى القيام بفحوصات جديدة للمرأة أثناء الحمل خاصة الضغط الدموي ومرض السكري وفقر الدم، مع تحديد فصيلة الدم وتنظيم حملات تحسيسية واجتماعية حول الأمومة السليمة، ووضع سجل وطني لتتبع وفيات الأمهات والأطفال الرضع. إحصائيات وزارة الصحة توضح أن وفاة المواليد الجدد دون 28 شهرا ترتبط ارتباطا وثيقا بالحالة الصحية للأم، وترتفع في الوسط القروي لتصل إلى 33 في الألف، وأن نسبة الأطفال دون السنة الواحدة تصل إلى 55 في الألف بالوسط القروي مقابل 33 في الألف بالوسط الحضري، كما أن أزيد من 16 في المائة من الأطفال الذين لم يكملوا تلقيحهم بعد يتوفون في عمر أقل من 23 شهرا.