وسط حضور جماهيري كبير، قام المجلس الاستشاري أمس بتسليم رفات الشهيد عبد السلام الطود إلى عائلته بمدينة القصر الكبير. واستقبلت عدد من السيارات على متنها حقوقيون الموكب الذي حمل الرفات من مدينة غفساي، قرب تاونات حيث كان مدفونا سرا، وسط زغاريد النساء، وتكبير عدد من الحاضرين. وأقيمت صلاة الجنازة على الراحل الذي كان قد تعرض للاختطاف والاغتيال سنة 1956، بالمسجد الأعظم، بالمدينة، وهو المسجد الذي كان والده يؤم الناس فيه ويلقي فيه الدروس الدينية. وحضر الجنازة ممثلون عن المنظمات الحقوقية المغربية، مثل المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، فضلا عن عدد من الشخصيات الحقوقية مثل المحامي خالد السفياني، وأحمد المرزوقي أحد ضحايا تازمامارت. في 12 يونيو 1956، وبينما كان عبد السلام الطود، الأستاذ في معهد مولاي المهدي بتطوان، خارجا من مقهى سانشيز بشارع محمد الخامس، رفقة صديقه إبراهيم الوزاني، إذ بشاحنة تعترض سبيلهما، نزل منها مجهولون في واضحة النهار وقاموا باختطاف الرجلين اللذين كانا في الأربعينات من العمر، ومنذ ذلك الحين لم يعرف مصيرهما، إلى أن ظهرت هيئة الإنصاف والمصالحة. وتعود أسباب الاختطاف إلى النهج المعارض الذي اتخذه الطود إزاء سياسة حزب الاستقلال الذي كان يسعى إلى تكريس سياسة الحزب الوحيد، حيث كان الضحية أسس حزب "المغرب الحر" أوائل سنة 1952، وتولى إدارة الجريدة الناطقة باسمه، والتي صدر العدد الأول منها بنفس الإسم "جريدة المغرب الحر" في فاتح مايو 1952. وعكست هذه الجريدة مواقف مناهضة لحزب الاستقلال ولجيش التحرير في منطقة الشمال، حيث كان يسميه "جيش التخريب الذي لم يقم بأية عملية ضد الاستعمار"، كما عرف بمعارضته الشديدة لمحادثات إيكس ليبان التي أدت إلى استقلال المغرب. بعد اختطافه، تم نقله إلى سجن دار بريشة بتطوان، ومنه إلى سجن سري في مدينة غفساي قرب تاونات، كانت تشرف عليه ميليشيات مسلحة تابعة لحزب الاستقلال. وحسب البيان الذي أصدره المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الأربعاء الماضي، فإن التحريات بينت أن الطود، رفقة صديقه إبراهيم الوزاني، تعرضا ما "بين سنتي 1956 أو 1957 للاحتجاز والتصفية بمعتقل سري كان يعرف ب"دار سليشر" بمدينة غفساي، اتخذه جيش التحرير مقرا له بعد الاستقلال"، وأن التحريات "أفادت بأن المرحومين الطود والوزاني تم دفنهما بالمقبرة المحاذية لمكان الاحتجاز الذي لا يفصله عنها إلا جدار". وتقول مصادر حقوقية إن ما ساعد على كشف قبر الطود، هو شهادات لعدد من الأشخاص الذين كانوا ينتمون إلى حزب الاستقلال، وزاروا المعتقل السري، حيث أكدوا أنهم سبق أن رؤوا الطود والوزاني في المعتقل، كما أكدوا أن المهدي بنبركة، القيادي في حزب الاستقلال، كان يتردد على المكان في تلك الفترة، وتشير المصادر أن هذه الشهادات سيتم نشرها قريبا.