إلياس... طفل تكسرت أحلامه على درب رحلة جهادية خاضها والداه إلى حدود اليوم، ما زالت فتيحة المجاطي تطوف بين أروقة مختلف الإدارات والسفارات من أجل تمكينها من جثمان زوجها وابنها آدم، الذي قتل رفقة والده من جهة، وتطالب من جهة أخرى بإنصاف ابنها إلياس، 16 سنة، الذي تحمل فتيحة المخابرات المغربية مسؤولية الوضع الصحي المتردي الذي آل إليه. فمنذ سنوات والطفل إلياس يعاني مشاكل نفسية كثيرة سببها له "الاعتقال التعسفي"، على حد تعبير والدته، وما نجم عن ذلك من أضرار نفسية وجسدية ومجتمعية لحقته كطفل، فضلا عن المعاناة التي يعيشها والعزلة الاجتماعية التي يوجد عليها هو وأمه جراء الملاحقات البوليسية ليل نهار وبدون انقطاع منذ إطلاق سراحهما، فإلياس لا يدرس ولا أصدقاء له، إضافة إلى مصاريف العلاج والحرمان من العديد من الأمور التي يعيشها أطفال في سنه. حياة أرملة المجاطي لم تتغير منذ أن غادرت أسوار المعتقل السري تمارة هي وابنها إلياس.. رجال المخابرات يلاحقونها باستمرار، وهي تحاول أن تتأقلم مع الوضع، الذي لم يزد إلياس إلا إرهاقا وتعبا. فما إن تطأ قدما امرأة طويلة تلتحف السواد باب عمارة بحي كوتيي الراقي بالعاصمة الدارالبيضاء حتى تتحرك سيارات رجال المخابرات المرابطين أمام بيتها ليتعقبوا خطواتها أينما حلت وارتحلت. ابنها إلياس يقول ضاحكا: "في إحدى المرات جاءت خالتي لزيارتنا، لكنها لم تصعد إلى البيت، حيث لم تجد رجال المخابرات أمام باب العمارة، فاستنتجت أن أمي غير موجودة". حتى سائقو سيارات الأجرة يلفت انتباههم أمر تعقب رجال المخابرات لها، بحيث يسألونها دائما ما إن كانت تعرف أصحاب سيارة مجهولة تتعقبهم، وهي لا تجد حرجا في القول بأنهم رجال المخابرات. تقول فتيحة: "لست أدري ما يريدونه مني، يلاحقونني باستمرار ويسببون لي الكثير من المشاكل"، قبل أن تضيف بحرقة: "لا يتركونني أتدبر قوت يومي، فأنا أحرص على رسم لوحات لأبيعها، لكنهم في كل مرة يحاربونني ويتوجهون إلى المحلات التي أقصد كي لا يشتروا مني شيئا". فتيحة تستغرب كيف أنهم يحاربونها في قوت يومها، وتقول: "كيف يريدونني أن أعيش، فأنا لدي ولد مريض يتطلب علاجه مصاريف كثيرة". المخابرات مازالت تشك في تحركات أرملة المجاطي، التي أثير اسمها عند اندلاع قضية أنصار المهدي، فالمرأة عاشت في أفغانستان مع أتباع زعيم القاعدة أسامة بلادن، ولا تتوانى في إبداء إعجابها به وبأفكاره. عن طريق زوجها، اكتسبت فتيحة معاني الجهاد، وعن ذلك تقول مازحة: "أنا علمته أمور الدين وهو علمني أصول الجهاد".