لا يعرف المغاربة، كغيرهم من المصابين، أية أقدار تبتليهم عندما تتعرض البلدان التي يعيشون فيها في المهجر لكوارث طبيعية أو مطبات سياسية. غير أن أشد الأقدار إيلاما يختزلها عنوان واحد يتكرر في كل مناسبة سيئة : اللامبالاة. وكأنهم نبتات برية خرجت في أرض خلاء، وكأنهم لا يحسبون على أية دولة في هذا العالم. قبل أشهر، في غينيا الاستوائية حملت الدبابات العسكر إلى سدة الحكم قبل أشهر، وانقلب البلد على رأسه، وسارعت كل دولة إلى الاسترشاد عن رعاياها، إلا المغاربة لم يكترث أحد لأمرهم، ولم يسأل أحد عنهم ولا عن أوضاعهم في تلك الدولة الافريقية البعيدة. في بولونيا الايطالية، عاصمة منطقة ايميليا رومانيا المضروبة بسلسلة زلازل قوية منذ ما يقارب الثلاث أشهر، يعيش مغاربة المنطقة، القانونيون منهم والسريون أياما عصيبة في غياب تام قناصل المملكة في ميلانووبولونيا. المهدي واحد منهم. فقد بيته في زلزال الاسبوع الماضي. عند كل اتصال بعائلته في المغرب لا ينفك ترديدا « لا أحد من المسؤولين يتفقد حالتنا أو يسأل عنا». المهدي تزداد معاناته ضعفين، حين يرى أن تونس خصصت ثلاثة طائرات لإجلاء رعاياها الراغبين في العودة إلى بلادهم بعد الكارثة، مع تخصيص سيارات أجرة لنقلهم من المطار إلى بيوتهم في مختلف مناطق تونس. «مواطنو الدول الأخرى يستفيدون من الخيام العسكرية والأطباء الذين يسألون عن حال الصغير والكبير في كل لحظة. مواطنون من بورتوريكو وبلغاريا واوكرانيا والارجنتين وباهاماس، تحمل إليهم المأكولات والمشروبات على مدار الساعة كل يوم. حتى تعبئة الهواتف المحمولة يتم توفيرها لهم، ومسؤولو قنصلياتهم يتناوبون باستمرار على أرض الكارثة، ويسألون عن التفاصيل الدقيقة في معيش المنكوبين دون توقف. حتى الدعم المعنوي، على أقل تقدير، غير وارد في مفكرة مسؤولي القنصليتين المغربيتين هناك. في غيابهم، يتطوع الطليان لتقديم كل أشكال المساعدة الممكنة لمغاربة ايميليا رومانا. بالامس نظم النسيج الجمعوي في بولونيا، وتجمع الكنائس الكاثوليكية والصليب الاحمر الايطالي وبلدية بولونيا، يوما تضامنيا مع كل المصابين والجرحى والقتلى ومن أضحوا بلا مأوى لتذكيرهم أنهم لن يكونو لوحدهم أبدا. «عزاء مهم لجاليتنا المنسية هناك» يقول المهدي، قبل أن تعود رنة الحزن في صوته القادم عبر الأثير من بولونيا وهو يردد على مسامع أقاربه « كاين الله ».