الكل كان منشغلا بشؤون «التقدية» واختيار ما نضج من الفواكه والخضر والتفاوض مع الباعة، بسوق الخيام بحي مولاي عبد الله بمدينة الدار البيضاء الثلاثاء الماضي. ضجيج مكبرات الصوت سيطر على المكان، بسبب بعض التجار الذين شرعوا في حث المتسوقين على اغتنام فرص لن تتكرر، زادهم في ذلك ما جادت به قريحتهم من كلمات موزونة، قد لا تجدها في أكثر الإعلانات احترافية، تسببت في ضجيج متناغم لايؤذي الآذان، بل أصبح جزء لا يتجزء من فضاء السوق. فجأة، تنكسر هذه الرتابة ويتبخر هذا التناغم، على وقع صوت مذعور: «شدوا الشفار!، شدوا الشفار!»، تختلط الأوراق وتتبعثر ردود الأفعال، ويتسرب الشك للمتسوقين الذين انتابتهم حالة من الخوف والاستنفار معا، قبل أن ينكشف عن هذا الهرج والمرج حينما سدد «با عمر» حجرا صوب رأس اللص سقط لقوتها أرضا على الفور مضرجا في دمائه التي اختلطت بريش الدجاجة التي كان يحملها بين يده، وفرت بجلدها من سارقها كما لو كانت تعرف مسبقا ما ينتظرها في أحد المطابخ! لم يكن «با عمر» يظن أن ردة الفعل هاته تجاه السارق «ربيع . ر» ستجني عليه، سيما بعد نقل الشاب مغشيا عليه إلى العناية المركزة بمستشفى محمد السقاط، حيث لم تنفع التدخلات الطبية في إبقائه على قيد الحياة، ليتم اعتقال بائع الدجاج من لدن الشرطة القضائية للمنطقة الأمنية عين الشق بالبيضاء، وتم وضعه تحت الحراسة النظرية، وإحالته أمس الخميس على أنظار الوكيل العام للملك باستئنافية الدار البيضاء، وهو غير مصدق لما اقترفت يداه، و لا كيف قادته الأقدار إلى ارتكاب جناية بسبب دجاجة وتهور لص!