حرب الاستقطاب انطلقت بين وزير الاتصال مصطفى الخلفي والمدير العام ل«دوزيم» سليم الشيخ، كل واحد يحاول استقطاب النقابات إلى صفه. الوزير عقد اجتماعين الأربعاء الماضي، الأول صباحا مع تنسيقية صحافيات وصحافيي دوزيم التابعة للنقابة الوطنية للصحافة، والثاني مساء مع نقابة مستخدمي دوزيم التابعة لل«إي إم تي»، دفتر تحملات القناة احتل حيزا كبيرا في صلب نقاش وزير الاتصال مصطفى الخلفي مع ممثلي النقابتين معا. نقابة ال«إي إم تي» أبدت منذ صدور الدفتر موقفا إيجابيا من مقتضياته، وثمنوا فتح باب النقاش حوله بعدما كان يصاغ في غرف مظلمة، ولم يخفوا إيجابياته أولا على مستوى الشكل، إذ يأخذ لأول مرة في تاريخ هذه الدفاتر،برأي أهل المهنة من خلال تنظميهم النقابي، وتتحول إلى قضية رأي عام، ويرفع عنها طابع السرية، ويتداول المواطن والنخبة السياسية مضامينه، ثانيا على مستوى المضمون، لبى دفتر القناة الثانية عددا من مطالب مذكرة نقابة ال«إي إم تي» وفق تصريح نائب كاتبها العام جمال بوزفور، لعل أهمها إيلاء أهمية كبرى للشق الإخباري، حتى تضطلع القناة على هذا المستوى بدورها الطبيعي في مواكبة التحول الديمقراطي بعد الاستفتاء على الدستور الجديد. ولن تتحقق هذه المواكبة حسب النقابة دون الإكثار من برامج الحوار و«التولك شوو» السياسي، وفي هذا السياق، طالبت النقابة بخمسة برامج حوارية عبر الأسبوع، وهو ما استجاب له وزير الاتصال. تبويء اللغة العربية ما تستحقه من مكانة ضمن خريطة البرامج، ويندرج في نطاقها عودة النشرة الرئيسية بالعربية إلى توقيتها الأول وهو الثامنة والنصف ليلا على أساس أن التوقيت المناسب للنشرة بالفرنسية للجالية المغربية المقيمة بأوربا مثلا يبقى السابعة مساء أي الساعة التاسعة بالنسبة لهم . «مسألة أساسية لم تسلط عليها أضواء الإعلام بما يكفي تهم الإنتاج في «دوزيم» والأولى تحولت في هذا المجال إلى مرتع فساد وأصبح لدينا الريع التلفزيوني «الفلوس تتفرق على عباد الله وتيديروها في جيوبهم دون تقديم منتوج يحترم شروط الجودة» يؤكد نائب الكاتب العام لنقابة «دوزيم». الآن تغير الوضع بشكل جذري مع دفتر التحملات الجديد، إذ وضعت مساطر شفافة كانت دائما ضمن مطالب النقابة كالشباك الوحيد، الاطلاع على المشاريع وفتح طلبات عروض بخصوص أعمال رمضان مثلا «هذه كلها أمور مهمة وتبناها وزير الاتصال في دفاتر التحملات فلماذا التركيز على الآذان خمس مرات أو نقل صلاة الجمعة....» يتساءل جمال بوزفور. واحد من اعتراضات المدير العام سليم الشيخ التي كررها في خرجاته الإعلامية دفعة واحدة، أن الوزير تدخل من خلال دفتر التحملات في شؤون البرمجة، ويرد نائب الكاتب العام أن هذا الكلام يندرج في باب الضحك على الذقون، متسائلا متى كانت القناة مستقلة في وضع شبكة برامجها؟ ألا تخضع لإملاءات واشتراطات المعلنين والمتحكمين ولوبيات شركات إنتاج بعينها. « هما لي تيفرضوا دير هذا هنا دير هذاك ليه» القناة كما يعلم أهل الدار تشتغل بمنطق التحكم عن بعد وماشي حتى جات حكومة ابن كيران ومصطفى الخلفي عاد باش الكل يتحدث عن مطلب إعلام حر وأن يشتغل الإعلامي بشكل مستقل عن الحكومة والبرلمان، مع أن السياسيين أنفسهم تنقصهم الجرأة للمطالبة بهذا النوع من الاستقلالية ولا يطالبون بها إلا حينما يتعرضون لما يعتبرونه إقصاء لهم». « الجانب المالي لي غادي يطلبوا تنفيد دفتر التحملات أنا قاد بيه»، كان هذا جواب وزير الاتصال مصطفى الخلفي للرد على القائلين باستحالة إنزال مقتضيات دفاتر التحملات على أرض الواقع. نقابة الاتحاد المغربي للشغل وتنسيقية النقابة الوطنية للصحافة، طرحتا الإمكانيات المالية والبشرية المتطلبة للتطبيق الحرفي لما جاء به الدفتر. الوزير طمأن ورد بشكل مباشر على المدير العام للقناة ونائبته مديرة الأخبار سميرة سيطايل، أنه فكر وقدر ودبر كل شيء قبل صياغة دفتر تحملات بهذا الشكل، والعقد البرنامج سيقدم الجواب على كل هذه التخوفات وبشكل ملموس. الوضعية المالية للقناة لا تخفى على أي أحد، وباتت على حافة إفلاس حقيقي، إذا لم تنقذ الدولة الموقف، وتضخ في ميزانيتها غلافا ماليا ضخما، المديونية فاقت كل التوقعات وتجاوزت حجم رأسمالها.«الله يحفظ وصافي». إقصاء الرياضة من شبكة برامج دوزيم فرض نفسه في لقاء الوزير مع نقابة ال«إي إم تي»، وكشف الخلفي عن حقيقة أن استبعاد أي إشارة إليها في دفتر التحملات كان استجابة لمذكرة الإدارة العامة، وقرأ لهم فقرة تفيد هذا المعنى «أنه إذا لم تكن الوضعية المالية تسمح، يمكن إقصاؤها أو الاستغناء عنها بالمرة». اللقاءات بين وزير الاتصال ونقابتي دوزيم، ستتواصل الأسبوع القادم، لن تكون الأولى والأخيرة، بل تأسيس مصطفى الخلفي للتأسيس لتقليد جديد يؤسس لحوار مؤسساتي. إذا هي حرب استقطاب، كل طرف يلعب بأوراقه، بعدما عقد سليم الشيخ لقاء مع التنسيقية مباشرة يوم الخميس الماضي. ولا يفهم ماذا ستكون نتيجة هذا الصراع رغم أن القنوات منكبة على تنزيل دفاتر التحملات المصادق عليه من طرف «الهاكا» اللاعب الكبير المغيب في هذه الحرب السياسية وليس الإعلامية.