لا يزال حزب العدالة التنمية اللاعب الرئيس في حلبة السياسات، على الرغم من أنه خسر بعض الدعم، من خلال إعطاء الانطباع بأنه يتحلى بالواقعية السياسية، والإنقسام الذي عرفه من خلال جناح العثماني وجناح ابن كيران، هو محاولة من الحزب لاستثمار هذه الإزدواجية السياسية، لكي تكون زاده في الإنتخابات القادمة، عبر الأخذ بعين الاعتبار أن ثمة مناخا يتميز ب "الاستياء العام" من السياسات الحزبية في البلاد، ومناخ إقليمي متقلب مما قد ينعكس عليه سلباً. لهذا يسعى الحزب لتعزّيز مواقعه كلاعب سياسي رئيس في البلاد، ويكسب ثقة الأطراف الدولية خاصة مواقفه الملتبسة وجمعه بين الدعوي والسياسي. إن الأوضاع الراهنة تخلق الكثير من حالات عدم اليقين عند العدالة التنمية، فليست هناك أولاً، ضمانات بأن الحزب قادر على الحصول على المرتبة الأولى التي تخول له قيادة الحكومة، وثانياً، الضائقة الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تقود إلى اضطرابات وحركات اجتماعية قد تجعل من الصعب على العدالة والتنمية أن يلعب دورا مُهيمنا أو بارزا. إن جو فقدان الثقة السائد من السياسات الوطنية اليوم، قد يعني أن الأوضاع الراهنة ستستمر من دون حل؛ لهذا فان خروج ابن كيران بقبعة الداعية هو استعداد لحملة انتخابية يقودها، واختيار لموقع الداعية هو نهج متعمد من ابن كيران لجر الفرنسين للتحاور مع العدالة والتنمية، لكونه ذلك الحزب المعتدل الذي لا يهدد المصالح الفرنسية، وكذلك الركوب على أي مظاهرات شعبية احتجاجا على تصريحات ماكرون. فلا يخفى على أحد استغلال العدالة والتنمية، وحساباتها بالنسبة للشارع من أجل توسيع خزانها الإنتخابي، وذلك بتوظيف تصريحات ماكرون، المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، من منطلقات إيديولوجية، في وقت تتعمق مخاوف العدالة التنمية من تواصل انحدار خزانها الإنتخابي ومعاقبتها شعبيا في الإستحقاقات القادمة بفعل حصيلتها التدبيرية السيئة البعيدة عن الاستجابة لمطالب مكافحة الفساد وتحقيق التنمية الإقتصادية.