انطلقت الجمعة 3 ماي 2019 بالصخيرات، المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، برعاية الملك محمد السادس، تحت عنوان: "العدالة الجبائية". وفي افتتاح أشغال المناظرة، التي عرفت حضور أعضاء الحكومة، والمفوض الأوروبي، بيير موسكوفيتشي، والمسؤولين السياسيين ومجموعة كبيرة من الفاعلين الاقتصاديين والقياديين النقابيين، شدد سعد الدين العثماني، على ضرورة المضي باتجاه التأسيس للعدالة الجبائية وخلق جسر الثقة بين الدولة، كضامن لاحترام القانون وبين الفاعل الاقتصادي والملزم بشكل عام. وأكد العثماني على أن النظام الجبائي بوصفه «آلية محفزة لإنتاج الثروة »، يجب «أن يتسم بالإنصاف والعدالة». ودعا العثماني إلى نبذ كل ما يمكنه أن "يرمي بظلال الظل على عمل الحكومة وعلى مناخ الاستثمار والمال بالمغرب». وفي هذا السياق، ذهب العثماني إلى الحديث عن مثال الأخبار الرائجة عن اعتزام الشركة الكندية المختصة في صناعة الطائرات «بومباردييه» إغلاق مصنعها بالمغرب. وقال العثماني في هذا الصدد :« الإعلام ينشر أخبارا حولها تحاول أن تبث الشك . والقول إن شركة بومباردييه تراجعت وانسحبت من الاستثمار في بلادنا أمر غير صحيح». وأضاف العثماني: «كل ما في الأمر أنها تعيد هيكلة استثماراتها دولياً، واستثمارها في المغرب مستمر وتشغيل معاملها مستمر. إذا لم نفهم هذا فإننا ننشر أخبارا تبث الشك لدى المواطنين والفاعلين الاقتصاديين». وارتباطا بموضوع المناظرة، فقد اعتبر العثماني أنها « فرصة سانحة لحوار وطني شفاف ومفتوح في موضوع مهم بالنسبة للتنمية الاقتصادية، وتتويج لنقاش وطني فتح فيه المجال للنقابات والأحزاب والجمعيات المهنية والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمجتمع المدني والبرلمانيين والجماعات الترابية والإدارات». ولفت العثماني إلى أن «التعديلات المتتالية للنظام الضريبي الوطني على مدى عقود في كل قانون مالية نتج عنها غياب الانسجام العام»، وقال بالحاجة إلى مراجعة شاملة وعميقة لهذا النظام. وأفاد العثماني أن «كثيرا من المقتضيات الضريبية لم تعد كافية للاستجابة لحاجياتنا بعد الإصلاحات التي دشنها دستور 2011 مؤسساتياً وإداريا». وبتفاؤله المعهود، لفت العثماني إلى أن «المغرب يعيش طفرة حقيقية على مختلف المستويات»، منبها إلى أنه «يوجد في محيط مضطرب يعيش غليانا سياسيا وإشكالات أمنية حقيقية واقتصادية، لكنه رغم ذلك يحظى برعاية الملك، وبحظ كبير من الاستقرار والأمن ووضوح الرؤية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية». من جابنه، أعلن وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، أن هذه المناظرة هي بداية ورش إصلاح «كبير للنظام الجبائي للمغرب في غضون الخمس سنوات المقبلة». وزاد بنشعبون موضحا أن هذه المناظرة تعتبر مساهمة في التفكير في النموذج التنموي لبلادنا الذي نادى به صاحب الجلالة . كما أنها تجسد الدور الأساسي الذي يلعبه النظام الجبائي في تحفيز الاستثمار المنتج وخلق الثروات وفرص الشغل. وأكد بنشعبون على أن الغاية الأساس من تنظيم المناظرة هي :« إعداد قانون إطار يعتمد الممارسات الفضلى ويأخذ بعين الاعتبار مساهماتكم واقتراحاتكم». واستطرد بنشعبون موضحا :« كما أن هذا القانون الإطار من شأنه أن يوضح الرؤية لمختلف الفاعلين الاقتصادين عبر برمجة الأهداف، التي نصبو إليها جميعا خلال الخمس سنوات المقبلة و سيكرس من جهة أخرى مجموعة من المبادئ أهمها العدالة، الفعالية والحيادية». وأضاف وزير الاقتصاد والمالية قائلا :«المناظرة تعكس من جهة رغبتنا في الأخد بعين الاعتبار التحديات على الصعيد العالمي في ما يخص الحكامة الجيدة للجبايات والمعايير التي يجب أن تعتمدها الأنظمة الضريبية. ومن جهة أخرى ضرورة إعداد تصور شمولي للجبايات بمختلف مكوناتها من ضرائب الدولة، والجبايات المحلية والرسوم شبه الجبائية». وأما الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، نور الدين بوطيب، فأكد على أن إصلاح النظام الجبائي رافعة أساسية في إطار تنزيل الجهوية الموسعة. واعتبره، أي الإصلاح، «التحدي الكبير والرهان الحيوي، الذي يتعين رفعه وتحقيقه». وقال إنه «المهمة الصعبة بالنظر إلى حجم الرهان وضخامة التحديات». ولفت بوطيب إلى أن ورش الجهوية الموسعة يحتم إصلاح النظام الجبائي بما يحقق العدالة الجبائية ويساهم في تقليص الفوراق المجالية ويعزز التماسك الاجتماعي ويضمن السلم الاجتماعي. وذلك، في ظل ما يفرضه اللاتمركز الإدراي، الذي يمنح الاستقلالية التدبيرية للجماعات الترابية .