بيروت 1 اكتوبر 2018/ومع/ بإعلان "دار الصياد" المالكة لصحيفة الأنوار وعدد من المجلات الفنية والمنوعة، التوقف عن إصدار منشوراتها ابتداء من الاثنين، تكون ورقة أخرى سقطت من شجرة القلعة الإعلامية بلبنان، بعد سلسلة قرارات مماثلة أقدمت عليها صحف ودور للنشر بالبلد. وجاء إعلان توقف هذه المؤسسة الإعلامية، التي بدأ صدورها في سنة 1959 ، بسبب "الخسائر المادية" التي تكبدتها الدار التي تصدر عنها تسعة مطبوعات أبرزها جريدة الأنوار ومجلة الشبكة التي تعنى بأخبار الفن والمجتمع والموضة ، حيث كانت من بين المجلات الرائدة في لبنان حتى الأمس القريب. كما تصدر هذه الدار العريقة، التي أسسها الكاتب سعيد فريحة في العام 1943 كواحدة من أقدم دور النشر الصحفية في لبنان، عددا كبيرا من المطبوعات السياسية والاجتماعية ومطبوعات متخصصة بالشؤون العسكرية والإدارية ومجال الاعلاميات والاتصالات والإلكترونيات. وبهذا القرار، الذي خلف صدمة في أوساط مختلف شرائح الجسم الإعلامي بلبنان، تكون هذه المؤسسة الاعلامية قد طوت آخر صفحاتها المهنية العريقة، وأنهت بذلك مسيرة مهنية طويلة من العمل الصحافي الملتزم بالقضايا الوطنية والقومية لمدة تفوق 76 سنة ، حيث واكبت خلالها أهم الأحداث التي مر بها لبنان ، ابتداء من الاستقلال عام 1943، مرورا بكبريات الأحداث العربية والعالمية وصولا إلى زمن الأزمات التي تضاهي في تداعياها كل أهوال الحروب. ويأتي قرار "دار الصياد" بالتوقف عن إصدار مطبوعاتها بعد أربعة أشهر من إقفال صحيفة "الحياة" العريقة لمكتبها في بيروت بعد سبعة عقود على تأسيسها جراء متاعب مالية، إلى جانب توقف صحيفة "السفير اللبنانية" واسعة الانتشار في لبنان والعالم العربي نهاية العام 2016 نتيجة أزمات مادية بعد 42 عاما من الإصدار، إلى جانب معاناة وسائل إعلام أخرى عريقة، من قبيل صحيفة " النهار" وصحف ومحطات تلفزية، من أزمات مالية، ما ينذر بتوقف نشاطها. ويطرح توقف هذه المؤسسات الإعلامية، العديد من الأسئلة حول واقع الصحافة بلبنان، باعتبارها منابر إعلامية تتفاعل مع عموم القراء واطلاعهم بمستجدات الساحة المحلية والقضايا الإقليمية والدولية، وكذا حول مستقبل المهنة ومعها مستقبل الوعي وصناعة الرأي العام بلبنان الذي عرف تاريخا حافلا طبع المسيرة الطويلة لمهنة المتاعب على المستويين المحلي والدولي. وأعقب إعلان انهيار هذه القلعة الإعلامية، التي ودعت قراءها ومجال الصحافة بلبنان، إصدار بيانات تضامنية من مختلف الأوساط الإعلامية والمتتبعين، حيث عبر "نادي الصحافة بلبنان" عن أسفه لقرار "دار الصياد" القاضي بالتوقف عن إصدار صحيفة "الأنوار" وسائر مطبوعاتها". وبعد أن أعرب نادي الصحافة عن اعتزازه ب "المسيرة الصحافية العريقة والطويلة لهذه الدار التي تأسست قبل 76 عاما، دعا كل المعنيين في الدولة لإيجاد حل لأزمة الصحافة التي لطالما ميزت لبنان بحريتها وعراقتها وانتشارها". من جانبها، قالت "نقابة محرري الصحافة اللبنانية" إن "توقف دار الصياد عن الصدور هو نبأ صادم للأسرة الصحفية والإعلامية في لبنان والعالم العربي، معتبرة أن " ما حل بدار الصياد وبالعديد من المؤسسات الصحفية والإعلامية من قبل يعكس مدى إهمال الدولة لقطاع الصحافة الورقية" رغم علمها بأن "أزمة الصحافة المكتوبة هي أزمة عالمية نتيجة التطور التقني". وحملت النقابة أصحاب المؤسسات والدور الصحفية قسطا وافرا من المسؤولية عما آلت إليه أوضاع مؤسساتهم، ودعت كل المعنيين في قطاع الإعلام بتنوع اختصاصاته إلى "التحرك من أجل إنقاذ الصحافة الورقية ودعمها ماديا ومعنويا لأنها جزء لا يتجزأ من تاريخ لبنان" ، مضيفة أن "إنقاذ الصحافة الورقية يعني إنقاذ صورة لبنان الحضارية القائم على تراث الحرية". يشار إلى أن العديد من الصحف المحلية تعاني من مشاكل ترتبط أساسا بتوقف التمويل الداخلي والعربي، موازاة مع ازدهار الصحافة الرقمية وتراجع عائدات الإعلانات وارتفاع أسعار الورق والمطابع، بالإضافة إلى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وتحاول هذه الصحف دون طائل تأمين موارد جديدة لمواجهة الأزمة المالية، وسط منافسة حادة من مواقع إخبارية إلكترونية والأخبار المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي.