قبل 68 عاماً أنشئت وكالة الأنروا التي تقدّم حالياً خدمات لنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة. ومعظم هؤلاء اللاجئين أبناء وأحفاد 700 ألف فلسطيني اضطرّوا للنزوح عن ديارهم خلال حرب عام 1948. إعلان الولاياتالمتحدة يوم الجمعة عن توقفها عن تقديم الدعم للأونروا، يعمّق الأزمة المالية في الوكالة ويزيد من توتر العلاقات بين واشنطن والقيادة الفلسطينية. لكن على الصعيد الشعبي، عبر لاجئون فلسطينيون، اليوم السبت، عن استيائهم من قرار الولاياتالمتحدة، وحذّروا من أنّ ذلك سيؤدّي إلى تفاقم الفقر والغضب بين اللاجئين، وسيؤدّي إلى زعزعة الإستقرار في الشرق الأوسط. ففي غزة، قال نشأت أبو العون وهو لاجئ وأب لثمانية إنّ "الوضع سيء وراح يزيد سوء.. وراح تنتشر الجريمة وينتشر القتل والسرقة... اليوم بالعافية الإنسان ملاقي لقمة الأكل وإذا لقمة الأكل بتنمنع.. بيصير الإنسان يفكر بشغلات مخلة بالأمن". وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت إنّ نموذج عمل الأونروا والممارسات المالية به "عملية معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه"، مضيفةً إنّ "توسع دائرة المستفيدين أضعافاً مضاعفة وإلى ما لا نهاية لم يعد أمراً قابلاً للإستمرار". وقد رفضت الأونروا هذا الإنتقاد ووصف المتحدث باسمها كريس جانيس الوكالة بأنها "قوة للاستقرار الإقليمي". وقال جانيس الذي كان يتحدث في الأردن حيث يعيش أكثر من مليوني لاجئ بينهم 370 ألفا في 10 مخيمات لللاجئين، إنّه "قرار مؤسف للغاية... بعض أكثر الناس حرمانا وتهميشا وضعفا على هذا الكوكب سيعانون على الأرجح". وأضاف قائلاً إنّ "الأونروا توفر الرعاية الصحية والتعليم لنحو 526 ألف طفل لاجئ في الأردن وسوريا ولبنان وغزةوالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وتقدم مساعدات غذائية إلى 1.7 مليون شخص منهم مليون في غزة". وقال جانيس: "عجز التمويل لدينا 217 مليون دولار... ورغم أننا فتحنا مدارسنا هذا الأسبوع، فقد أوضحنا أن ما لدينا من أموال سيغطي المتطلبات حتى نهاية سبتمبر أيلول فقط". وخفّضت الولاياتالمتحدة، وهي أكبر المانحين لأونروا بفارق كبير، هذا العام من تمويلها للوكالة ودفعت 60 مليون دولار فقط من الدفعة الأولى المقررة في يناير كانون الثاني وحجبت 65 مليونا. وكانت قد تعهدت بدفع 365 مليون دولار للعام بأكمله. وقالت واشنطن إنّ الوكالة تحتاج إلى تنفيذ إصلاحات لم تحددها ودعت الفلسطينيين للعودة لمحادثات السلام مع إسرائيل. وانهارت الجولة السابقة من محادثات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في 2014 بما يعود جزئيا لمعارضة إسرائيل لمساعي توقيع اتفاق مصالحة بين حركتي فتح وحماس ولبناء إسرائيل مستوطنات على أراض محتلة يريدها الفلسطينيون جزءا من دولتهم. ولم يرد تعليق بعد من الحكومة الإسرائيلية على قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لكن بعض الإسرائيليين رحبوا به. وقال يائير لبيد وهو نائب إسرائيلي معارض على تويتر "أونروا مسؤولة عن حقيقة أن من سجلوهم في الأصل وعددهم 750 ألف لاجئ (توفي أغلبهم منذ ذلك الحين) أصبحوا 5.5 مليون لاجئ مزيف إضافة إلى تقديمها غطاء للإرهاب. فقدت أونروا الرؤية فيما يتعلق بالهدف منها قبل فترة طويلة". وحثّ رئيس الوزراء الإسرائيلي هذا العام على اتخاذ إجراء ضد أونروا. وقال في كانون الثاني: لدينا بالفعل أحفاد أحفاد اللاجئين الذين لم يعودوا لاجئين... أقترح تحويلاً تدريجياً لكلّ الأموال التي تذهب لأونروا لوكالات أخرى تتعامل مع قضية اللاجئين". وقال فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ردّاً على سؤال من الصحافيين في بيروت يوم الجمعة عن احتمال تسلم مفوضيته لدور أونروا "اللاجئون الفلسطينيون في المنطقة هم مسؤولية أونروا" ولم يدل بأي تعليق آخر. وخطوة قطع التمويل عن أونروا هي الأحدث ضمن عدة إجراءات اتخذتها إدارة ترامب وتسببت في توتر مع الجانب الفلسطيني منها الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. وكانت الخطوة تراجعا عن سياسة أميركية متبعة منذ فترة طويلة ودفعت القيادة الفلسطينية إلى مقاطعة جهود السلام الأميركية التي يقودها جاريد كوشنر مستشار ترامب وصهره. واتهم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات يوم السبت واشنطن بتنفيذ أجندة "متطرفين إسرائيليين لم يفعلوا أي شيء إلا تدمير آفاق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين". وقال في رام الله "الولاياتالمتحدة ربما لديها الحق في القول إنها لا تريد منح أموال دافعي الضرائب.. لكن من أعطى الولاياتالمتحدة الحق في الموافقة على سرقة أرضي ومستقبلي وطموحاتي وعاصمتي ومسجدي الأقصى وكنيسة القيامة". وفي مخيم الجلزون قرب رام الله في الضفة الغربيةالمحتلة قال أيوب عبيدي( 53 عاما)، والذي كانت عائلته تعيش ذات يوم في مدينة اللد التي تقع الآن في إسرائيل، إنّ القرار سياسي. وأضاف: "أصلاً التقليصات موجودة في خدمات الوكالة واحنا عارفين أن ترامب بدو ينهي الوكالة علشان ينهي حق اللاجئين (في العودة)... احنا حقنا في العودة موجود وبدنا نحافظ عليه لا ترامب ولا غيره يقدر يلغيه".