شهدت الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي ينعقد حاليا في الفترة ما بين 21 و30 نوفمبر ندوة حول موضوع "نيتفليكس ومستقبل التوزيع السينمائي" قام بتسييرها الناقد أسامة عبد الفتاح.. المشاركون في الندوة تطرقوا لظاهرة الإقبال الكبير على الاستفادة من خدمة عرض الأفلام منزليا عن طريق الإنترنت، وتشغيل خدمات "نتفليكس" في مصر والعالم العربي، وناقشوا الانعكاسات الايجابية والسلبية لهذه الظاهرة على تطورات الإنتاج والتوزيع والعرض العالمية، خصوصا صناعة السينما في المنطقة العربية، وما يُثار حول زيادة إيرادات الأفلام الأجنبية مقارنة بالأفلام العربية، واحتمالية التأثير السلبي لذلك على عادة ارتياد قاعات العرض السينمائي . شارك في الندوة كل من المخرج الأردني محمود المساد، والناقد اللبناني محمد رضا، المنتج والسيناريست المصري محمد حفظي والمنتج المصري عمرو قورة، الذي بدأ الحديث بالإشارة إلى دور شبكة "نتفليكس" في إتاحة فرصة الترفيه للمشاهد، بحيث أصبح بإمكانه الاستمتاع بالأفلام في الوقت الذي يريده، والمكان الذي يناسبه، وبالطريقة التي تلائمه، وأوضح أن شركة "نيتفليكس" التي تم إطلاق خدماتها منذ عشرين عامًا، تخصصت في توفير المواد الفيلمية للمشتركين من خلال الإنترنت وتخطت المائة مليون مشترك، كما استهدفت إنتاج أعمال بجودة عالية تتناول موضوعات تهم العالم بأكمله، وتجاوزت حدود المواضيع التقليدية التي تخص دولة بعينها، مستعينة في ذلك بطرائق مبتكرة للتسويق، مؤكدا أن هذا الأمر سينعكس بشكل إيجابي على التوزيع، وسيتيح لصناع السينما المستقلة والتجريبية أن يعرضوا أعمالهم بشكل أوسع، والوصول والتواصل مع الجمهور بشكل أكبر. المخرج الأردني محمود المساد وافق عمرو قورة في حديثه الأخير، مؤكداً أن السينما الشبابية، وصانعيها، هم أكبر المستفيدين من "نيتفليكس" التي ستلعب بالتأكيد دوراً كبيراً في الترويج لأعمالهم، بدلأ من أن يصبح عرض الأفلام المستقلة، وأفلام المخرجين الشباب، مقتتصرا على شاشات المهرجانات، في إطار فرص ضئيلة، ومحدودة، كما أن الشبكة ستؤثر ايجاباً على عملية الإنتاج في الوطن العربي، وربما تمنح المشاهدين فرصة كبرى لرؤية إنتاجات عربية متعددة .وأختتم المساد كلمته بالقول : "تلك الشبكة التي تبلغ من العمر عقدين أحدثت نقلة نوعية في الدراما العربية الجيدة، لأن المشاهد لن يبتاع محتوى ساذجا لا يحترم عقله، وهو ما أدركته "نتفليكس"، وسعت إلى تجنبه بالتركيز على انتقاء الأعمال ذات الجودة الفنية العالية" . أما الموزع طارق صبري فقد رفض من جهته القول إن انتشار ونشاط شركة "نتفليكس" سيؤثر سلباً على النشاط السينمائي التقليدي، لكنه عاد للتأكيد أن دور العرض ستتأثر بنشاطها، وهو ما يُعيد إلى الذاكرة ما جرى في أعقاب ظهورأشرطة الفيديو، في أواخر القرن الماضي، مُجدداً القول إن الشركة الأمريكية لم تنتشر بالشكل المتوقع بعد، حيث ما زالت تعمل في مصر بخمس طاقتها، ولا يختلف الحال كثيراً في المنطقة العربية، متفقاً مع الأراء التي ترى أن صناع السينما من الشباب هم أكثر المستفيدين من "نتفليكس" . أما المنتج والسيناريست محمد حفظي فقد تطرق إلى الصعوبة التي تواجه الشبكة من حيث التأقلم مع السوق السينمائي المصري، مشيراً إلى أنها رغم تماشيها وتدعيمها للسوق الدرامي، ومساعدتها على تحقيق الكثير من الانتشار للأعمال الدرامية، فإن الأمر بالنسبة إليها يختلف في مجال صناعة السينما ، التي تعاني العديد من الأزمات والتحديات، مثل القرصنة والتوزيع وغيرها من الأزمات المتواجدة منذ فترة ليست بالقصيرة، وأضاف أن الأعمال العربية المعروضة عبر الشبكة لا تتجاوز الخمسة عروض،على رأسها الفيلمين الإماراتيين "زنزانة" و"المختارون" وفيلم آخر لبناني أمريكي، واعترف بفشل المفاوضات التي أجرتها "نيتفليكس" معه في ما يتعلق بعرض أفلام شركته، بعد ما أرادت أن تحصل على أحقية العرض شريطة ألا يتم طرح المصنف عبر أية قناة أخرى إلا بعد أربع سنوات، وهو ما رآه أمرًا مستحيلاً، وصعب التنفيذ، كونه سيؤثر على العائدات الإجمالية للفيلم، مشيرًا إلى أنه تجربته مع شركة "نيتفليكس" قادته إلى قناعة بأن المصنف المصري هو الأعلى سعراً من بين المصنفات الفنية العربية على تلك الشبكة . من جهة أخرى، كشف الناقد اللبناني محمد رضا أن "تدخل الشبكة الأمريكية في تفاصيل العمل، وطرح الأعمال السينمائية على شبكة الانترنت سيؤثر على نظرة المشاهد للسينما"؛ مشيرًا إلى أن تدخلها سيقلل من حرية المخرج / المبدع، كما أن نظرة المشاهد للسينما ستتأثر سلباً، وأعاد القول إن مشاهدة العمل داخل دور العرض السينمائية له مذاق خاص وطابع متفرد، كون السينما ليست فعلا فرديا بل هي فعل جماعي، وشدد على أن الاقبال على الاعمال التي تعرضها الشبكة في المنازل سينعكس بشكل سلبي للغاية على السينما، التي ستتأثر بشكل ما، وستتراجع إيراداتها مما سيؤدي إلى تدهور إنتاجها .