نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا للصحافي باتريك كوكبيرن، تكشف فيه عن سبب تخلص قوات الأمن العراقية من أسرى تنظيم "داعش". وتكشف الصحيفة عن أن قوات الأمن العراقية تقتل أسرى "داعش"؛ لأنهم يعتقدون أنه إذا تم إرسالهم إلى السجون فإنهم سيقومون برشوة السلطات في بغداد لإطلاق سراحهم. وينقل التقرير عن مصدر عراقي، قوله: "هذا هو السبب الذي يجعل الجنود العراقيين يفضلون إطلاق النار عليهم، أو إلقاءهم من البنايات العالية"، فيما قال مسؤول عراقي سابق كبير إنه يستطيع تحديد المبلغ الذي يحتاج المنتمي ل"داعش" دفعه بالضبط ليشتري وثائق تمكنه من التجوال في أنحاء العراق. ويبين كوكبيرن أن "أحد أسباب العثور في نهر دجلة على جثامين المشكوك في انتمائهم ل"داعش" برصاص في الرأس، أو مقيدي الأيدي خلف ظهورهم، هو اعتقاد الجنود العراقيين بأن حكومتهم أكثر فسادا من أن تبقي مقاتلي التنظيم في المعتقلات، بالإضافة إلى أن حب الانتقام والكراهية، التي ولدتها جرائم "داعش"، يعدان دافعين للقتل خارج إطار القانون الذي تقوم به فرق الموت، بالإضافة إلى عدم الثقة بالنظام القضائي العراقي، الذي أصبح فاسدا ومختلا". وتذهب الصحيفة إلى أن "الشعور بالاضطهاد في نهاية حرب عنيفة يشرح جزئيا لماذا يعتقد الكثير من العراقيين بأن أعضاء "داعش" الخطيرين يمكنهم دائما استخدام الرشوة للحصول على الحرية، وهناك عشرات المقالات على مواقع التواصل الاجتماعي من بغداد تدعي بأن العديد من المفجرين الانتحاريين، الذين يقتلون عشرات المدنيين، كانوا سابقا مسجونين لدى القوات الأمنية العراقية، وتم إطلاق سراحهم مقابل مبالغ دفعوها". ويشير التقرير إلى أن أحد هذه المنشورات، يقول: "نموت في بغداد بسبب الفساد"، وتقول إحدى التغريدات على "تويتر": "تنظيم الدولة يدفع للحكومة، ويقتلنا في بغداد". ويعلق الكاتب قائلا: "قد تكون هناك مبالغة في المخاوف، لكن ليست دون سبب، وقد يكون "داعش" مني بخسائر كبيرة في الموصل، لكنه قادر على العمل، حيث قال مسؤول كردي كبير: (تم اكتشاف ما لا يقل عن 17 انتحاريا مؤخرا في جنازة أحد قيادات قبيلة شمر في ربيعة، ما يظهر أن التنظيم لا يزال قادرا على التخطيط للعمليات وتنفيذها، حتى وإن كان أضعف)". وتلفت الصحيفة إلى أن المعارضين ل"داعش" من الموصل يوجهون الاتهام ذاته، حيث قال سليم محمد، من سكان النبي يونس في شرق الموصل: "أعرف رجلين في منطقتي، وهما معروفان بانتمائهما للتنظيم، وقامت الحكومة بإطلاق سراحيهما.. أحدهما كان يشارك في دوريات "داعش" للترصد لمن يدخنون"، وأضاف أن الناس خائفون من المشكوك في تعاونهم، الذين تم إطلاق سراحهم، حيث يخشون أن يكونوا تابعين "لخلايا نائمة"، أو أنه تم تجنيدهم عيونا للحكومة العراقية. ويقول سليم للصحيفة إن سببا مهما من أسباب عدم الثقة بين أولئك الذين عارضوا "داعش" دائما وأولئك الذين انضموا إليه أو تعاونوا معه، هو أن الفريق الأخير تمكن من إنشاء تجارة مزدهرة خلال الثلاث سنوات التي قضاها التنظيم في السلطة، وقال إن "كثيرا من أولئك المتعاونين كانت لهم متاجر في الأسواق، وكان الناس يشترون منهم مع أنهم كانوا مقاطعين لملاك تلك المتاجر"، وقد عرف رجلا كان فقيرا قبل وصول تنظيم الدولة، لكنه تكسب من خلال العمل في حراسة حواجز التنظيم، حيث يضطر الكثير لدفع رشاوى كبيرة للمرور عبر الحواجز، وتم احتجاز الرجل وإطلاق سراحه، ثم انتقل هو وعائلته إلى تركيا. ويفيد التقرير بأن معظم قيادات ومقاتلي "داعش" يتحدرون من القرى السنية الفقيرة في أطراف الموصل، وعندما كانوا يسيطرون على الموصل كان هناك عداء بينهم وبين أهل المدينة الأصليين، حيث يقول سليم: "ما يثير الغضب بالذات في الموصل هو أن عائلات التنظيم الثرية يتم إطلاق سراحهم ليعودوا للعيش في بيوت فارهة، في الوقت الذي لا يزال يعيش فيه الفقراء في مخيمات اللاجئين". ويكشف كوكبيرن عن أن الوضع في شرق الموصل أفضل بكثير مما هو في غرب الموصل؛ لأنه كان دائما أكثر ثراء من غرب الموصل، كما لم يشهد الدمار ذاته الذي شهده غرب الموصل، حيث خرج من تحت سيطرة التنظيم منذ ستة أشهر. وتستدرك الصحيفة بأنه رغم أن الحكومة العراقية تدعي أنها حققت انتصارا كاملا على "داعش" في المدينة القديمة في غرب المدينة، فإن هناك أحيانا صوت إطلاق نار وغارات جوية، وهناك نزوح جماعي للناس عبر نهر دجلة من المناطق المدمرة تدميرا شبه كامل إلى شرق الموصل، حيث تتوفر المياه والكهرباء، بالإضافة إلى أن نقص السكن في المدينة أدى إلى ارتفاع أسعار التأجير إلى ثلاثة أضعاف المستوى العادي. وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن ما حسن الأوضاع الاقتصادية في الموصل هو دفع الحكومة لرواتب الموظفين الحكوميين، التي لم تكن تدفع تحت حكم "داعش"، حيث تم الدفع للموظفين في سلك التعليم والصحة والبلديات، ما حفز النشاط في الأسواق، وبدأ الناس بشراء السيارات والبيوت ثانية، بالإضافة إلى أن هناك طوابير طويلة من الشاحنات التي تأتي بالبضائع من أربيل والمناطق الكردية الأخرى.