أجساد منهكة، وسنحات لفحتها شمس الصحراء فذهبت ببياض بشرتها وعوضته اسمرارا، وعيون خائفة ذابلة من فرط التعب، لكن بريق الأمل بانتهاء المأساة يسكنها ويتبدى جليا فيها. هكذا بدا ال28سوريا المشكلين لل13 عائلة سورية، التي أصدر الملك محمد السادس تعليماته بدخولهم المغرب ووضع حد لمأساة عاشوها أكثر من شهرين عالقين على الحدود المعربية الجزائرية بمنطقة فكيك. أطفال صغار، ونساء ، ورجال .. حظوا مساء الأربعاء 21يونيو 2017، بحفل استقبال بمقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عند وصولهم إلى الرباط قادمين من بوعرفة . وبالرغم من العياء والإنهاك الشديدين، لطول المسافة الفاصلة بين بوعرفة والرباط، والتي قطعوها على متن حافلة، ولكن أيضا بسبب المعاناة التي عانوها شهورا عالقين على الحدود، كان هؤلاء السوريون فرحين بدخول التراب المغربي. وردد السوريون عبارات الشكر والامتنان للمحمد السادس ، الذي وضع حدا لأزمتهم بقراره الملكي القاضي باستقبالهم بالمغرب، ولكل من ساعدهم خلال محنتهم عند الحدود المغربية -الجزائرية. وترددت عبارات الامتنان على ألسنة السوريين، أطفالا ونساء ورجالا، وهم يثمنون الالتفاتة الإنسانية للملك محمد السادس، والتي أنهت فصلا طويلا من معاناتهم. بل ومنهم من أكد أن إقامته بالمغرب واستقراره به نهائية ولن يبغي غير المغرب بلد احتضان. وندد عدد من هؤلاء السوريون بما وصفوه "استغلال الجزائر لمأساتهم الإنسانية سياسيا ". هذا فيما قال أخرون بيقينهم أن "حل أزمتنا رهين بالمغرب الذي نعرف مقدار التزامه اتجاه قضايا الشعوب العربية ودعمه للشعب السوري في محنته ". أزيد من 94يوما في الصحراء، في مواجهة مباشرة مع تقلبات الجو ومع الأفاعي والعقارب وعدد من الحيوانات البرية التي ما تزال تحبل بها الصحراء، ( 94 يوما) أضحت من الماضي . هذا ما أكده هؤلاء السورويون وهم يعبرون عن الأمل في حياة الاستقرار. وستقيم العائلات السورية ال13، التي تم استقبالها بالرباط، في انتظار تولي المفوضية العليا لللاجئين بالمغرب تسوية أوضاعهم، وفق تصريحات كل من ممثل مفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين بالمغرب، جان بول كافالييري، و مدير ديوان رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبد الرزاق الحنوشي. واعتبر ممثل مفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين، جان بول كافالييري، في كلمة له أمام وسائل الإعلام أن التفاتة الملك محمد السادس نحو الأسر السورية التي ظلت عالقة على الحدود المغربية – الجزائرية، " مبادرة شجاعة مكنت المغرب من إيجاد مخرج مشرف للمأساة". وأوضح المتحدث ذاته، أن مفوضية الأممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين ستقوم بالتنسيق مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان في كل ما يتعلق بالشق الإنساني من أجل توفير الحاجيات الأساسية لهم وتوفير ظروف الراحة والاستقلال. وكان الملك محمد السادس قد أصدر الثلاثاء 20يونيو 2017، الذي يصادف اليوم العالمي للاجئين، تعليماته لإنهاء معاناة 28 لاجئا سوريا ينتمون ل13 عائلة بعدما قضوا أكثر من شهرين في الحدود المغربية- الجزائرية. وقد أوضح البلاغ الصادر بهذا الشأن عن الديوان الملكي أنه "نظراً لاعتبارات إنسانية وبصفة اسثنائية، أعطى الملك، تعليماته إلى السلطات المعنية لمباشرة المعالجة الفورية لوضعية مجموعة من 13 أسرة من جنسية سورية توجد منذ عدة أسابيع على الحدود الجزائرية المغربية". وأضاف البلاغ أن هذه العناية الملكية تعكس "الالتزام الإنساني للمملكة في معالجة إشكاليات الهجرة، كما أنها تأتي في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الأبرك، شهر الرحمة والتضامن. ويتعلق الأمر بإجراء ذي طابع استثنائي أملته قيم إنسانية".