ثمنت عدد من وسائل الإعلام موقف المغرب من الأزمة الخليجية، حين أعرب المغرب، عن استعداده ل"بذل مساع حميدة من أجل تشجيع حوار صريح وشامل" بين الدول الخليجية الأطراف في الأزمة التي تشهدها المنطقة، مؤكداً على موقفه المحايد من الخلاف الحاصل. وبقرار المغرب الذي عبر عن الانشغال البالغ ب "تدهور العلاقات" في الأيام الأخيرة بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر وبلدان عربية أخرى من جهة، وقطر من جهة أخرى، تكون المملكة قد ارتكنت لصوت العقل، ولم تسر في اتجاه توسيع الهوة بين الأشقاء. هذا التصريح الرسمي للمغرب حول أزمة العلاقات في الخليج التي تصاعدت منذ الأسبوع الفائت بقطع الدول الخليجية الثلاث ومصر لعلاقاتها مع قطر، كان متعقلا، لكونه لم يسع للاصطفاف مع جهة ضد أخرى، لعلمه أن استمرار الخلاف لن يكون في صالح الدول العربية، لذلك دعا، دول الخليج ل"ضبط النفس، والتحلي بالحكمة من أجل التخفيف من التوتر، وتجاوز هذه الأزمة، وتسوية الأسباب التي أدت إليها بشكل نهائي، انسجاما مع الروح التي ظلت سائدة داخل مجلس التعاون الخليجي". ومن منطلق موقفه المنسجم مع سياسته المعتدلة والواضحة، والتي تبتغي المصلحة العليا لدول الخليج، قبل البحث عن المصلحة الشخصية، رفض المغرب أن ينساق وراء اللعب على حبل الخلافات، كما فعلت دول أخرى، بل عملت المملكة منذ البداية في اتجاه إصلاح ذات البين، حيث أشارت الرباط إلى أنه "منذ اندلاع الأزمة قام العاهل المغربي الملك محمد السادس،باتصالات موسعة ومستمرة مع مختلف الأطراف". وأكد أن "المملكة حرصت على عدم الانزلاق وراء التصريحات واتخاذ المواقف المتسرعة والتي لا تقوم سوى بتأجيج الاختلاف وتعميق الخلافات". هذا الموقف المغربي الذي" جاء بالنظر للروابط الشخصية المتينة، والأخوة الصادقة، والتقدير المتبادل بين الملك محمد السادس وملوك وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي"، "وأيضا أخذاً بعين الاعتبار للشراكة الاستراتيجية المتميزة للمغرب مع دول المجلس"، يكشف مرة أخرى عن السياسة المتعقلة وغير المندفعة للمملكة، والتي لاتأتي كرد فعل متسرع، بل تإخذ بالاعتبار كل الأبعاد قبل الإقدام على خطوات غير محسوبة العواقب. ومايؤكد أكثر على وضع المملكة للمصلحة العليا لدول الخليج في المقام الأول، هو كون المملكة قد لاتتضرر بشكل كبير من استمرار واتساع الخلاف، باعتبار أن "المغرب الذي يربطه علاقات قوية بدول الخليج في كافة المجالات..بعيد عنها جغرافيا"، لكنه مع ذلك "يشعر أنه معني، بشكل وثيق، بهذه الأزمة دون أن يكون له صلة مباشرة بها". ومن هذا المنطلق اختارت الرباط أن يكون موقفها قائم على الحياد البناء، دون أن "يضعها في خانة الملاحظة السلبية لمنزلق مقلق بين دول شقيقة"، مغلبا صوت العقل، لعلمه أن الخلاف إجلا أم عاجلا محكوم عليه بأن ينتهي، لعدة اعتبارات، والمملكة لايمكنها أن تبحث عن مصالح ذاتية على حساب دول شقيقة، وتلك هي الحكمة التي يسير عليها جلالة الملك في تدبير السياسية الخارجية للمملكة.