كانت لحظة تلفزيونية رائعة، ككل ليلة سبت على القناة الفرنسية الثانية في برنامج ‘‘ لم ننم بعد ‘‘. مرشح الرئاسة الفرنسية عن جبهة اليسار، جان لوك ميلانشون، يتربع عرش الضيف السياسي، ليجيب على الأسئلة، كل الأسئلة العادية والمحرجة، من منشط البرنامج لوران روكيي ومعاونيه يان مواكس وفانيسا بوركاف، باعتباره مرشحا للرئاسة الفرنسية في الانتخابات المقبلة. ميلانشون، الذي لا يختبئ وراء لغة الخشب عندما يحضر أمام عدسات كاميرا التلفزيون، قدم عرضا حول تصوره لفرنسا المستقبل، في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة، مدافعا عن برنامجه الانتخابي، واختلافاته الكثيرة والعميقة مع باقي المرشحين، بدءا من مرشح الحزب الاشتراكي بونوا هامون، مرورا بمانويل ماكرون وفيون ، وانتهاء بمارين لوبين، مرشحة الجبهة الوطنية بكل وضوح وموضوعية. ما يهمنا كمغاربة في هذا النقاش الفرنسي – الفرنسي الخاص، يكمن في الإشادة الخاصة التي وجهها مرشح جبهة اليسار الفرنسية لسياسة الهجرة في المغرب. في معرض إجابته عن سؤال الهجرة ومشاكلها في فرنسا اليوم، وارتباطا بانتقاده المباشر لمارين لوبين مرشحة الجبهة الوطنية تحديدا قال جان لوك ميلانشون ‘‘ لا أعرف لماذا يخبئ مرشحو الرئاسة الفرنسية رؤوسهم في الرمال عندما يقفون أمام مارين لوبين ؟ يجب علينا أن نواجه هذه السيدة بملأ الأعين، لنقول لها لا يمكن أن نقبل بتصنيف المواطنين الفرنسيين وفق ألوانهم وسحناتهم وأشكالهم. ما تقدمه مرشحة الجبهة الوطنية من حلول للهجرة لم يعد مقبولا. علينا أن نتعلم الدرس المغربي في مسألة الهجرة. هذا اليلد الذي يعاني كغيره من الدول النامية من مشاكل عديدة، يتننى اليوم سياسة هجرة متقدمة كثيرا عن ما نقدمه في فرنسا اليوم، بالرغم من تقاليدنا العريقة في استضافة المهاجرين. هناك في المغرب، توجد إرادة حقيقية لإدماج المهاجرين، وهو ما تم ترجمته على أرض الواقع منذ أكثر من سنة ونصف. ما الذي يضيرنا في فرنسا إذا أدمجنا المهاجرين الهاربني من بؤر التوتر والحروب أو غيرها من الأسباب الخاصة، بالإضافة إلى كل من يتوفر على عقد عمل، ثم نقيم الحساب فيما بعد ؟ . إجابة ميلانشون حازت على تصفيقات الحاضرين في البرنامج ، وتفاعل معها منشط البرنامج ومعاوناه بالكثير من الإيجابية. درس ميلانشون في ‘‘ لم ننم بعد ‘‘ يجب أن يعبر من فرنسا إلى المغرب، حيث يصر أتباع اليسار الراديكالي ( والعديد منهم يضعون جان لوك ميلانشون في مرتبة القديس ) في خطبهم العصماء على توجيه نيران الانتقاد من أجل الانتقاد لكل سياسات المغرب، وعلى رأسها سياسة الهجرة. مرور المعطي منجب في فرانس 24 قبل أيام ومرور ميلانشون مساء السبت في فرانس 2، يختزلان كل الفرق بين التحليل العميق للأحداث والقدرة على القراءة السليمة بغض النظر عن التوجهات الأيديولوجية المختلفة، وبين ‘‘ التشيار ‘‘ المعجون بكل خلطات الاستسهال والشعبوية .