دعا أمين سر أكاديمية المملكة، عبد الجليل الحجمري إلى ترسيخ وإدماج قيم الحداثة ضمن برامج ومناهج التربية والتكوين في المدرسة والجامعة، باعتبار المهم الدور الذي تضطلع به. وقال الحجمري في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الأربعة والأربعون لأكاديمية المملكة الثلاثاء بالرباط، إن "المدرسة والجامعة ومختلف مؤسسات التنشئة والبحث العلمي تضطلع به بدور مهم في ترسيخ قيم الحداثة، لاسيما ما يتصل منها بقيم العقل والحرية والمواطنة واحترام الآخر، وهذه القيم إذ تشكل مشتركا إنسانيا، يجب أن تدمج في برامج التربية والتكوين والبحث، من أجل بناء إنسان متفتح ومتأقلم مع ثقافة العصر ومعارفه وله قدرة على الحوار وممارسة البحث بحرية بناء على شروط النقد البناء" . وأضاف المتحدث نفسه أن "العلوم الانسانية والاجتماعية تعتبر في هذا الإطار، أحد المداخل الرئيسية للإعلاء من شأن هذا المشترك القيمي الانساني، الذي تتأسس عليه الحداثات عبر تاريخها وسياقات إبداعها وممارساتها في الحياة الفكرية واليومية وفي العلاقة بالآخر وبالفكر الإنساني المتنور". واعتبر المسؤول الأكاديمي أن التفكير في الحداثة اليوم، وهي موضوع هذه السنة الذي اتخذ شعار «من الحداثة إلى الحداثات»، "هو من غير شك تفكير في إحدى أبرز وأعمق وأعقد التحديات التي تواجه مجتمعنا في العلم والسياسة والاقتصاد والتكنولوجيا، مضيفا أن "الحداثة ليست شكلا من أشكال الثقافة لأنها مفهوم زمني بالأساس، فلكل عصر حداثته التي تنبع من تحول تاريخي يشرط الحياة، باعتبار أن حداثة المجتمع تتحدد بوضع المعرفة والتطور". وزاد الحجمري في حديثه عن الحداثة أن "ما نحياه اليوم في مجتمعنا من تحولات عميقة تمس في جوهرها سؤال الهوية وتعقد الرؤية الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية الفاعلة والمؤثرة في السلوك والممارسة، تجعل للحداثة تاريخا اقترن بثورة اقتصادية وبإحياء للتراث ونقده بالإيجاب وارتبط أحيانا بثورة سياسية موجهة ضد الفيودالية والكنيسة وثورة فكرية معتمدة على إعلاء دور العقل" . ووجه الحجمري دعوته للعلماء والمفكرين والباحثين والاعلاميين للاهتمام بموضوع الحداثة وإعادة التفكير والتأسيس المعرفي لها، وذلك من أجل "تخطي واقع الحداثة المتباطئة في العديد من أطراف العالم لصالح الحداثة المتسارعة الإيقاع" ، شريطة "حسن تمثل واستيعاب لروح لحداثة بأفق علمي قيمي عقلاني". وتشهد هذه التظاهرة الثقافية الكبرى، التي تستمر على مدى ثلاث أيام، مشاركة العديد من الأكاديميين والمفكرين والباحثين المرموقين القادمين من إثني عشرة دولة وأربع قارات حيث سيتطرقون لموضوع من مواضيع الساعة يحمل في طياته الأمل والعديد من المفارقات الكبرى، ألا وهو «الحداثة».