عاش سكان حي بوسحاقي بباب الزوار في العاصمة الجزائرية، ليلة بيضاء، جراء أعمال عنف قادها عشرات الشباب المراهقين، الذين شنوا هجوما بالخناجر على «الحي الصيني». صحيفة الخبر التي أوردت النبأ، قالت إن عشرات الشباب، شنوا أمس هجوما على حي «الشناوة»، بالخناجر والأسلحة البيضاء، واقتحموا محلات تجارية تابعة للرعايا الصينيين، وسطوا على السلع التي كانت مخزنة بداخلها. وأضافت الصحيفة أن أحد الرعايا الصينيين، تعرض لاعتداء عنيف من طرف مجموعة من الشباب، الذين أرغموه على النزول من سيارته، قبل أن يلوذ أحدهم بالفرار بها، لتتواصل حملة الاعتداءات في الحي المذكور لأكثر من ساعة. كما شهدت بعض الأحياء في عين النعجة والحراش قطع الطرق وإحراق الإطارات المطاطية. اشتعال أحياء بالعاصمة الجزائرية، جاء بعد اليوم الدامي الذي عاشته ولاية بجاية، قبل أن تشتعل ولايات بجاية وبويرة وبومرداس، بعد اندلاع أعمال عنف وتخريب. وكانت البلدات القريبة من ولاية بجاية الأكثر دموية وتخريبا، حيث تحولت الطرق إلى مسرح مواجهات وإشعال إطارات العلاجات، التي خلفت سحبا دخانية توحي بمواجهات حربية. صبيحة ثاني يوم من سنة 2017، تحولت شوارع ولاية بجاية 250 كلم شرقي الجزائر إلى حلبة مواجهات بين محتجين وقوات مكافحة الشغب، وامتدت نيرانها إلى الليل، والحصيلة عشرات الضحايا، وتخريب في مبان ومركبات، بعدما استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المشاركين فيها. الاحتجاجات، التي انطلقت صبيحة الاثنين، جاءت تلبية لدعوة مجهولة لتنفيذ إضراب عام، حيث نفّذ تجار في بجاية وبومرداس والبويرة، إضراباً عن العمل، مضمونها رفض قانون الموازنة الذي تضمن زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات. وحسب ما أوردته صحف جزائرية، فقد تفاقم الوضع باستخدام الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع، إذ توزع المحتجون على قانون للموازنة بدأ تطبيقه بحلول العام الجديد، على تظاهرات عدة جابت وسط مدينة بجاية، وبلدات في محيطها، خصوصا أقبو وسيدي عيش، ولاحظ شهود عيان أن بداية الاحتجاج كانت سلمية، فيما اكتفى التجار بإغلاق محلاتهم، لكن التوتر خيم على الوضع مع محاولة تفريق المحتجين. وأغلقت قوات مكافحة الشغب المنافذ المؤدية إلى المحافظة، تحسبا لتدفق مزيد من المتظاهرين، فيما أوضحت مصادر إعلامية أن المواجهات أسفرت عن 23 جريحا في صفوف المحتجين، في مقابل 39 في صفوف الشرطة. وكان التجار في بجاية وبومرداس والبويرة، قد نفذوا إضرابا عن العمل الاثنين، استجابة لدعوات مجهولة المصدر دعت للاحتجاج على قانون المالية الذي تضمن زيادات كبيرة في أسعار السلع والخدمات. وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي، قال إنه يتابع ما يجري من أحداث في مدينة بجاية ويتلقى المعلومات أولا بأول، مشيرا إلى أن «السلطات الأمنية مسيطرة على الوضع والدولة هي الضامن الوحيد للقدرة الشرائية للمواطنين». الجهات الموالية للنظام، سارعت إلى اتهام أحزاب المعارضة بالوقوف وراء الاحتجاجات، حيث اتهم رئيس تجمع أمل الجزائر «تاج» عمار غول، أطرافا سياسية دون تسميتها بمحاولة تأجيج الوضع العام في البلاد، والوقوف وراء الاحتجاجات والدعوات لإضراب عام، واصفا ذلك ب«التخلاط سياسي» الذي يسبق التشريعيات، قائلا: «إذا انقلب الوضع سوف ينهار الجميع»، في حين علق على منح الرئيس بوتفليقة صفة الضبطية القضائية العسكرية للمخابرات، بالتأكيد على أنه «أمر طبيعي، وقرار مهم في نفس الوقت». وفي رده على سؤال بخصوص وجود حديث عن انقسامات في الجيش وصراعات في رئاسة الجمهورية، قال غول: «إن الأمر كذب وبعيد عن الحقيقة»، مضيفا أن الأمور داخل مؤسسة الجيش الوطني ورئاسة الجمهورية، هي في تناغم كبير بعيدا عن الأحاديث التي تثار، والتي لا تمت للواقع بصلة، مبرزا أن «الرئيس في صحة جيدة وهو وزير الدفاع، والأمور داخل هذه المؤسسة في تناغم تام». من جهتها، اتهمت أوساط في المعارضة حاشية النظام بالمسؤولية عن تلك الأحداث، فالمواطن لم يفهم ولم يستوعب لماذا كل هذه الإجراءات التَقشفية التي مسَت جيبه في الآونة الأخيرة، والتي يعتبرها غير منطقية وغير مبررة حتى ولو خرج العديد من أنصار الحكومة وبعض المنتفعين منها للدفاع بشراسة عن قانون المالية التكميلي الذي يعرف الجميع كيف تم تمريره»؟ كما ألمحت إلى أن أطرافا في الدولة، والتي تسيطر عليها المافيا السياسية والاقتصادية، تغالط الرئيس، مذكرة بما جاء في أحد تصريحات العقيد أحمد بن شريف، في آخر مرة زار فيها الرئيس والتقاه، والتي أكد من خلالها بأنه قد تعرض للخيانة من طرف من عينهم لخدمة المواطن، وهذا على عكس ما يروج له الإعلام الفاسد في معظمه، والذي يسيطر هؤلاء على جزء كبير منه، الأوضاع تتأزم أكثر وأكثر، وإن استمرت على ما هي عليه في الوقت الراهن، فربما تنزلق البلاد في منعرج كارثي بداية من النصف الثاني من العام الجاري.