بعد أسابيع من الانتظار والترقب، استقبلت مراكش صباح أمس الأربعاء الدفعة الثانية من الحافلات الكهربائية القادمة من بلاد «الرفيق ماو» في إطار صفقة أحاطتها الكثير من تلاوين الغموض والالتباس. شاحنات نقل عملاقة، ظهرت بفضاءات مقاطعة المنارة في الساعات الأولى من صبيحة اليوم المذكور وهي تتهادى على الطريق العمومي، فيما تبدو هياكل الحافلات المشدودة إلى متنها بدقة وإحكام، وكأنها خرجت للتو من رحم عالم صناعي خارق، فيما العبارة الفرنسية المرسومة على زجاجها الجانبي «100 في المئة كهرباء زيرو انبعاثات» تؤكد هويتها وتحدد طبيعة تركيبتها الكهربائية. وتم اختيار الفضاء المخصص لتنظيم المعارض بمدخل المدينة عبر الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين بهجة الجنوب، ومدينة الانبعاث لاستقبال هذه الحافلات التي أريد لها أن تستقبل ضيوف المؤتمر العالمي للمناخ «كوب 22». المعلومات المتوفرة، تؤكد بأن هذه الدفعة من 15 حافلة انضافت إلى الدفعة الأولى من نفس العدد، بناء على منصوصات العقد المبرم مع الشركة الصينية الموردة لهذا النوع من المنتجات الصناعية. «30 حافلة» التي ستجوب مراكش، أعاد فتح نقاش كبير في صفوف المتتبعين للشأن المحلي، خصوصا في ظل غياب التجهيزات والبنيات الضرورية لتشغيل هذا النوع من المركبات، فعلى بعد أسابيع قليلة من انطلاق قمة المناخ العالمية في7 نونبر القادم تبدو الممرات المخصصة للاستعمال هذه الحافلات خارج تغطية التجهيزات الكهربائية التي من المفروض توفرها لتشغيل الحافلات، ليبقى المعول عليه مشروع «محطة توليد الطاقة الشمسية»، الذي لازال في طور التهييء والإنجاز بجوار الفضاء المخصص لتنظيم المعارض، حيث تم ركن مجموعة من الحافلات، لشحن البطاريات الخاصة بتشغيل الحافلات. مشروع استعمال «الحافلات الكهربائية»، وإذا كان قد أدخل مراكش دائرة «السبق» باعتبارها أولى مدن المملكة التي تحظى بهذا النوع من الحافلات الصديقة للبيئة، فإن الشروط التي واكبت عملية التفعيل وطريقة تدبير الصفقة قد خلق جوا من الغموض والالتباس لدى المتتبعين، خصوصا في ظل إصرار أهل الحل والعقد بالمجلس الجماعي على إحاطة المشروع بجو من الكتمان خارج شروط الشفافية والوضوح. فالمشروع الذي أريد له أن يدخل ضمن شركات التنمية المحلية، واعتمد في تمويله على شراكة بين المجلس الجماعي ومجلس الجهة، إلى جانب المديرية العامة للجماعات المحلية بوزارة الداخلية، قد تم إسناد مهمة إدارته لإحدى السيدات التي تم استقدامها من خارج أسرة موظفي المجلس، ما جعل الأطر الجماعية والأقسام التنقية تبقى في «دار غفلون» لا تعلم شيئا عن طبيعة هذا المشروع ولا الجهة التي ستسهر على تدبيره. حجم التكلفة المالية لاقتناء هذه الحافلات، والتي سيتم أداؤها من المال العام، تلفه بدوره الكثير من ملامح الغموض، لتبقى المعلومات المتوفرة في هذا الإطار تقتصر على ما أوردته بعض وسائل الإعلام الصينية، التي حددت مبلغ 400 مليون درهم كقيمة لصفقة اقتناء 30 حافلة كهربائية، وهو الرقم الذي لم يكلف أهل المجلس أنفسهم عناء تأكيده أو نفيه، مفضلين ضرب صفح من التكتم والكتمان على كل تفاصيل الصفقة. من الأسئلة التي تطرح نفسها بشدة وإلحاح هو موقع «الشركة الإسبانية ألزا» من إعراب هذه الحافلات، بالنظر لكون الشركة قد حظيت منذ مدة بحق التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري بمراكش، وتغطي حافلاتها كل الخطوط الممتدة من المجالات الحضرية للمدينة إلى حدود بعض الجماعات القروية. تلك بعض الأسئلة المحيرة والمستفزة التي تبحث عن جواب، وتبقى عالقة لحين «ظهور السفري من حامض» المشروع، وتكشف عن غياب الشفافية في تدبير الشأن المحلي لمراكش، والذي تبقى كل تفاصيله حكرا على فئة قليلة من المسؤولين المنتخبين يكادون يعدون على رؤوس أصابع اليد الواحدة.