قدمت القناة الاولى المغربية في الأسابيع الخمسة الماضية خمس حلقات من برنامج "الشاهد" مع الاستاذ امحمد بوستة، تضمنت السلسلة الاولى من هذه الحلقات حديثا طويلا وممتعا معه ابتدا من مرحلة طفولة مشاغبة بحواري مراكش ودروبها في سنوات العشرينيات من القرن الماضي ، وانتهى بنهاية مرحلة سياسية من تاريخ المغرب المعاصر وهي عودة الملك محمد الخامس مظفرا الى عرشه سنة 1956. السلسلة الثانية من اللقاء مع سي بوستة تتكون من ستة اجزاء سيستمر بثها كل ليلة خميس، وستشمل الفترة الممتدة من تاريخ استقلال المغرب أواسط الخمسينيات الى سنة 2003، وهي السنة التي تحمل فيها مسؤولية الإشراف على لجنة اعداد مدونة الاسرة. في السلسلة الثانية سنتتبع مراحل اخرى من مسار مختلف في حياة امحمد بوستة مرتبط أشد الارتباط برؤيته وهدفه الأساسي وهو خدمة بلاده من موقع سياسي وحزبي من داخل حزب الاستقلال، الحزب القوي انذاك الذي كان يحمل مشروعا ورؤية سياسية لتنمية المغرب، تنسجم احيانا وتختلف في الكثير من الاحيان مع القوى السياسية الاخرى بالساحة الوطنية. من القضايا التي أعطى فيها تفاصيل غير معروفة قضية الانشقاق في حزب الاستقلال الذي قاده مجموعة من قادة الحزب من دوي التوجه اليساري ضد القادة الآخرين، وأسفر الانشقاق عن ولادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. كما تحدث بتفصيل عن الصحراء الشرقية التي ألحقها الاستعمار الفرنسي بالاراضي الجزائرية، وكيف حاولت فرنسا تحت قيادة شارل دوكول في نهاية الخمسينيات فتح مفاوضات مع المغرب من اجل استرجاع هذه الاراضي، لكن المغاربة رفضوا ذلك بعد ان تلقوا وعودا مكتوبة وموثقة من المسؤولين بالحكومة الجزائرية المؤقتة تقربان المشكل سيتم حله بين البلدين بعد استقلال الجزائر.. لكن الجزائريين خانوا عهودهم واستولوا على هذه المناطق ضدا على الحقوق التاريخية والشرعية للمغرب.. ويعطي سي بوستة تفاصيل إضافية كثيرة معززة بوثائق وتقارير كثيرة أعدها مجموعة من المسؤولين المدنيين والعسكريين الفرنسيين بالمغرب والجزائر، تتبت مغربية مناطق الساورة وتوات وتدكلت وبشار، اوما يسمى بالصحراء .. وفاة محمد الخامس وتولي الحسن الثاني عرش المغرب يروي عنها بصفته شاهدا على هذا الحدث، كان الى جانب الحسن الثاني في ذلك اليوم وبحكي كيف رتب الملك الجديد في هذه الظروف كل الامور الأمنية والعسكرية والإعلامية، قبل الإعلان عن وفاة محمد الخامس. اضافة الى ظروف إعداد الدستور الاول والانتخابات التشريعية سنة 1963، وتقديم اول ملتمس للرقابة، وكيف تم قمع اول ثورة للطلبة والشباب في المغرب من طرف اوفقير ..!!؟؟ وبصفته محاميا، مارس مهنته بعد خروجه من الحكومة قبل الانتخابات التشريعية لسنة 1963، حيث انتخب نقيبا للمحامين بالرباط، وفتح مكتبه للدفاع عن المعتقلين السياسيين والصحافيين. ويروي تفاصيل كثيرة عن مرحلة السبعينيات ومنها الأوضاع الماساوية التي عاشها المغاربة في هذه المرحلة التي كادت ان تؤدي بالمغرب الى الانهيار والسقوط في براتن الانقلابات العسكرية. وبصفته مرافقا لعلال الفاسي في جولة عربية وأوروبية، يعطي سي بوستة تفاصيل غير معروفة تنشر لأول مرة حول ظروف وفاة زعيم حزب الاستقلال علال الفاسي في رومانيا سنة 1974. كما بعرف بظروف المغرب في هذه المرحلة الحرجة التي مهدت للاستعدادات السياسية من اجل استرجاع الصحراء والتفاف الشعب المغربي حول قيادته من اجل تحقيق هذا الهدف بكل الطرق والوسائل التي تسمح بتحقيق ذلك. وبعد انتخابه أمينا عاما على راس حزب الاستقلال يروي عن حقائق غير منشورة عن كيف كان الحسن الثاني وبعض ضباط الجيش يعد سرا للمسيرة الخضراء. في هذه الحلقات يعرف سي بوستة بكل المراحل التي مرت منها هذه القضية وخصوصا في الجوانب المتعلقة بالمؤامرات الجزائرية ضد بلادنا على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والعسكرية. يعود سي بوستة الى الحكومة سنة 1977 بصفته وزيرا للخارجية في الحكومة التي ترأسها احمد عصمان. واجه في هذه المرحلة شراسة المعركة الدبلوماسية التي كانت تقودها الجزائر ضد المغرب في كافة المحافل الدولية.. ويروي عن تفاصيل التحاق اقليم وأدى الذهب سنة 1979 كما عاشها متتبعا ومسؤولا. من اهم الملفات التي عالجها في مرحلة مسؤوليته بوزارة الخارجية تحث الاشراف المباشر للملك الحسن الثاني قضيتي الصحراء وفلسطين. وخصوصا ملف الاستفتاء في الصحراء الذي كان مطروحا من طرف الاممالمتحدة، بعد ان قبل به المغرب، لكن صعوبة تنفيذه عجل بالغاء. وكذلك مؤتمرات القمم العربية التي كان الحسن الثاني ينظمها بالمغرب من اجل البحث عن حل لقضية فلسطين. في ختام هذه الحلقات يعيد سي بوستة الى ذاكرتنا نضال الحركة الوطنية من اجل الديموقراطية، وكيف قدم حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي وأحزاب المعارضة الأخرى ملتمسا للرقابة سنة 1990. ومن أجل بلورة مطالب الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، قدمت احزاب المعارضة مشروعا سياسيا في إطار الكتلة الديموقراطية، لكن مشاكل تزوير الانتخابات من طرف اجهزة وزارة الداخلية تحت إشراف ادريس البصري عقدت الأمور كثيرا وأعاقت تقدم بلادنا في طريق الديموقراطية، في هذه المرحلة قاد فيها بوستة الحوار مع الحسن الثاني متكلما ومنسقا باسم احزاب المعارضة، لكن البصري واجهزته أجهض هذا الحوار.. وفي المؤتمر العادي لحزب الاستقلال سنة 1998، انسحب سي بوستة من قيادة الحزب وقرر اعتزال العمل السياسي بالتزامن مع تكوين حكومة التناوب برئاسة عبد الرحمان اليوسفي التي احتفظت بإدريس البصري كوزير للداخلية ضمن تركيبتها وهو الامر الذي لم يرق لسي بوستة، لكنه بقي مساندا للتجربة الى النهاية.. كل هذه الحلقات تم اعدادها وتوضيبها معززة بالوثائق والصور والفيديوهات التوثيقية الآتي تعرف وتوثق لكل المراحل التي تحدث عنها الاستاذ امحمد بوستة. هذه الحلقات تم اعدادها من طرف فريق صحافي مكون من الزملاء محمد الضو السراج ومنية بالعافية بإشراف من الراحل الزميل محمد العربي المساري وأخرجها ووضبها الزميل عزيز حيزون وأشرف على إدارة التصوير الزميل شكيب بنعمر وفريق للتوثيق السمعي البصري تحت إشراف الزميلة حفيظة مسدوري.