عندما تخرج قائدا من المعهد الملكي للإدارة الترابية، بداية الثمانينات، أيام كان يسمى مدرسة استكمال تكوين أطر وزارة الداخلية. لم يكن ليخطر ببال هذا الإطار في الداخلية أن نهايته ستكون في منطقة لا تتجاوز على خارطة التقطيع الإداري، آنذاك صفة القيادة، المسار الذي بدأه جلال الدين مريمي قائدا بطنجة، أكادير، ثم كاتبا عاما لعمالة مكناسالإسماعيلية وبعدها لعمالة المضيق-الفنيدق أنهاه أول أمس بخطأ كلفه التنحية من منصب عامل عمالة سيدي بنور. لم ينتبه الرجل إلى أن الأمور لم تعد كما كانت زمن أم الوزارات الخارجة عن سلطة الحكومة، وحيث الولاة والعمال خارج التغطية الحكومية، اليوم مجرد الإساءة الشفوية إلى عضو في الحكومة قد يضع حدا لمهام رجال السلطة. بلاغ لوزير الداخلية ذكر أنه «تقرر إعفاء عامل إقليم سيدي بنور جلال الدين مريمي من مهامه لمسه باعتبار وشرف عضو في الحكومة وإخلاله بواجب التحفظ المفروض على موظفي وأعوان الدولة». عقوبة تقررت بعدما تبين لمصالح وزارة الداخلية أنه « تفوه في حق عضو من أعضاء حكومة صاحب الجلالة، بما يمس باعتبار وشرف هذا العضو الشيء الذي يشكل إخلالا بواجب التحفظ المفروض على موظفي وأعوان الدولة». خطأ تم على إثره استدعاء جلال الدين مريمي أول أمس الخميس إلى مقر وزارة الداخلية، عرض ملفه على المجلس التأديبي للبت في « وضعيته الإدارية وفقا للمقتضيات القانونية ذات الصلة والجاري بها العمل في هذا الشأن»، يضيف البلاغ الذي شدد على أنه «بأمر من جلالة الملك يجب التأكيد على أنه لن يسمح لأي مسؤول أو موظف، كيفما كانت رتبته ومهامه وموقعه بالمس بشرف واعتبار أي عضو في حكومة جلالة الملك». حكاية السقوط ليست وليدة الأيام القليلة كما تم تداولها، بل ترجع إلى أواسط يناير الماضي بحسب ما كشفت عنه مصادر محلية ل«الأحداث المغربية» عندما كان العامل يترأس لقاء في إطار الاجتماعات التحضيرية للزيارة الملكية الأخيرة لإقليم سيدي بنور بحضور رؤساء مصالح العمالة وممثل المجلس الجماعي الذي يشغل في الوقت ذاته مهمة كاتب فرع حزب العدالة والتنمية بسيدي بنور. كان الحاضرون يتابعون عرضا لرئيس القسم الاقتصادي والاجتماعي حول حملة شنها أعوان العمالة ضد الكلاب الضالة، قبل أن يتدخل العامل بمزحة «سخيفة» كي يثير انتباهه بأن الحملة لم تشمل حوالي سبعة عشر كلبا اعترضوا طريقه بمدخل منتجع الواليدية يتوسطهم كلب شبهه بأحد وزراء حكومة عبد الإله بنكيران. تشبيه أثار حفيظة المسؤول الجماعي والحزبي بفرع العدالة والتنمية الذي حاول الانسحاب من أشغال الاجتماع قبل تدخل بعض الحاضرين لثنيه عن ذلك عقب تهدئة الأوضاع. وصل الخبر إلى المصالح المركزية عبر وسائل الإعلام التي تناولت الموضوع في أعقاب نهاية الزيارة الملكية ، ما دفع مصالح وزارة الداخلية إلى فتح تحقيق حوله حيث تأكد لها بأن عامل الإقليم قد « تفوه في حق عضو من أعضاء حكومة صاحب الجلالة بما يمس باعتبار وشرف هذا العضو الشيء الذي يشكل إخلالا بواجب التحفظ المفروض على موظفي وأعوان الدولة».حسب ما ورد في بلاغ وزارة الداخلية. وجدير بالذكر أن جلال الدين المريمي حديث العهد بمهمة عامل إقليم إذ تولى هذا المنصب لأول مرة في مشواره المهني في أوائل أبريل 2010 عقب إحداث عمالة سيدي بنور ضمن عدد من العمالات والأقاليم الجديدة. في الوقت الذي يغطي فيه الضباب مستقبل العامل المعفى تتحدث المصادر ذاتها عن إسناد مهمة تسيير العمالة مؤقتا للكاتب العام مصطفى الضريس شقيق الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية الشرقي الضريس في انتظار تعيين عامل جديد.