قال النقيب عبد الرحمن الجامعي، رئيس المرصد المربي للسجون، إن «لم يعد مسموحا أن نسمع بإصلاح منظومة العدالة على جرعات». وزاد الجامعي موضحا :«نحن في مرحلة الحسم باتجاه إصلاح شامل وجذري وغير تجزيئي يفرضها نضج الوعي القضائي والجو العام في المغرب الذي يتيح مناقشة كافة المواضيع مهما بلغت حساسيتها بما يتيح تفعيل دستور يوليوز 2011 . ونرغب في الحسم في ما يهم إصلاح منظومة العدالة بالنظر إلى أنه من غير المنطقي القبول بالتوافق مهما كانت تسميته في قضايا استيراتيجية من هذه الطينة». واعتبر الجامعي، الذي كان يتحدث يوم أمس 28 دجنبر بمجلس المستشارين في إطار يوم دراسي نظمته فرق الأصالة والمعاصرة والاتحاد العام للمقاولات بالمغرب والاشتراكي والدستوري الديمقراطي الاجتماعي والاتحاد المغربي للشغل ومجموعة الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، (نظمته) حول موضوع :«سؤال التوافق الإيجابي في إصلاح منظومة العدالة»، أنه لم يعد «مسموحا الحديث عن التوافق في ما يتعلق بإصلاح العدالة في ظل دستور 2011». وزاد موضحا: «وإصلاح منظومة العدالة رهين بإصلاح المنظومة الجنائية». وفي هذا السياق، نبه الجامعي إلى أن مناقشة مشروعي القانونين التنظيمين رقم 106.13 و رقم 100.13 المتعلقين على التوالي بالنظام الأساسي للقضاة وبالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يفرض «الجرأة السياسية، التي من شأنها تحقيق إصلاح جذري يكرس استقلالية وحياد وتجرد الهيئة القضائية تنزيلا لمقتضيات الفصل 109 من دستور يوليوز 2011». وقال :«منذ 4 سنوات ونحن نراوح مكاننا ونعيش حالة الانتظار لذلك لا يمكننا أن نقبل بخروج قوانين تقف عند حدود معينة». وأيضا، وبخلاف المتدخلين، الذين نبهوا إلى «خطورة المادة ال97 من مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة لمسها بشكل مباشر باستقلالية القضاة وتجريدهم من مجموعة من الضمانات المقررة دولية وهي حصانتهم للقيام بواجبهم المهني بتجرد واستقلالية وحياد» وفق ما أجمعت عليه المداخلات، (بخلاف المتدخلين)، قال الجامعي إن هذه المادة، والتي فصلت في المقتضيات المحددة للخطأ الجسيم، الذي قد يرتكبه القاضي، هي «غير دستورية لأنها مناقضة لروحه، هو الذي منح القضاة ضمانات كثيرة ووسع من دائرة الحريات». لكن، وعلى صعيد آخر، نبه الجامعي إلى أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يحمل ضمن مقتضياته « خرقا صريحا للدستور في ما يتعلق بتعيين الرئيس الأول لمحكمة النقض رئيسا منتدبا لهذه الهيئة القضائية الأعلى، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض». وأوضح النقيب الجامعي أنه «في غياب تحديد واضح لمسطرة تعيين هذين العضوين، فإن مشروع القانون التنظيمي للهيأة يمنح الملك صلاحية غير منصوص عليها دستوريا». واعتبر غياب مسطرة التعيين والاقتراح «خطأ قاتلا». وزاد منبها :«ونحن هنا أمام منحين اثنين، الأول يتعلق بالسكوت عن منح إجابة واضحة حول الأسئلة المتناسلة حول غياب هذه المسطرة. فيما يتمثل المنحى الثاني في تكريس الخلط والحال أن الدستور جاء للقطع مع الخلط، الذي كان قبله. فمثل هذا الخلط غير مقبول الآن في وقت نضج فيه الوعي القضائي وفي ظل المناخ العام في المغرب بما يتيح مناقشة مجموعة من الاختيارات الأساسية». اليوم الدراسي بمجلس المستشارين، كان مناسبة قدم خلالها متدخلون معنييون من قضاة وحقوقيين وجهات نظرهم في مشروعي القانونين التنظيمين، والذين أجمعوا حول إبراز نواقصهما. وفي هذا السياق، ذكر الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أحمد الصبار، برأي المجلس في مشروعي القانونين التنظيميين. وقدم مجموع، التوصيات التي صاغها المجلس بشأن التعديلات، التي يقترح إدخالها على مجموعة من مواد هذين المشروعين. هذا فيما انصبت باقي التدخلات في غالبها على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، حيث أكدت على أن مجموعة من مواده تشكل «ضربا صريحا لاستقلالية القضاة مما يؤثر سلبا على السير العادي للعدالة، ويضر بالقضاة كما بالمتقاضين». وهكذا، وفيما حظيت المادة ال97 بنصيب الأسد في المداخلات المختلفة، فإن مواد من مثل المادتين 43 و 72، عرفتا هما الأخريين، نصيبهما من التحليل والتفصيل لتبيان ما تحملانه من «حيف في حق القضاة ومساس باستقلاليتهم في تأدية مهامهم وباستقرارهم العائلي» وذلك وفق ما قاله منسق لجنة الشباب المنبثقة عن ودادية الحسنية للقضاة، المعطي جبوجي. إذ، أوضح أن المآخذات على المادة 43 تتمثل في تضمينها فقرة تجعل القاضي أمام «تهديد التعليمات والأوامر الشفوية»، بالنظر إلى أن الفقرة الثانية من هذه المادة تنص على ما يلي:« كما يلتزم قضاة النيابة العامة بالامثتال للأوامر والملاحظات القانونية الصادرة عن رؤسائهم التسلسليين» هذا، فيما تربط المادة 72 ترقية القاضي بإمكانية نقله. وهو ما اعتبره المتدخلون «تهديدات حقيقية لاستقلالية القاضي وتجريده من ضمانات حقوقية تحصن استقراره المعنوي والمادي ضد التعسفات الممكنة». فطومة نعيمي