مع اندلاع فضيحة السيلكون الرديء الذي كانت تصدره إحدى الشركات الفرنسية منذ سنة 2000، زادت المخاوف والتساؤلات حول الأضرار المحتملة لحشوات السليكون المستخدمة في تكبير الثدي. في ما يلي يقدم الدكتور فؤاد أورزيق الاختصاصي في الجراحة التجميلية والتقويمية شرحا لطبيعة مادة السليكون المستخدمة في هذا النوع من العمليات، والاحتياطات التي يجب على المرأة الالتزام بها لتجنب مضاعفات العملية. يتم اللجوء إلى عمليات تكبير الثدي باستخدام مادة السيليكون عندما تعاني المرأة من نقص في حجم الثدي، بحيث يكون الأخير غير مكتمل النمو. وتشعر الفتاة بهاته المشكلة خلال وبعد مرحلة البلوغ، حيث تلاحظ أن صدرها لم ينمو بالدرجة المطلوبة. لا يقتصر الأمر في حالات معينة على صغر حجم الثدي hypoplase بل قد يكون هناك ضمور كلي للثدي. وتكون عملية تكبير الصدر الحل الأفضل لهاته المشكلة، لكن شريطة ألا يقل سن الفتاة التي تعاني من صغر الثدي عن 18 سنة، للتأكد من اكتمال نمو الصدر وحجمه النهائي قبل الإقدام على خطوة الجراحة. وتعاني النساء ابتداء من سن الثلاثين فما فوق والأمهات بالتحديد من صغر حجم الثدي بسبب الرضاعة، كما تتلاشى مع مرور الزمن الدهون في منطقة الصدر، ويحدث ارتخاء في الجلد، وينحني بالتالي الثدي إلى الأسفل، ويصبح من الضروري اللجوء إلى عملية تكبير الصدر، ورفعه إلى الأعلى، لما لهاته العملية من دور في إعادة الثقة إلى المرأة، والتي تستمدها من جمال مظهرها وتناسق جسدها. ثدي السيليكون... أشكال وأحجام متنوعة يكون ثدي السيليكون عبارة عن كبسولة كروية الشكل الشيء . ويسمى الجزء الخارجي للثدي الاصطناعي ب l'enveloppe d'élastomère وقد يكون هذا الغلاف ناعما ولينا للغاية أو متماسكا بعض الشيء. وينقسم ثدي السيليكون إلى ثلاثة أنواع. النوع الأول عبارة عن غلاف محشي بسائل ثقيل بعض الشيء يسمى جيل السيليكون. ويحظى هذا النوع بأكبر نسبة من الإقبال تفوق التسعين في المائة. أما النوع الثاني فيكون عبارة عن غلاف فارغ وقابل للنفخ، مزود بخيط، يقوم الجراح خلال العملية بنفخه باستخدام مصل إلى أن يتخذ الشكل والحجم المطلوب. والنوع الثالث فيكون محشوا بمادة الهيدروجين المشتقة من الماء بالإضافة إلى نوع من أنواع السيليلوز. تتخذ حشوات السيليكون أشكالا وأحجاما متعددة، فقد تكون دائرية الشكل أو على شكل قطرة ماء بحيث يكون الجزء العلوي من الثدي طويلا، والجزء السفلي مستديرا، كما يمكن أن تكون مرتفعة ومندفعة إلى الأمام وبارزة بشكل كبير أو طبيعي. ويكون الحجم بالأخص خاضعا لوزن المرأة وطولها، وشكل جسدها، ويتولى الطبيب مهمة توجيهها ومساعدتها على اختيار الشكل والحجم المناسبين من حشوات السيليكون مع مراعاة رأيها وأخذه بعين الاعتبار، لضمان حصولها على النتيجة المرضية بالنسبة إليها. المغرب في منآى عن فضيحة السيليكون الصناعي لقد عرفت حشوات السيليكون المستخدمة منذ أزيد من أربعين عاما تطورا كبيرا، وكل الأنواع الرائجة حول العالم منذ سنة 2000 تتميز بجودتها العالية، باستثناء المنتوجات التي قامت شركة «بولي امبلنت بروتيس» التي يوجد مقرها بجنوب فرنسا بصناعتها وتصديرها. كان هناك خلل في تصنيع أغلفة السيليكون، ما تسبب في فقدانها قوتها وتماسكها، لتصبح معرضة للانفجار في أية لحظة، فيتسرب بالتالي السيليكون الموجود بداخلها، ويمكن حينها أن يبقى في مكانه، أو أن يتعدى منطقة الصدر ويتسرب ليصل إلى عروق وشرايين الدم. تبين من خلال الأبحاث التي تم إجراؤها بناءا على الشكايات المتعددة التي تقدمت بها النساء في فرنسا أن السائل اللزج أو الجيل المحشو بداخل الغلاف ينتمي إلى السيليكون الصناعي وليس الطبي. ولا يمكن من الناحية الطبية استخدام السيليكون الصناعي في عمليات تكبير الثدي لأن الجسم لن يتقبله. فمن المعروف أن جسم الإنسان لا يتقبل بسهولة أي جسم غريب ودخيل، الأمر الذي سيؤدي إلى حدوث تعفنات وآلام حادة على مستوى الصدر، بينما يقوم الجسم بإحاطة حشوة السيليكون الطبي بغلاف يسمى la capsule périprothétique وهذا الغلاف يحافظ على رطوبة الثدي. ولحسن الحظ فإن المغرب في منآى عن فضيحة السليكون الصناعي لأن شركة «بولي امبلنت بروتيس» غير مرخص لها بتوزيع منتوجاتها في المغرب، كما أن الشركات التي تستورد حشوات السليكون تكون خاضعة للمراقبة، ولا تقوم بتزويد مصحات وعيادات التجميل سوى بالمنتوجات التي تتوفر فيها معايير الجودة. طرق زراعة السليكون يقوم الطبيب قبل إجراء العملية بفحص دقيق للتأكد من خلو الثدي من الأورام، وبمعاينة حجم الثدي الأيمن والأيسر، والتأكد من عدم وجود تفاوت كبير في الحجم بينهما، وعدم وجود أي تشوه على مستوى الصدر. ويتم إخضاع المرأة الراغبة في تكبير حجم ثديها لتحاليل الدم، كما تتم استشارة طبيب التخدير. ويتم خلال عملية تكبير الثدي التي تستغرق مدة زمنية تتراوح بين ساعة وساعتين إحداث جرح حول حلمة الصدر أو أسفل الإبط أو تحت الثدي من أجل زراعة السيليكون، وغالبا ما يتم اللجوء إلى الطريقة الأخيرة لأنها لا تترك أي أثر. وتتم زراعة السليكون إما تحت عضلة الثدي أو فوقها، وإذا كانت كمية الدهون بمنطقة الثدي ضئيلة والجلد رقيقا ورخوا فيجب حينها زراعة السيليكون تحت عضلة الصدر ليبدو مظهر الثدي طبيعيا، أما إذا كان الثدي يتوفر على كل هاته المكونات بالرغم من صغر حجمه فمن الممكن حينها زراعة السيليكون فوق عضلة الصدر. ويفضل أن تقضي المرأة مدة لا تقل عن 24 ساعة بالمصحة، حيث يقوم الطبيب بإزالة الخيوط الجراحية، وتغيير الضمادات التي تكون سميكة في البداية، ورفيعة فيما بعد. آثار جانبية ومضاعفات غالبا ما تتم عملية زراعة السليكون بشكل آمن، ولا ترافقها مضاعفات خطيرة، ولكن النتائج قد لا تكون مرضية في حال كان هناك تفاوت كبير في حجم الثديين، بحيث من الوارد أن يبقى الفرق بينهما واضحا ويظهر الاعوجاج بالرغم من مراعاة الطبيب لهاته المسألة وحرصه على استخدام حشوتين متفاوتتين من حيث الحجم. وتعتبر التعفنات من أخطر المضاعفات التي قد تتعرض لها المرأة بعد الجراحة، بالإضافة إلى نزيف دموي بسيط قد يحدث إذا لم تتم العملية في شروط طبية آمنة، أو في حال لم تلتزم المرأة بأخذ المضادات الحيوية قبل وبعد العملية، أو إذا كانت نوعية ثدي السليكون رديئة ولم يتقبلها جسم المرأة، الأمر الذي يتطلب إزالة حشوة السليكون واستبدالها بأخرى في وقت لاحق. في بعض الأحيان لا يتم التخلص بسهولة من أثر الجرح الناتج عن العملية، لأن الأمر يكون مرتبطا بطبيعة ونوعية جلد المرأة، بحيث قد تظل منطقة الجرح منتفخة لفترة، ويتطلب التخلص من هاته المشكلة الاستفادة من العلاج بمادة الكورتيكويد أو الستيرويد. وإذا كان حجم حشوة السليكون كبيرا وتمت زراعتها تحت العضلة، فإن ذلك سيتسبب في شعور المرأة بآلام حادة على مستوى الصدر، تتلاشى مع مرور الوقت وتناول المسكنات. احتياطات وخطوات وقائية قبل اللجوء إلى عملية تجميل أو تكبير الثدي يجب أن تخضع المرأة لفحص سريري دقيق بالإضافة إلى الفحص بالصدى والأشعة للتأكد من خلو الثدي من الأورام، فعدم تشخيص الأورام القابلة للتطور إلى سرطان قبل الخضوع لهذا النوع من العمليات جعل العديد من الناس يربطون بين عمليات تكبير الصدر والإصابة بسرطان الثدي. أما بعد العملية، فيجب أن تستفيد المرأة من فترة راحة لمدة تتراوح بين 5 و7 أيام، ومن الضروري أن تمتنع لمدة لا تقل عن شهرين عن ممارسة أي نشاط رياضي في هاته الفترة، إلى أن تستقر حشوة السليكون بالمكان المخصص لها في الجسم، ويقوم الأخير بإحاطتها بغلاف يحميها ويحافظ على رطوبتها. وينبغي على المرأة الخضوع باستمرار للكشف الطبي بمعدل مرة كل سنتين للتأكد من خلو الثدي من الأمراض والأورام، بالإضافة إلى الكشف المنزلي التي تقوم به من خلال معاينة حجم الثدي وتحسس الأورام. و تصبح المراقبة من طرف طبيب التجميل ضرورية في حال تعرضها لحادث أو اصطدام قوي من شأنه أن يلحق ضررا بحشوة السليكون، دون أن ننسى أن الأخيرة قد تفقد حجمها مع مرور السنين، حيث تحتاج المرأة بعد فترة تتراوح بين 10 و 15 سنة للخضوع لعملية تكبير الثدي مجددا. شادية وغزو