عند المنعرجات ، يترصدون أبسط هفوة، سائقو الشاحنات أو السيارات او حتى الدراجات والعربات كلهم سواء، المهم أن كل مخالفة تكلف صاحبها غاليا، إنهم رجال شرطة المرور، يوميا يقتادون عشرات العربات إلى المحاجز البلدية (الفوريانات)، إما بسبب مخالفات مرورية، أو بسبب حوادث سير، عشرات مئات أو ربما آلاف المعدات تتراكم سنويا في محاجز العاصمة الإقتصادية ، القانون يفرض على أصحابها أداء رسوم محددة لإسترجاعها ، فإذا تجاوزت المدة سنة واحدة ، أصبحت في حكم الممتلكات الجماعية، يتعين تفويتها في صفقات عمومية، لكن كيف يتم تفويت هذه المحجوزات، ومن يستفيد منها ؟ الساعة تشير إلى العاشرة صباحا بمسرح الصخور السوداء، وتحديدا داخل قاعة الإجتماعات ليوم الثلاثاء الماضي ، حيث كان يفترض فتح الأظرفة و الإعلان عن اسم الفائز المحظوظ بسمسرة المحاجز البلدية للدار البيضاء، شئ ما لم يكن على ما يرام ، فقد كان الثوتر يعلو وجوه المشرفين على السمسرة، وماهي إلا لحظات قليلة حتى دوى صوت عال ” لم يحضر المتنافسون والسمسرة تأجلت إلى وقت لاحق ... » كان هذا هو المبرر الذي جهر به المسؤولون عن سمسرة تفويت السيارات والدراجات بالمحاجز التسعة في المدينة. مبرر قد يبدو مقبولا ظاهريا لكنه في الحقيقة يخفي وراءه مجموعة من الأسباب، من اهمها ارتفاع مبلغ الضمانة المطلوب لدخول المنافسة ، وربما تخوف المشترين أو تدخل سلطات المدينة، لإعادة النظر في الصفقة ككل خاصة بعد الشكايات التي تقدم بها التجار عن طريق محام مختص 0 تراجع الجميع عن التسابق حول صفقة مغرية وتسيل اللعاب لبعض المختصين في تجارة السيارات والدراجات المحجوزة أو ما يعرف (بالسيزي)، و لتخوف من هذه العملية كان هو المهيمن داخل القاعة بالنسبة للجميع ، صغار التجار تراجعوا بسبب عدم القدرة على تقديم الضمانة المطلوبة، لم يكن الحضور بالمستوى الذي انتظره منظمو الصفقة، ولا حتى العروض التي تلقوها في بداية السمسرة ، فما الأسباب الحقيقية لتأجيل الصفقة لتي انتزعت من بين أنياب المحظوظين، وهل تدخلت سلطات مجلس المدينة أو الولاية لتعديل شروط السمسرة ، أم أن الصفقة لم تكن مغرية إلى درجة أن الجميع زهدوا فيها ؟ الوالي والعمدة و « السيزي» عند بوابة مكتب الضبط المركزي لمجلس المدينة، تقدم شخص ووضع رسالة موجهة إلى عمدة الدارالبيضاء ، تحمل ختما بتاريخ 12 دجنبر الجاري ، الرسالة لم تكن إلا تظما موقعا من حوالي 47 تاجرا للسيارات والمتلاشيات، يعبرون فيها عن طريق محام بهيئة الدارالبيضاء، عن استيائهم من الضرر الذي لحقهم جراء بيع حصص من المحجوزات المودعة بالمحاجز البلدية للدار البيضاء ، جاء فيها بالحرف « نيابة عن موكلي أحيطكم علما أنهم اعتادوا المشاركة والإستفادة من السمسرة العمومية لبيع المحجوزات وفق شروط قانونية ... إلا أنهم فوجئوا بكون إجراءات السمسرة هذه المرة جاءت مغايرة للبيوعات السابقة وجاءت ببنود قانونية مجحفة ستؤدي لا محالة لحرمانهم وإقصائهم من المشاركة في السمسرة ...» 0 الرسالة اشارت أن اشتراط ضمانة في المزايدة، عبارة عن شيك مضمون من طرف البنك بقيمة العرض المقترح شرط غير قانوني، لوجود ضمانة بنكية ، كما أن المحجوزات قسمت على شكل حصص ( الحصة هي مجموعة من الدراجات أو السيارات )، منها 17 حصة تتكون من السيارات و 17 حصة من الدراجات، وتسعة حصص مخصصة للمتلاشيات (لافيراي)، والحال أن المحجوزات المعروضة للبيع يلزم تحديد نوعيتها وأرقامها وعددها، على غرار البيوعات السابقة بمحاجز الدارالبيضاء و باقي جماعات المملكة، المشتكون اعتبروا مبلغ الضمانة المحدد في 10 ملايين سنتيم لكل حصة من السيارات، و 5 ملايين سنتيم لكل حصة من الدراجات ، ثم مليوني سنتيم للمتلاشيات ، عملا غير قانوني في ظل غياب تحديد حجم الحصص وسيحرم المتزايدين من منافسة نزيهة . من ناحية أخرى اعتبرت الرسالة الموجهة إلى محمد ساجد أن أجل خمسة أيام المحدد لمعاينة المحجوزات ( احتسب فيها يومي السبت والأحد وهما عطلة أسبوعية ) غير كاف، مقارنة مع حجم السيارات والدراجات، كما أن الشروط تعجيزية ومجحفة، ستضر بمصالح التجار وستسبب في إقصائهم بالضروة ، لذلك فهم يطالبون بتدخل العمدة قصد إنصافهم وحماية حقوقهم، في اليوم الموالي أي 13 دجنبر تلقى مكتب الضبط التابع لوالي الدارالبيضاء نسخة أخرى لتظلم التجار المتضررين جاء فيه أن السمسرة تمت وفق ” شروط مجحفة وغير قانونية ستضر بمصالح التجار وتهدف حرمانهم من حق المشاركة ” لذلك التمسوا التدخل لحمايتهم من التشرد وممارسة حقوقهم المشروعة . ألف سيارة ودراجة ... الوثائق التي تتوفر عليها الجريدة تفيد ان محجز الحي الحسني بطريق أزمور يضم 249 سيارة، أما عين السبع فيتوفر على 137 سيارة من مختلف الأنواع، فيما محجز الفداء تصل محجوزاته من السيارات إلى 128 سيارة مختلفة الأنواع والأحجام ، وهو ما يبين حجم السمسرة على مستوى مدينة الدارالبيضاء، حيث يفوق العدد ألف سيارة في المحاجز التسعة حسب مصدر مطلع ، ومن خلال وثيقة جداول الأثمنة لتي أنجزتها لجنة الصفقات، يتبين أن السمسرة يعتيرها غموض آخر حيث انه خلافا لحصص السيارات المحددة بتفصيل من حيث العدد والنوع ، تشير الوثائق التي نتوفر عليها إلى أعداد الدراجات المعروضة للبيع فقط دون تحديد نوعيتها ، علما أنها جميعها صالحة للإستعمال، وهو ما يثير العديد من علامات الإستفهام، إذ كيف يتم عرض محجوزات للمزاد دون تحديد أنواعها بالتفصيل ، أما المتلاشيات فلم تحدد كميتها نهائيا، وظلت الخانات المخصصة لها فارغة لا من العدد ولا الكمية وهذا يزيد من الغموض في السمسرة . هذه النقطة أثارت غضب التجار، خصوصا وان تفاصيل المزاد الحالي مجهولة العدد بالنسبة لهم، وهو ما « يغيب الشفافية و يترك الباب مفتوحا على مصراعيه أمام كل التأويلات و التكهنات » حسب عدة تصريحات استقتها الأحداث المغربية ، « واش غادي نشري الحوت في البحر» يقول أحد التجار ، أيضا الوثائق التفصيلية للصفقة، تشير إلى تفويت مجموعة من السيارات بدون لوحات ترقيم، وهو الأمر الذي رفضه التجار جملة وتفصيلا، حيث اعتبروا الأمر يفتح المجال أمام التلاعبات، خاصة أن السيارات المعلنة على الورق يمكن تبديلها بأخرى في أي حين أو إظهار سيارات متلاشية أمام المتنافسين، والحال أتها لاتزال قابلة للإستعمال ختلف عن حقيقة السيارات المعنية بالصفقة ، ومن ضمنها حافلات وسيارات سيتم تفويتها بدون لوحات ترقيم . و ليس هذا الأمر وحده يثير حنق التجار، بل أيضا التعقيدات الإدارية والضغوطات التي تمارس عليهم في المزاد على حد قولهم ، وإنما كذلك التعقيدات المالية من خلال ضمانات باهضة ينضاف لها التعقيدات المتعلقة بالوثائق المطلوبة للمشاركة، مثل إيداع شيك مضمون من طرف البنك بقيمة الضمانة، وهي شروط لا يتطلبها تفويت محتويات باقي المحاجز على الصعيد الوطني، حيث ضربوا مثالا بمحجز سطات الذي فوت حوالي 185 دراجة واشترط 10 آلاف درهم فقط كضمانة لمشاركة التجار، نفس الأمر بالنسبة للمحاجز البلدية في كل من الراشدية ومراكش والرباط . مصادر مطلعة كشفت أن السمسرة كانت تشوبها مجموعة من الإختلالات، أولها أن العملية تمت دون إتاحة الفرصة للتجار من أجل التعرف على نوعية السلع المعروضة للتباري عليها، حيث ظلت تفاصيلها طي الكتمان، يجهلها الجميع، ولم يتم الإفراج عنها إلا خمسة أيام قبل الصفقة، ليتم توزيع وثائق تشير إلى المحجوزات المتنافس عليها بطريقة لم تزح كل الغموض . ضمانات مالية تعجيزية خلافا للبيوعات السابقة بالمحاجز البلدية ، قرر مجلس المدينة هذه المرة تفويت محتويات المحاجز بشكل جماعي وموحد، بعدما كان يتم توزيع مزاد محجوزات السيارات و الدراجات على مستوى 9 محاجز بالدارالبيضاء ( ابن مسيك ،الفداء، سيدي عثمان، اسباتة، عين السبع لوسيور، عين السبع عكاشة، سيدي البرنوصي، الحي الحسني، سيدي مومن ) و بفارق زمني مريح بين كل صفقة وأخرى، وهو أمر يضاعف حظوظ المشاركين في الفوز . تصريحات بعض المتضررين للجريدة اعتبرت قرار مجلس المدينة « تفويت المزاد دفعة واحدة سيقصي كافة المتنافسين ويؤدي لنتيجة حتمية، هي حيازة المزاد من قبل شخص واحد أو إثنين بالعدد الإجمالي للحصص ، على عكس السنوات الماضية حيث أن كل جماعة حضرية كانت تفوت محجوزاتها بطريقة مختلفة وغير متزامنة مع باقي المحاجز الأخرى، حيث أن كل محجز يقسم المحجوزات إلى حصص متعددة ، ما يسمح لصغار التجار و لأكبر عدد من المتنافسين بدخول الصفقة، حيث كان يستفيد منها حوالي 300 شخص تقريبا، لكن هذه المرة اختار المشرفون على الصفقة تجميع السيارات أو الدراجات المتواجدة بكل محجز في حصة واحدة باسثتناء محجز الحي الحسني الذي قسم إلى ثماني مجموعات . المزاد وبالطريقة التي نظم بها، يتطلب عمليا للدخول في التنافس حول الحصص مجتمعة، ضمانة تقدر بحوالي 170 مليون لصفقة السيارات، و 85 مليون سنتيم للدراجات ثم 18 مليون سنتيم لمجموع حصص المتلاشيات ، هذا الأمر تسبب في عراقيل كبرى للمتنافسين، وحال دون دخولهم للمنافسة،لذلك فإن العديد من تجار الدراجات والسيارات القديمة في مدن الدارالبيضاء والرباط، ممن اعتادوا المشاركة في المزاد احتجوا على قرار مجلس المدينة ، واعتبروا تجميع سمسرة 9 محاجز بلدية في غير صالح مداخيل المدينة، بحيث أن الصفقة الحالية لو كانت ستحقق للمدينة مداخيل بقيمة 500 مليون سنتيم، فإن توزيعها على تسعة مراحل سيفضى لمداخيل تتجاوز ذلك بخمس مرات . هل السمسرة قانونية ؟ مسؤول بمجلس مدينة الدارالبيضاء، نفى أن يكون تأخير السمسرة، ناتجا عن تخوف المتنافسين من إلغاء الصفقة بعد إنجازها بسبب ما شابها من خروقات وغموض، كما نفا أي تدخل من قبل سلطات الولاية أو المدينة، لتأخير تاريخ إجراء المزاد العلني، وإنما أرجعه لعدم توفر عروض أثمان مغرية لصالح مالية ومداخيل المدينة، أما عن تجميع المحاجز التسعة دفعة وحيدة ، فالآمر طبيعي جدا في نظر المصدر الذي اعتبره نتيجة حتمية لنظام وحدة المدينة 0 المسؤول قال أن شكاية التجار أمر عادي ومقبول، لكنه نفا عن الصفقة أن تكون مخالفة للقانون، لأنها تمت وفق بنود كناش تحملات سلم لجميع المشاركين ، تم سحبة من مصلحة الإستخلاص التابعة للجماعة الحضرية، وهو يتعلق ببيع المحجوزات المودعة بالمحاجز التابعة للجماعة عبارة عن سيارات ودراجات نارية وعادية وعربات وحصص من الخشب والحديد المتلاشي ومواد أخرى ، ودفتر التحملات يحترم مقتضيات الظهائر المتعلقة بالميثاق الجماعي ومالية الجماعات المحلية ومراسيم المحاسبة الجماعية 0 مهلة خمسة أيام التي منحت للمتنافسين قال المصدر أنها منصوص عليها في دفتر التحملات ، وخلالها يمكن الإطلاع على نوعية وكمية المعروضات وهي موجودة بالمحاجز بطريقة علنية، ولم يسثتنى من الصفقة إلا الأشخاص الذين هم في حالة نزاع مع الجماعة بسبب استغلالهم للملك الجماعي، أو لأي نزاع سابق ، المتحدث أنهى كلامه أن نفس الشروط الحالية طبقت على جميع السمسرات السابقة وهي مطابقة للنصوص الجاري بها العمل 0