يعاني الكثير من الأشخاص من الإمساك دون إعطاء الأمر أهمية كبرى بسبب جهلهم بمخاطر هذا الأمر واعتباره من التقلبات العادية للجهاز الهضمي وهذا ما يسبب لهم مضاعفات خطيرة، في الحوار التالي يقدم دكتور الكبد والجهاز الهضمي جميل إدريس مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى الإمساك والنصائح التي يمكن للإنسان اتباعها من أجل الوقاية منه. يعد المعدل العام لحركة الأمعاء هو دخول الشخص مرة في اليوم للمرحاض، وهناك أشخاص يقضون حاجتهم مرة في كل يومين على أكثر تقدير، وعندما يتغوط الشخص أقل من ثلاث مرات في الأسبوع هنا يمكن الحديث عن الإمساك. في الحالات الطبيعية عندما يتناول الشخص الطعام يبقى في المعدة من ست إلى ثمان ساعات، لينزل فيما بعد إلى الأمعاء الغليظة حيث تحدث تشنجات في الأمعاء تجعل الطعام يتنقل فيها بشكل تدريجي. وثلاث مرات في أربع وعشرين ساعة تحدث تشنجات كبيرة تسرع بتنقل الطعام في مسافة أكبر وبفضل هذه التشنجات يتمكن الإنسان من التخلص من فضلات الطعام مرة في كل أربع وعشرين ساعة. وظهور مشاكل في البراز هي التي تؤدي إلى الإمساك بسبب جفاف محتوى الأمعاء وخلوه من الماء وهذا يجعله فاقدا لليونة التي تساعده على سرعة الخروج أو بسبب عدم وجود التشنجات التي تنقل الفضلات إلى المخرج، وفي بعض الأحيان يكون للسبب الأول تأثير على السبب الثاني والعكس صحيح. وينقسم الإمساك إلى قسمين إمساك حاد وإمساك مزمن والفرق بينهما مهم جدا لأنه كلما كان الإمساك حادا إلا وكان هذا مؤشرا على وجود شيء غير طبيعي، أما الإمساك المزمن فيعني أن هناك مشكلا في الأمعاء ينتج عنه الإمساك، لكن مبدئيا عندما يكون المريض يعاني من إمساك حاد حديث العهد ينحصر تفكير الطبيب في المشاكل العضوية وتكون الفحوصات تصب في هذا الاتجاه. أسباب الإمساك أسباب الإمساك مختلفة وكثيرة جدا ويبقى السبب الرئيسي هو مشكل المحتويات التي ليس لها النمط الذي يساعد على خروج البروز بشكل طبيعي. فهناك أسباب هضمية محضة مثل تقرحات أو التهاب الأمعاء أو ضخامة المعي التي تساهم في تأخر خروج محتوياته، ثم الأورام السرطانية وهناك أسباب أخرى غير هضمية مثل فشل الغدة الدرقية، استهلاك بعض الأدوية مثل أدوية الضغط الدموي والسكري وأمراض الأعصاب، كما يمكن أن يكون المشكل نفسيا كما يحدث عند بعض الأشخاص الذين يعانون من صغر حجم المخرج والذي يجعلهم يعانون من عسر التبرز، هذا الأمر يدفعهم بشكل تلقائي إلى رفض التبرز للتخلص من الألم وهذا يزيد من تعقيد المشكل أكثر. ويظهر هذا المشكل أيضا عند الأشخاص الذين لا يتحركون ويلزمون الفراش لوقت طويل، كما يمكن أن نضيف حالات الإمساك الظرفي التي تكون عند المسافرين وعند المرأة الحامل حيث يضغط الجنين على الأمعاء مما ينتج عنه تسربات هرمونية تؤثر على تشنجات الأمعاء مما يؤدي إلى الإمساك. ثم هناك أسباب وراثية تجعل بعض الناس أكثر عرضة للإمساك من غيرهم، وعلى العموم تبقى النساء أكثر عرضة للإمساك من الرجال لأسباب هرمونية، وأخيرا هناك سبب ضعف الشهية. انتفاخ وتجشؤ وآلام رأس يمكن القول إن العرض الرئيسي هو أن الشخص لا يتغوط بشكل طبيعي، أي أقل من ثلاث مرات في الأسبوع، ثم انتفاخ على مستوى البطن، أيضا الإحساس بالتخمة فانتفاخ المعي يؤثر على المعدة ويعطي إحساسا بالتخمة، الألم على مستوى المخرج وأيضا خروج الدم من المخرج وإذا ما كان الدم مصحوبا بالإمساك فغالبا ما يكون السبب عضويا وإن لم يكن كذلك فيكون بسبب مشكل في المخرج، لأن به عضلات تساعد على التحكم في الغائط إلى أن يكون الشخص في المكان المخصص لذلك، والغائط عندما يكون جافا يحدث تقرحا وانتفاخا في أوردة الشرج ، وفي الكثير من الحالات التي يكون فيها الإمساك كثيرا يحس الشخص بألم في الرأس ورد فعل في الجسم بكامله وفي البطن بصفة خاصة، وهذا الأخير يؤدي إلى التثاؤب والتجشؤ. تشخيص المرض أخطر شيء في هذا الأمر هو التأكد من أن الإمساك ليس له علاقة بمشكل عضوي، مع عدم وجود مرض السرطان الذي يمكن أن يكون المسبب الرئيسي للإمساك، وعند التأكد من عدم وجود هذه الأسباب يمكن أن تكون الأمور أسهل. ويمكن حل المشكل بوسائل التشخيص عن طريق الفحص السريري في البداية ثم التنظير الداخلي للأمعاء الذي يمكننا من تحديد المشكل الرئيسي، وإذا لم يكن المشكل عضويا فيمكن أن يكون وظيفيا أي الاضطرابات القولونية الوظيفية وهذه الاضطرابات كثيرة الانتشار في المغرب لعلاقتها بنوعية الأكل، وتظهر إما على شكل إمساك أو إسهال أو التناوب بينهما. الوقاية والعلاج هناك صنفان من العلاج. الصنف الأول هو الذي يتم عن طريق الاحتياطات اليومية، مثل ممارسة الرياضة خاصة التي يكون فيها الحركة أكثر كاللعب بالحبل، وشرب الماء بشكل كبير، وتجنب المأكولات التي تزيد من مشكل الإمساك وعسر الهضم كالقطنيات والمشروبات الغازية وغيرها، وتناول الأغذية الغنية بالألياف خاصة في الخضر والخبز الكامل، لأن الخبز الأبيض يزيد من صعوبة الهضم، ثم تجنب الأدوية التي يمكن أن تكون سببا مباشرا في حدوث الإمساك. ثم تأتي مرحلة العلاج التي تكون عن طريق بعض الأدوية الملينة التي تجعل المحتوى غنيا بالماء فهذه المواد تجعل الأمعاء تمتص الماء من أماكن أخرى بالجسم لتجعل المحتوى أكثر ليونة وبالتالي سهل الخروج، كما أن هناك أدوية تنبه تشنجات الأمعاء لتعود لحالتها الأساسية ويصبح الشخص يتغوط بشكل طبيعي. والملاحظ أيضا أن هناك بعض الأطفال الذين يعانون من الإمساك، وأكبر مشكل عند الرضيع هو عندما لا يخرج منه محتوى أسود بعد أربع وعشرين ساعة من الولادة، عدم خروج هذا المحتوى هو مؤشر عل وجود مرض وراثي يجب تشخيصه وعلاجه فورا. مجيدة أبوالخيرات طبيب اختصاصي في أمراض الكبد والجهاز الهضمي