موسم الهجرة داخل الأحزاب السياسية انطلق. فعلى بعد شهر من انطلاق مسلسل الانتخابات الجماعية والجهوية، نزيف الترحال الانتخابي يضرب أحزابا سواء في المعارضة أو الأغلبية، في سابقة لم يقتصر فيها على الوجوه المغمورة، بل طال حتى الأسماء الكبيرة والوازنة، وذلك في ظاهرة لم تستطع لا القوانين أن تحد من عدوها بتقديم وصفة «شافية» ولا التحالفات الحزبية أن تقلص من انتشارها. من الحركة الشعبية إلى التجمع الوطني للأحرار داخل الأغلبية، التي يقوده العدالة والتنمية الذي لم ينجو بدوره من ترحال بعض أعضائه نحو أحزاب أخرى، ومن حزب الاستقلال إلى الاتحاد الدستوري في أوساط المعارضة، ومن الاستقلال إلى العدالة والتنمية، ومن الاتحاد الاشتراكي إلى حزب «الحمامة»، الترحال الحزبي ينتقل إلى السرعة القصوى، مخلفا وراءه نزيفا بجسد عدد من الأحزاب. داخل التحالف الحكومي كما في المعارضة، الحسابات الانتخابية هي «سبب تغيير عدد من المسؤولين الحزبيين للوجهة»، يؤكد أكثر من مصدر حزبي، وهكذا فلاشيء يبرر رحيل أقطاب الحركة التصحيحية داخل الحركة الشعبية نحو التجمع الوطني للأحرار، «سوى البحث عن المصالح الشخصية مع قرب الانتخابات»، يقول مصدر من حزب «السنبلة»، وذلك بعدما قاد النواب البرلمانيون الحركيون عبد القادر تاتو وعزيز الدرمومي ولبنى أمحير، بالإضافة إلى عبد الكبير برقية رئيس جهة الرباطسلا زمور زعير وحسن الماعوني مفاوضات الالتحاق بحزب «الحمامة» ولم تقتصر عدوى الترحال الحزبي على الحركة الشعبية داخل الأغلبية لوحده، بل انتشرت العدوى في غياب «العلاج»، لتصيبر بصداعها العدالة والتنمية، فقبل أشهر عرفت شبيبة حزب «المصباح» بالجنوب رحيلا جماعيا، حيث قدم عدد من أعضائها، ضمنهم من يجمع بين عضوية الشبيبة والحزب استقالتهم بشكل جماعي ويعلنوا انضمامهم إلى غريم العدالة والتنمية، حزب الاستقلال، حيث استقبلهم بالأحضان عضو اللجنة التنفيذية لحزب «الميزان» حمدي ولد الرشيد. وليس كل مرة تسلم الجرة، فإذا كان «الاستقلاليون» قد تمكنوا من استقطاب عدد من «البيجيديين» بالجنوب، فإن إخوان ابن كيران وجهوا ضربات قوية لرفاق شباط بكل من جهة الغرب ومدينة فاس، في الشهر الماضي، عرف الجزب نزيفا باستقالة 15 مستشارا من مجلس الجماعة القروية «زحيليكة»، التابعة لإقليم الخميسات، ورحيلهم باتجاه حزب العدالة و التنمية، و الشيء نفسه بالمعقل الانتخابي لحزب الاستقالال، مدينة فاس، فقبل أيام قليلة قدم الاستقلال محمد قنديل رئيس جماعة سيدي احرازم حزب الاستقلال رفقة أكثر من 12 مستشارا استقلاليا، وقرروا الالتحاق بصفوف العدالة و التنمية، وذلك بسبب خلافات انتخابية. ولم تتوقف الهجرة المعاكسة من أحزاب المعارضة إلى أحزاب الأغلبية على الاستقالال و العدالة والتنمية فقط، فالظاهرة اجتاحت كذلك الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للأحرار، فإن كان حزب «الوردة» قد عرف نزيفا متواصلا منذ انتخاب كاتبا ما للحزب، فإن أقوى ضربة تلقها كانت قبل أسبوعين، وذلك بعدما غادر عضوا المكتب السياسي حسن الدرهم وسعيد اشباعتو والقياديان بكل من جهة الصحراء وجهة مكناس، سفينة الحزب الوردة ليلتحقا بحزب «الحمامة». رحيل الوجوه الوازنة من حزب إلى آخر لم يذق مرارته فقط حزب الاتحاد الاشتراكي، فقد تجرع مرارته كذلك كل من الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية، فنهاية الأسبوع الماضي، تلقى حزب الحركة الشعبية بفاس ضربة موجعة بعد أن قرر حسن بلقديد، أحد الوجوه البارزة ورجل الأعمال المعروف بالمدينة، والذي كان يشغل المنسق الإقليمي لحزب السنبلة الالتحاق بحزب الاستقلال، كما تلقى ضربة أخرى ما زالت لم تندمل بعد على مستوى جهة الدارالبيضاء وذلك بعد رحيل برلماني الحزب عبد الحق شفيق، ومعه مجموعة من الحركيين صوب الاتحاد الدستوي، هذا الأخير، وعلى الرغم من عودة نجل أحد مؤسسيه إلى صفوفه، ويتعلق الأمر زكرياء السملالي عائدا إليه من حزب الاستقلال، فإن حزب «الحصان»، عرف كبوة بالجنوب، بعد التحاق العشرات من العاضبين بحزب الاستقلال. رضوان البلدي