هم شباب في عمر الزهور، قرروا أن يحققوا أحلامهم في امتلاك شقة وسيارة وارتداء أحدث الملابس، فسلكوا أقصر طرق العمل في سوق «دعارة الرجال».. بدؤوا حياتهم «المهنية» في بعض المدن السياحية بالمغرب، ليتجهوا بعد ذلك إلى العمل بدول الخليج مقابل مبالغ مالية مهمة.. البعض منهم يعترف بدون خجل أنه اختار أن يمارس عليه الجنس لكي يكسب المال الكثير، والبعض الآخر برر اتجاهه إلى هذا المجال، كونه كان ضحية من ضحايا التحرش الجنسي.. يؤكدون جميعهم أنهم لا يختلفون عن غيرهم من الشبان الذكور.. الاختلاف الوحيد أنهم قرروا العمل في مجال الدعارة الذكورية.. آلو عزيز ... بغيتك.. شحال كنتصل بيك ما تشدتش ليا نمرتك.. ... توحشتك بزاف.. ... *بغيت نخبرك راه لكنترا للسلطنة غير فابور.. ... راني مشيت تماك وبركت فيها شهرين عجبني الجو.. ... خصك تعرف راه لفلوس كاينا مزيان.. خصك غير تعجبهم.. ... ما تشكرنيش راحنا خوت.. ... غير عول علي، ولكن بغيتك ما تحشمنيش مع شيوخنا.. ... باي عزيزي.. دس هشام هاتفه النقال في جيبه قبل أن يشير إلى سائق سيارة الأجرة الصغيرة إلى التوقف أمام مقهى بالمنظر العام بالدارالبيضاء. قواد الذكور كان مظهر هشام ذي الثالثة والعشرين ملفتا للنظر بشكل واضح، فقد كان يرتدي سروالا ضيقا جدا من «الجينز»، من النوع «الطاي باس».. ملابسه الداخلية الشفافة البنفسجية اللون كانت مثيرة، أما «جاكيته» الجلدي الأسود الضيق كذلك فقد كان يرتدي تحته قميصا ورديا..فيما يتدلى شعره الناعم بانسياب على كتفيه النحيفتين. اتخذ هشام ركنا قصيا بالمقهى المعروف باستقباله لعدد كبير من الشبان في العشرينيات من عمرهم على وجه الخصوص، حيث يبدو للمارة أن هذه المقهى لا تستقبل إلا الذكور فقط. بعد خمس دقائق فقط بدأ عدد من أصدقائه في التوافد على المقهى الواحد تلو الآخر. كان عددهم أربعة وجميعهم في عمر «الزهور» توحد بينهم الوسامة الملفتة للنظر، هذا ناهيك على مبالغتهم في الاهتمام بمظهرهم المثير للكثير من التساؤلات. طبع عزيز قبلة مثيرة على وجنة هشام وهو يبتسم، قبل أن يقول له، «توحشتك بزاف أهشومتي..». كانت هذه العبارة كافية كي يدعوه هشام إلى التفضل بالجلوس للحديث عن المشروع الجديد الذي سيجمعهما. اقتعد عزيز كرسيا بجانب هشام والتف الأصدقاء الخمسة حول طاولة واحدة كأنهم سيتدارسون مشروعا سيقلب حياتهم رأسا على عقب. المشروع الذي اقترحه هشام على أصدقائه هو الموافقة على الاشتغال بسلطنة عمان ك «غلمان»، فقد طلب منهم الانتقال إلى هذا البلد لممارسة الجنس مع الذكور ك «مفعولين» كما يقال مقابل مبالغ مالية مهمة. لم يظهر على وجوه الشبان الأربعة أن الخبر كان مفاجئا، فكل واحد منهم توعد أن يعمل في هذا المجال منذ سنوات على حد تعبيرهم. لقد عمل بعضهم بالإمارات، والبعض الآخر ببعض دول الخليج، لكن الاقتراح ربما قد يكون مرفوضا من طرف أحدهم لكونه قرر توقيف نشاطهم بهذه المنطقة العربية لأسباب عديدة. «المعروف أنه حتى الذكور أصبحوا مطلوبين في الخليج»، يقول هشام، الذي سبق له أن احترف الدعارة في أكادير ومراكش قبل أن ينتقل إلى العمل بالإمارات ثم بسلطنة عمان مقابل مبالغ مالية مهمة، فهو يمارس عليه الجنس للمرة الواحدة مقابل 300 دولار، أي حوالي 2500 درهم، وفي نفس الوقت يعمل على جلب الذكور إلى بعض الدول الخليجية مقابل 100 دولار كوسيط. وهذا المبلغ يمكن أن يضاعف حسب عدد الممارسات الجنسية. نحن ضحايا فقط يقول عادل وهو أحد أصدقاء هشام، والذي سبق له أن عمل بالإمارات العربية المتحدة، إن «المثلي يبحث دائما عن الحب، فهو فرصة للتعبير عن مشاعر دفينة، علما أن كثيرين منا تعرضوا للتحرش حين كانوا قاصرين». ويضيف أن أولى علاقاته الجنسية كانت مع زوج عمته، وهو لم يكن مدركا حينها ماذا يحدث معه، وخصوصا أنه كان يبلغ من العمر فقط ثلاثة عشر عاما، «كنت في مرحلة اكتشاف رغباتي الجنسية»، يفسر عادل، «وكان الأمر بالنسبة إلي مجرد تجربة. ليتني تحدثت في حينها لأنَّ ما عشته كان تحرشا جنسيا بحتا، وكان على الجاني أن يعاقب، مع تقدمي في السن وجدت أن لي ميولات اتجاه الذكور، مارست الجنس على بعضهم ويمارس علي الجنس.. فقررت أن أستغل هذا الشيء. عملت في هذا المجال من تلقاء نفسي مقابل أموال باهظة استطعت من خلالها أن أركب سيارة وأن أقتني لأهلي شقة في حي راق». يتدخل مراد، ذو الثانية والعشرين من عمره والمتميز بوسامته ونظافته وبتقليمه لأظافره، للتوضيح أكثر وكأن الحديث مازال يكتنفه غموض، «من لا يعرفنا يعتقد أننا نستعمل شعرا مستعارا، ونضع مستحضرات تجميل، وعطورا نسائية، ونرتدي ثيابا نسائية، وبعض الأثداء المزروعة التي تذهل الأعين.. لكن الحقيقة عكس هذا تماما فمظهرنا عاد جدا، نهتم أكثر بمظهرنا لأن طبيعة عملنا تتطلب ذلك».. أماكن المتعة أماكن خاصة يرتادها هؤلاء الشبان الخمسة وغيرهم من الذكور الذين يمارس عليهم الجنس بدول الخليج، وتتنوع بين الحانات والنوادي الليلية والحمامات الخاصة التي يرتادها المثليون جنسيا بطريقة علنية. وعلى الرغم من معرفة الناس بأن الملهى الليلي خاص بالمثليين، إلا أن العديد من الأشخاص غير المثليين يرتادونه للسهر، فالتواجد فيه يبعث على الفرح كما يقول أحدهم، إذ يأتي كل أسبوع إلى ذلك المكان لقضاء وقت جميل مع الأصدقاء، الرقص على نغمات الموسيقى الصاخبة، ولاغتنام فرصة لقاء زبون لقضاء أمسية جنسية عابرة أو فرصة إقامة علاقة جنسية. أماكن الممارسات الجنسية بين الذكور بسلطنة عمان وغيرها ببعض الدول الخليجية لا تختلف عن أماكن الممارسات بالمغرب، فهناك البيوت الخاصة ثم الحمامات، حيث يلتقي الراغب في الممارسة الجنسية الشاذة ببائع المتعة، وتكون الممارسات مختلفة باختلاف الزبون، فهناك الجنس الشفهي في غرفة البخار «السونا». كما يستطيع الزبون ممارسة الجنس على المدلك المثلي والذي كل ما عليه فعله هو تلبية رغبات الزائر مقابل أجر مادي طبعا. حمام آخر شبيه بسابقه لكن باستطاعة الزبون استعارة غرف التدليك لمدة ساعة من الوقت وقضاء الوقت مع مثليين، معظم زواره من الأثرياء، كما يتمتع ب «جاكوزي» خاص به. وباستطاعة الزبون التمتع بالمياه الساخنة وممارسة بعض الأمور الجنسية في الحوض. يتميز المكان بوجود عدد كبير من المدلكين من جنسيات عربية، نحو عشرة مثلا، ويمكن للزبون اختيار الأنسب له شكلا وحجما بعد أن يقرر طلب المتعة. تجارب مريرة يقول يوسف والذي يبدو عليه أنه يرفض فكرة العمل بالدول الخليجية، «لقد تعرضت لحادثة مؤلمة في سلطنة عمان، فقد أعجب بي شاب كان يتجول في سيارته فاستوقفني وتحدث معي، ودعاني إلى سيارته، وما أن وضع يده على عضوي الذكري، حتى أشهر سكينا في وجهي، فيما طوقت سيارة أخرى المكان، وفوجئت بمجموعة رجال يحملون الأسلحة ويشهرونها في وجهي، سرعان ما اكتشفت أنهم أصدقاؤه فأخذوني إلى مكان بعيد عن الناس ومارسوا علي الجنس ورموني بعد ذلك في الخلاء». ورغم ذلك لم يكف عن هذا النوع من الممارسات بل تابع مسيرته، فأهله كانوا يودون إتمام بناء منزل للعائلة وهم يعتقدون أنه يعمل كمدرب في ناد رياضي وبالتالي كانوا يريدون المزيد من المال، فواصل عمله. وحدث مرة أخرى أن كان يوسف يسير في أحد شوراع منطقة سياحية بنفس البلد فوقع نظر شاب عليه فأعجب به، فاقترب الأخير منه وكلمه، ليتفقا لاحقا على الذهاب إلى منزل الزبون وممارسة الجنس. وهناك مارس الزبون الجنس مع يوسف، وبعد الانتهاء أخرج الأخير خنجرا وهدده مطالبا ب 500 دولار، فما كان من يوسف إلا أن وافق. لكن بما أنه لم يكن يحمل المبلغ، طلب منه الزبون اللص الاستعانة بالشباك الأوتوماتيكي فلبى يوسف طلبه. لكن القصة لم تنته هنا، فبعدما أخذ الآخر المال، ضرب يوسف وسرق هاتفه ومحفظته. وهذه الحادثة كانت كافية بأن يقرر يوسف العودة إلى المغرب واستئناف نشاطه بالمدن السياحية. عزيز لا يجد حرجا عندما يقول، «يكون لزبنائنا مواصفات في الأشخاص الذين سيمارس عليهم الجنس.. العمر.. الطول.. لون البشرة.. الجنسية.. الهواية.. المزاج.. وحتى مواصفات عضوه الذكري من طول ولون. رغم أنه هو الذي سيمارس الجنس. وكثير من الزبناء يسألون عن مواصفات معينة جسدية ونفسية..»، ويضيف قائلا «في بعض الأحيان يطلب منا الزبون أن نرقص له على طريقة «ستربتيز» فنكون مضطرين لتلبية طلبه مهما كان، المهم هو المقابل وفي كثير من الأحيان يكون الزبون كريما معنا». الغريب أن هؤلاء الشباب لا يجدون حرجا وهم يسردون تجاربهم مع عالم «الدعارة الذكورية» إن صح التعبير، لا يخجلون عندما يقولون أنهم يمارس عليهم الجنس مقابل مبالغ مادية، لكنهم أبدوا إحراجهم ورفضهم لأخذ صور لهم كون عائلاتهم وأصدقائهم لا يعرفون طبيعة عملهم. ملحوظة: الأسماء الواردة في هذا الاستطلاع أسماء مستعارة لشخصيات حقيقية.