في يوم واحد اكتشفت معلومتين جديدتين عني. الأولى أن لي أختا إسمها زينب، والثانية أنني أسكن في عنوان منزل ليس هو منزلي. الحكاية سهلة التفسير: الخميس بعد الزوال، ومباشرة بعد انتهائنا من تسجيل حلقة لبرنامج "مع الحدث" على قناة الرياضية، وفور أن فتحت هاتفي النقال بدأت في تلقي مكالمات تخبرني أن شخصا ما قد وضع عنوان منزلي في تويتر للعموم، قائلا إن الأمر يتعلق بمنزل أخ الملحدة زينب الغزوي لمن يريد ذبحها. الشخص المعني بالأمر يسمى سفيان الصديقي وإسمه المستعار في تويتر هو دون سفيان، وفي "بروفايله" صور كثيرة لذبح الدواعش لعدد كبير من الأبرياء، وتغريدات كثيرة يتمنى فيها الموت (أو الذبح تحديدا) لزينب الغزوي ولزوجها جواد بنعيسي لسبب لا أعلمه تذكرت فور قراءة التغريدة بيت جرير الشهير "زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سيقتلُ مِرْبَعًا أبشر بطول سَلامةٍ يا مِرْبَع"، لأن كاتبها والذي نجح في شيء واحد هو أن يدفع عددا كبيرا من الأصدقاء للاتصال بي، لا يعرف ألا علاقة قرابة تربطني بالصحافية زينب الغزوي، ولا يعرف أنني لا أسكن في العنوان الذي وضعه في الأنترنيت، تمويها وإرهابا وكل شيء. هذا الجهل ليس غريبا على أمثال هذا الشخص ممن يروجون لفكر التطرف والعنف في المواقع الاجتماعية، لأنه من المستحيل أن تكون مؤمنا بحقك في ذبح الناس وألا تكون جاهلا. نأتي الآن إلى بيت القصيد: هل أرعبتني التهديدات ووضع العنوان رفقة "الأخت" الجديدة لي زينب وزوجها؟ الحقيقة، لا. ومع تفهمي لنبرة القلق التي حملها صوت عدد كبير ممن اتصلوا بي ليلتها لكي يطلبوا مني اتخاذ الحيطة والحذر (زعما حضي راسك يافلان، ولو أنني لا أعرف كيف سأفعل ذلك)، أتفهم أمرا آخر أنا مقتنع به على الدوام: حين سيصبح إرهاب هؤلاء الجبناء لنا أمرا نهتم به، ونعطيه أكثر من حجمه، ونغير حياتنا اليومية، لتلافيه، أو فقط عندما يحضرون معنا يوميا في التفكير، ونعطيهم قيمة ليس لهم سنقول إنهم انتصروا. أما إذا واصلنا قذفهم بجهلهم، والضحك من أميتهم، وإخراج اللسان لترفهم، وإخبارهم دوما أن المعركة من أجل الحرية ومن أجل تقديس حق الحياة هي معركة لن تنتهي بموت أي منا، فسيعرفون أنهم منهزمون. داعشي يريد معرفة عنوان سكني؟ الأمر مثير للاهتمام. دعونا نتابعه بكل هدوء، ودعونا نعتبره – كالعادة – مجرد ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق ملحوظة لها بعض العلاقة بما سبق لم يصدر عمود "منصة ربانية" لأسبوعين متتاليين لأن زميلنا – لكن صديقنا أولا وقبل كل شيء – جمال زايد طريح الفراش، ويواجه بشجاعة أزمة صحية سينتصر عليها بكل تأكيد "ربانيات الجمعة" ستعود أكثر قوة وستنتظر جمال وهي متأكدة أنه سيعود…