سيدة لا تختلف كثيرا عن غيرها من بقية نساء المغرب، متواضعة حد الخجل، صارمة حد السيف، تخاطبك بصوت واثق، متح من عمق الثقافة القانونية التي تشبعت بها منذ مرحلة الدراسة، قبل أن تتدرج في سلك القضاء، وتتسلق أعلى المراتب، لتدشن حضورا نسويا لافتا بإحدى أهم محاكم المملكة. نخبة من الوجوه المسؤولة ، حضرت مراسيم تنصيب الأستاذة لطيفة الخال، كرئيسة أولى بمحكمة الإستئناف الإدارية بمراكش، يتقدمهم محمد الطيب الناصري وزير العدل، الوكيل العام لمحكمة الإستئناف الإدارية بالرباط، والي جهة مراكش وعدة شخصيات قضائية وإدارية، بناءا على قرار أشغال دورة المجلس الأعلى للقضاء بجلسته المنعقدة بتاريخ 14 فبراير2011 مسؤولون وازنون، حضروا لتهنئة هذه السيدة، التي عرفت كيف تنحت طريقها في صخر دواليب القضاء المغربي، بسيرة عطرة نالت إعجاب الجميع، ومنحتها بامتياز مكانة ضمن أسرة المسؤولين القضائيين، تشريفا وتكليفا لكل نساء هذا الوطن. سيدة لم تمنعها مسؤولياتها المهنية الجسيمة، من إيجاد متسع لعيش حياتها كإنسانة، فعرفت طعم الأمومة في مناسبتين، وهبت من خلالها الحياة لشابتين يافعتين، (مينة 23 سنة، وكنزة 21 سنة)، تعمل اليوم جهد طاقتها لإشباعهما من نفس كأس المسؤولية، والأخلاق الطيبة التي شبت وترعرعت عليها، شعارها في ذلك”افضل استثمار في حياتنا القصيرة، أبناء مسؤولون يحملون المشعل،حين تطفيء شعلة الإنسان القصيرة”. الأستاذة لطيفة الخال، قاضية من الدرجة الإسثنائية، بدأت مشوارها المهني سنة 1983، حين التحقت كنائبة لوكيل الملك بابتدائية الرباط، ثم قاضية بالمحكمة الإدارية بالرباط سنة 1994، لتعين بعدها كمستشارة بمحكمة الإستئناف الإدارية بذات المدينة، لحين تعيينها كرئيسة أولى للإستئنافية الإدارية بمراكش. تعتبر اليوم من الرواد المؤسسين للمحاكم الإدارية بالمملكة الشريفة، بشقيها الإبتدائي والإستئنافي، حاصلة على مجموعة من الديبلومات والشواهد: إجازة في الحقوق بجامعة محمد الخامس بالرباط، وديبلوم الدراسات المعمقة في القانون الاداري وعلم الادارة من كلية الحقوق بالدار البيضاء. تستعد حاليا لمناقشة رسالة دكتوراه في الحقوق خلال أكتوبر المقبل،تحت موضوع:” مسؤولية الدولة عن الإرهاب”، ولها مجموعة بحوث حول” كيفية تطبيق الادارة لمقتضيات الفصل 75 مكرر من قانون الوظيفة العمومية”و” شبح التقاعد بين النظرية والتطبيق”. تتميز باهتماماتها بمجال تجميع الاجتهادات القضائية الإدارية المغربية والأجنبية ، مع العمل على تصنيفها، كما راكمت سمعة طيبة وسط زميلاتها وزملائها، بالنظر لدماتة أخلاقها وتواضعها، مع صرامة في تطبيق القانون. بمناسبة تعيينها على رأس الإستئنافية الإدارية بمراكش ،اعتبرت الاستاذة لطيفة الخال أن تنصيبها بهذا الموقع القضائي الحساس، يأتي في سياق العناية الملكية التي يوليها جلالة الملك ل”القوارير”، ويخص بها النساء القاضيات، ضمانا لتكافؤ الفرص مع أشقائها الرجال، مع التنويه بالتطور السريع الذي بدأت تعرفه الاجتهادات القضائية الادارية المغربية، محققا بذلك نجاحا متميزا. نجاح في نظر الرئيسة المعينة يتطلب بدل المزيد من الجهود، لتوفير عوامل استكماله والمحددة أساسا في الاسهام في ضمان التكوين المناسب للقاضي الإداري في مجال تخصصه، والسهر على تنفيذ أحكام القضاء الإداري. أبت الأستاذة لطيفة الخال، أن تمنح حفل تعيينها طعما خاصا، ممجوزا بملح تربة مغربية أصيلة، حين لم تتردد في الإتيان بسلوك، يؤشر على مدى تجدر المرأة في عمق ثقافتنا المغريية الأصيلة، وذلك أمام زخم الحضور الوازن للشخصيات المسؤولة التي حضرت حفل التنصيب، حيث تقدمت صوب زوجها الشرقاوي القاق، الذي كان يقتعد كرسيه بين الحضور، وتنحني على رأسه ويديه لتطبع عليهم قبلة إخلاص ووفاء، وامتنانا بمساهمة الرجل في تبوئها هذه المكانة، بصبره واناته وتشجيعاته، لتقدم بذلك شهادة أن “وراء كل امرة عظيمة تضحية رجل أصيل”. إسماعيل احريملة