بحسب مدونة المحالكم المالية،لايمكن لوزارة العدل فتح تحقيق في الملفات الواردة في تقارير المجلس الأعلى للحسابات إلا بعد إحالتها عليها من طرف النيابة العامة بالمجلس، وذلك في شكل صك اتهام وليس ضمن تقاريره السنوية، على اعتبار أن التقارير تندرج ضمن الاختصاص الاستشاري للمجلس وليس القضائي وتنقسم المسطرة المتبعة أمام المجلس الأعلى و المجالس الجهوية للحسابات إلى شقين منفصلين، مسطرة البث في الحسابات و المسطرة التأديبية، تنقسم المسطرة المتبعة أمام المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات إلى شقين منفصلين: مسطرة البث في الحسابات والمسطرة التأديبية، في الشقين معا، لا يمكن أن تتجاوز العقوبات المحكوم بها من طرف المجلس الغرامة، على ألا تتجاوز في مجموع مبالغها عن كل مخالفة المرتب السنوي الصافي للمعني بالأمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة. وفي الشقين معا، هناك إمكانية الإحالة على وزير العدل، وهي آلية متروك أمر اعتمادها للنيابة العامة بالمجلس، بحيث إذا ظهر أن الأمر يتعلق بأفعال تستوجب عقوبة جنائية رفع الوكيل العام للملك بالمجلس الأمر من تلقاء نفسه أو بإيعاز من الرئيس الأول إلى وزير العدل قصد اتخاذ ما يراه مناسبا وأخبر بذلك السلطة التي ينتمي إليها المعني بالأمر، ويخبر وزير العدل المجلس بالتدابير التي اتخذها بحسب منطوق المادة من 111 مدونة المحاكم المالية. حالات الاختصاص التأديبي يعتبر البت في الحسابات من أهم اختصاصات المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، وهو يرمي بالأساس إلى رصد وضعية الحسابات الممسوكة لدى المحاسبين العموميين أو المحاسبين بحكم الواقع . وتشمل الرقابة القضائية للمجلس المحاسبين العمومين دون الآمرين بالصرف، على اعتبار أن المادة الثالثة من قانون المحاكم المالية نصت على أنه «يدقق المجلس في الحسابات التي يقدمها المحاسبون العموميون مع مراعاة الاختصاصات المخولة بمقتضى هذا القانون للمجالس الجهوية للحسابات». ولا يهدف الاختصاص الموضوعي للمجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات في مجال البت في الحسابات إلى الرقابة على كل الاختصاصات الموكولة للمحاسب العمومي، وإنما على الاختصاص التأديبي في حالات عدم تبرير إنجاز عمل عدم صحة حساب التصفية غياب التأشيرة المسبقة للالتزام عدم احترام قواعد التقادم وسقوط الحق عدم مراعاة قوة إبراء التسديد عدم اتخاذ الإجراءات التي يتوجب على المحاسب العمومي القيام بها في مجال تحصيل الموارد. كيف يجري التحقيق ؟ وتنتهي عملية التدقيق في الحسابات من طرف القاضي المالي إلى إحدى ثلاث فرضيات: برئ الذمة ، مما يعني توفر المحاسب على حسابات مدققة. حساب فائض ، بمعنى أن يكون الحساب الذي يديره المحاسب يعرف فائض في الحساب. وأخيرا حساب العجز، أي بوجود فارق في علاقة الموارد بالنفقات بظهور نقص في الحساب. وتتم الرقابة القضائية على حسابات المحاسبين العموميين بشكل تلقائي ، على اعتبار أن المحاسبين العموميين ملزمين بمقتضى مرسوم المحاسبة العمومية بعرض كل العمليات المالية التي قاموا بها على المجلس الأعلى للحسابات أو المجالس الجهوية للحسابات حسب الاختصاص المحدد بمقتضى قانون المحاكم المالية، وذلك بشكل سنوي ووفقا للأشكال المنصوص عليها في النصوص القانونية وتعتبر مسطرة التدقيق والتحقيق مسطرة الزامية على اعتبار أن المحاكم المالية تقوم تلقائيا بفحص الحسابات المحالة عليها لأجل تدقيقها والتحقيق بشأنها بشكل تلقائي وسنوي. وتمر عملية البت في الحسابات وفق مسطرة كتابية، يقوم خلالها المستشار المقرر بتدقيق حسابات المحاسب العمومي بنفسه أو بواسطة مدقق تحت مسؤوليته بمقتضى الفصل 30 من قانون المحاكم المالية بعد نهاية مرحلة التدقيق يقوم المستشار المقرر بالتحقيق في المخالفات التي يعاينها، وذلك بفحص الوثائق والمستندات المثبتة للحساب وتنتهي المسطرة باعداد المستشار المقرر لتقريرين، يتضمن الأول نتائج التحقيق المتعلقة بالبيان المحاسبي المصحوب بالوثائق المبررة، ويتضمن الثاني الملاحظات المتعلقة بالتسيير. وفي حالة ثبوت عجز ميزانية المحاسب العمومي دون أن يقوم بإثبات العجز بشكل قانوني خلال مسطرة التحقيق أو لم يقم بالإجابة على ملاحظات المستشار المقرر، فإنه يكون مسؤولا ماليا، ويمكنه دفع المسؤولية عنه في مجال تحصيل الموارد، إذا أثبت أنه قام بما كان عليه القيام به باعتبار أن مسؤوليته هي مسؤولية بذل عناية وليس بتحقيق نتيجة. لكن إذا ما ثبتت مسؤولية المحاسب العمومي الشخصية عن العجز، فإنه يكون ملزما بإرجاع النقص الحاصل في حسابه بمقتضى أمر تمهيدي يقترحه المستشار المقرر على هيئة الحكم في إطار التسوية الودية للنزاع، أو بإرجاع المبالغ المالية التي تصرح بها المحكمة كمستحقات للجهاز العمومي داخل أجل ثلاثة أشهر. عند عدم استجابة المحاسب العمومي للأمر المذكور، فإنه للمحكمة اتخاذ اجراءات أكثر صرامة لتنفيذ ذلك كإصدار غرامة تهديدية قدرها 500.00 درهم عن كل شهر تأخير داخل أجل اثني عشر شهرا من صدور الحكم التمهيدي. وقيام مسؤولية المحاسب في نطاق البت في الحساب لا يمكن أن يكون موضوعا للمسؤولية في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على أساس القاعدة الفقهية بأنه «لا يعاقب على الجرم مرتين». إلا أن إقرار المسؤولية المالية للمحاسب العمومي لا يعفيه من المسؤولية المدنية والمسؤولية التأديبية الإدارية طبقا للفصل 111 من قانون المحاكم المالية. الإختلال شيء و الإختلاس شيء آخر واذا كانت مسطرة البت في الحسابات تتعلق بشق من اختصاصات المحاسب العمومي، فإن مسطرة التأديب المتعلق بالميزانية و الشؤون المالية تسري على المحاسب العمومي كما تسري على الآمرين بالصرف والمراقبين. وتتميز هذه الرقابة وفق هذا الشق من المسطرة أمام المجلس الأعلى للحسابات، بكونها أعم وأشمل من الرقابة السابقة ، خاصة من حيث الأشخاص المخاطبين بأحكامها، على اعتبار أنها تشمل حسابات المحاسبين العموميين والموظفين والأعوان الذين يعملون تحت سلطتهم أو لحسابهم وكذلك كل مراقب للالتزام بالنفقات والمراقبين الماليين والموظفين والأعوان العاملين تحت إمرتهم أو لحسابهم، كما تمارس هذه الرقابة على كل آمر بالصرف و آمر بالصرف مساعد، وكذا الأعوان الذين يشتغلون تحت سلطتهم أو لحسابهم في نطاق اختصاصاتهم المالية. و تشمل مسطرة التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية ، بحسب الفصل 54 من قانون المحاكم المالية. مخالفة قواعد الالتزام بتصفية النفقات العمومية والأمر بصرفها عدم احترام النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية مخالفة القواعد المرتبطة بإثبات الديون العمومية وتصفيتها والأمر بصرفها حصول الشخص لنفسه أو لغيره على منفعة غير مبررة نقدية أو عينية إخفاء المستندات أو الإدلاء إلى المحاكم المالية بأوراق مزورة أو غير صحيحة: مخالفة قواعد التدبير لممتلكات الأجهزة الخاضعة لرقابة المجلس. إلحاق ضرر بجهاز عمومي. كما نصت المادة 55 من نفس القانون على خضوع كل مراقب للإلتزام بالنفقات وكل مراقب مالي وكذا كل موظف أو عون يعمل تحت سلطتهما أو لحسابهما (مراقب الالتزام بالنفقات أو المراقب المالي) للجزاءات والمساءلة، إذا لم يقوموا بمهامهم والرقابة طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها، على الوثائق والمستندات المتعلقة بالالتزام بالنفقات وعلى الوثائق المرتبطة بالمداخيل وذلك قصد التأكد من توفر الإعتمادات من توفر المنصب المالي من مطابقة مشروع الصفقة للنصوص المنظمة لإبرام الصفقات العمومية لاسيما الإدلاء بالشهادة الإدارية أو بالتقرير المتعلق بتقديم الصفقة المبرر لاختيار طريقة إبرام الصفقة من مطابقة صفقة الأشغال أو التوريدات أو الخدمات لقواعد طلب المنافسة على من يعنيهم الأمر من مشروعية القرارات المتعلقة باقتناء العقار والاتفاقيات الموقعة مع الغير وبمنح الإعانات المالية. من كون مبلغ الالتزام المقترح يشمل مجموع النفقة التي تلتزم الإدارة بها. الحكم بإعادة المبالغ المالية ويستثنى مراقبو الالتزام بالنفقات والمراقبين الماليين من الخضوع لمقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 66 التي تنص على أنه «إذا ثبت للمجلس أن المخالفات المرتكبة تسببت في خسارة لأحد الأجهزة الخاضعة لرقابته، قضي على المعني بالأمر بإرجاع المبالغ المطابقة لفائدة هذا الجهاز من رأسمال وفوائد، وتحسب الفوائد على أساس السعر القانوني ابتداء من تاريخ ارتكاب المخالفة». و يخضع للعقوبة كذلك كل محاسب عمومي وكل موظف أو عون يعمل لحسابه وتحت سلطته، إذا لم يمارسوا أثناء تأذيتهم لوظائفهم المراقبات الملزمين بها طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية المطبقة عليهم والمتعلقة ب : التوفر على صفة الآمر بالصرف توفر الاعتمادات صحة تقييد النفقات في أبواب الميزانية المتعلقة بها. تقديم الوثائق المثبتة التي يتعين عليهم طلبها قبل أداء النفقات طبقا للنصوص التنظيمية المعمول بها. كما يمكن أن يصبح هؤلاء عرضة للمساءلة والجزاءات المقررة وذلك في حالة ما. إذا لم يقوموا بمراقبة مشروعية تحصيل وتنزيل المداخيل المرصدة في صناديقه. إذا أخفوا المستندات أو أدلوا إلى المجلس بوثائق مزورة أو غير صحيحة إذا حصلوا لأنفسهم أو غيرهم على منفعة أو مصلحة غير مبررة نقدية كانت أو عينية. وطبقا للفصل 57 من قانون المحاكم المالية، فإن تحريك المتابعة مسند للوكيل العام أو وكيل الملك بالمجلس الأعلى للحسابات تلقائيا أو بطلب من الرئيس الأول أو إحدى هيئات المجلس. كما يمكن أن يتوصل الوكيل العام بتقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة تستوجب المتابعة من الوزير الأول رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين، بالإضافة إلى وزير المالية و الوزراء فيما يخص الأفعال المنسوبة إلى الموظفين والأعوان العاملين تحت سلطتهم، أو العاملين في المؤسسات الخاضعة لوصايتهم. بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات، فإن القضية ترفع بواسطة وكيل الملك الى المجلس من طرف وزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية بعد الادلاء بتقارير الرقابة أو التفتيش مشفوعة بالوثائق المثبتة طبقا للفصل 138 من قانون المحاكم المالية. وإذا اقتنع الوكيل العام أو كيل الملك حسب الحالة، بثبوت الأفعال في حق المعنيين بالأمر فانه يقوم بالمتابعة ويتقدم إلى رئيس المجلس بملتمس تعيين مستشار مقرر مكلف بالتحقيق ويبلغ المعنيين بالأمر بالمتابعة، إلا أنه إذا لم يقتنع بثبوت الأفعال المنسوبة للمعني بالأمر فإنه يحفظ القضية بقرار معلل ويبلغ ذلك للجهة التي عرضت عليه القضية. ويسير المستشار المقرر إجراءات التحقيق والبت في القضية، يقوم بجميع التحريات لدى جميع الأجهزة العمومية والخاصة والاطلاع على جميع الوثائق والاستماع لجميع الأشخاص الذين يرى بقيام مسؤوليتهم، كما يقوم بالاستماع إلى الشهود وفقا لقواعد المسطرة الجنائية بحضور كاتب للضبط الذي يحرر محاضر الاستماع . بعد التحقيق، يوجه المستشار المقرر الملف للوكيل العام الذي يتقدم بملتمساته في أجل 15 يوما من تاريخ التوصل، ثم يبلغ المعني بالأمر من أجل الاطلاع بكتابة المجلس على الملف إما شخصيا أو بواسطة محام. كما يمكنه الحصول على نسخ من وثائقه، ويبقى له أجل 30 يوما لأجل الإدلاء بمذكرته الجوابية ويبقى لرئيس المجلس سلطة تقرير إحالة القضية على الغرفة المختصة بقضايا التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية التي يستدعى لها المعني بالامر قبل 15 يوما على الأقل. عقوبة الغرامة وسلطة التأديب في حالة ثبوت الأفعال المنسوبة للمعني بالأمر بشأن المخالفات المالية المنصوص عليها في المواد من 54 إلى 56 يصدر المجلس الأعلى للحسابات الغرامة المقررة في إطار الرقابة القضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية. والغرامة المالية هي العقوبة الوحيدة التي يملك المجلس صلاحية الزجر بها، وهي غرامة تقرر وفقا لدرجة خطورة المخالفة المالية وطبيعة تكرارها والتي لا يجب أن تقل عن ألف (1000) درهم وألا تتجاوز مجموع مبلغ الغرامة عن كل مخالفة المرتب السنوي الصافي للمعني بالأمر عند تاريخ ارتكاب المخالفة. أما إذا اكتشف المجلس أفعالا من شأنها أن تعرض المعني بالأمر لعقوبة تأديبية أو جنائية يتم تطبيق أحكام 111 من القانون رقم 62-99 والتي تنص على أنه «لا تحول المتابعات أمام المجلس الأعلى للحسابات دون ممارسة الدعوى الجنائية والدعوى التأديبية، إذا اكتشف المجلس أفعالا تستوجب عقوبة تأديبية، أخبر الوكيل العام للملك بهذه الأعمال السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للمعني بالأمر والتي تخبر المجلس خلال أجل ستة أشهر في بيان معلل بالتدابير التي اتخذتها.. وإذا كان الأمر يتعلق بأفعال «يظهر أنها تستوجب عقوبة جنائية رفع الوكيل العام للملك الأمر تلقاء نفسه أو بإيعاز من الرئيس الأول إلى وزير العدل قصد اتخاذ ما يراه مناسبا وأخبر بذلك السلطة التي ينتمي إليها المعني بالأمر، ويخبر وزير العدل المجلس بالتدابير التي اتخذها»، بحسب المادة 111دائما.