تخبط. تسعف هذه الكلمة أكثر من غيرها لوصف التصريحات الاستقلالية في تعاطيها مع الأزمة الحكومية، إذ في الوقت الذي أبدت قيادات حزبية مسؤولة عن استعداد حزب الاستقلال الجلوس إلى جانب عبد الإله ابن كيران على طاولة واحدة، لبحث احتواء الخروج «غير المفعل» من الحكومة، خرج قيادي في تصريح يعلن من خلاله تشبث الاستقلاليين بالتحكيم الملكي . فهل هو التضارب في الرؤى، دب في أوصال القيادة الاستقلالية بعدما عمرت أزمة الأغلبية الحكومية لأكثر من شهر؟ الأمر يبدو كذلك . فقبل ثلاثة أيام من الآن صرح قيادي بارز ل«الأحداث المغربية» أن حميد شباط مستعد للتفاوض مع عبد الإله ابن كيران، حتى دون إثارة مطلب التعديل الحكومي، لكن عندما استفسرته الجريدة عن السر في تراجع الحزب عن مواقفه التي ظلت ديدن شباط طيلة خرجاته الأخيرة، تساءل المسؤول الحزبي بابتسامة ماكرة «ومتى كانت الخرجات والتصريحات تعبر بالضرورة عن مواقف الحزب؟» ليردف بالقول إن حزب الاستقلال سيلبي دعوة ابن كيران من الغد لو دعا لاجتماع الأغلبية، مضيفا أن شرط الاستقلاليين الوحيد يتمثل في صياغة برنامج حكومي جديد يستجيب للظرفية الدقيقة التي تمر منها البلاد ويتناغم مع التدابير التي دبجها الاستقلاليون في المذكرتين اللتين سبق أن رفعوها لرئيس الحكومة. تصريحات جاءت متناقضة تماما مع تصريحات لقيادي استقلالي آخر، أكد أمس لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» أن حزب الاستقلال متشبث بالتحكيم الملكي، ولم يصرف نظره عنه «مقابل تفاهمات مع رئيس الحكومة». المصدر نفسه ذهب أكثر من ذلك عندما أكد أن «مسألة التحكيم الملكي أصبحت مرتبطة ببضعة أيام فقط» حيث من المنتظر أن يستقبل جلالة الملك الأمين العام لحزب الاستقلال نهاية الأسبوع الجاري ، على حد قوله. وكأنه يضفي مزيدا من التناقض على تصريحات الاستقلاليين، علق قيادي ثالث اتصلت به «الأحداث المغربية» أمس على خبر اعتزام جلالة الملك استقباله للأمين العام لحزب الاستقلال نهاية الأسبوع بالقول، إن «ذلك مجرد كلام» كما أن قيادة الحزب لم تتوصل بما يفيد بالاستقبال الملكي. من جانب آخر، فتضارب الرؤى داخل القيادة الاستقلالية في التعاطي مع أزمة الأغلبية، بات كذلك قناعة لدى بعض مكونات الأغلبية. أول أمس في اتصال مع «الأحداث المغربية»، حرص سليمان العمراني نائب الأمين العام على ترديد «شباط ومن يدور في فلكه» بدل استعمال «حزب الاستقلال» في إشارة إلى أن حزب رئيس الحكومة لا يضع كل الاستقلاليين في كفة واحدة. الموقف نفسه عبر عنه من جانبه قيادي بحزب التقدم والاشتراكية، مؤكدا قناعته بأن شباط والمحسوبين عليه، لايمثلون كل وجهات النظر داخل حزب الاستقلال، بل هناك أصوات قيادية وبرلمانية استقلالية ، لاتنظر بعين الرضى إلى ما يقع، لكنها لا تعبر عن ذلك صراحة.