الاحتجاجات. تنسيقيات خريجي الجامعات العاطلين قررت أن تشتت في عدد من مناطق وأحياء العاصمة الرباط، أشكالها الاحتجاجية ومظاهراتها التي تقطع في الكثير من الأحيان حركة السير والجولان في عدد من الشوارع الكبرى وسط العاصمة الرباط. ما وقع عصر أول أمس الأربعاء في شارع محمد الخامس أظهر أن قوات الأمن أربكتها الخطة الجديدة لاحتجاج العاطلين. الساعة الخامسة والربع من عصر أول أمس الأربعاء ،حوالي 400 من العاطلين المشكلين لإحدى التنسيقات تلتحق بشارع محمد الخامس وسط العاصمة الرباط، قادمة من حي حسان. بضعة أفراد من القوات المساعدة كانت تحرس البوابة الرئيسية لمبنى البرلمان سرعان ما تشجع بعض أفراد من المجموعة، التي كانت قد وصلت للتو، لامتطاء السياج الحديدي الذي يشكل سور بناية البرلمان ، بسرعة البرق التحق عدد كبير من المحتجين بمن تسلق السياج الحديدي وهناك وقعت المشادات بينهم وبين أفراد القوات المساعدة الذين أبدوا على قلتهم الكثير من الشجاعة في التصدي لعشرات العاطلين الذين حاصروهم من كل جهة لمنعهم من مواصلة الصعود لاقتحام بناية البرلمان. لم تنفع أية حيلة في مواجهة جحافل الغاضبين سوى صعود أفراد قوات الأمن الحائط القصير الذي ينتصب فوقه السياج والتلويح بالعصي في وجوه العاطلين دون أن تكون في نيتهم الضرب. ما كان من المحتجين سوى الدخول في مشادات وصلت في الكثير من الأحيان إلى ضرب أفراد القوات المساعدة. “الأحداث المغربية” عاينت كيف أن عددا كبيرا من العاطلين استعملوا أرجلهم لضرب حماة بناية البرلمان. استمر هذا الوضع السيء زهاء النصف ساعة ، عانى فيها أفراد القوات المساعدة الأمرين قبل وصول تعزيزات قليلة لمؤازرتهم. وبعدها عادت الأمور إلى ما كانت عليه من قطع حركة سير شارع محمد الخامس بالكامل وضرب سيارات المواطنين الذين حاولوا المرور من بين الحشود الكبيرة من العاطلين . الملاحظة الغريبة التي سجلت أثناء محاولة الاقتحام الجدية لمقر البرلمان، هي غياب عناصر الشرطة في مكان الحادث بل إن المسؤولين الأمنيين الذين كانوا يرابضون بكثافة أمام مبنى البرلمان لم يظهر لهم أثر في كل أطوار الهجوم على سياج البرلمان. بعض المراقبين اعتبروا أن الغياب كان مقصودا بعدما تعرض أفراد الشرطة وقوات الأمن لانتقادات لاذعة بعد الحادثة التي تم فيها الاعتداء على النائب البرلماني عبد الصمد الإدريسي. لكن مصدرا أمنيا أفاد بأن قوات الأمن فوجئت بالعاطلين يتفرقون في عدة أماكن بالرباط بل وحاولوا التوجه إلى ضريح محمد الخامس مما دفع قوات الأمن إلى التحرك من مكان إلى آخر لمواجهة العاطلين في المناطق التي تفرقوا فيها. في عين المكان أي أمام بوابة البرلمان، لم تسجل الجريدة أي تحرك أمني على عكس ما كان معهودا في باقي الأيام. ظل أفراد القوات المساعدة لوحدهم قبالة مبنى البرلمان يتلقون الأوامر من بعض مسؤوليهم بعدما غابت الشرطة. النائب البرلماني عبد الصمد الإدريسي الذي كان يعاين من بعيد واقعة محاولة الاقتحام، قال “للأحداث المغربية” إنه جواب سيء من وزارة الداخلية على واقعة الاعتداء على برلماني، فلا معنى أن تغيب قوات الأمن كلية عن حماية مقر البرلمان وتركه عرضة للاقتحام. لم يكن غياب قوات الأمن هو النقطة الوحيدة التي سجلت عصر أول أمس الأربعاء بل إن أفراد القوات المساعدة كانت كثيرة التساهل مع العاطلين. المسؤولون عن وحدة القوات المساعدة التي كانت في عين المكان أطلعوا الصحفيين الذين كانوا يتابعون مجريات محاولات الاقتحام أنهم وجهوا تعليمات لرجالهم بعدم استعمال أي ضرب من ضروب العنف تجاه العاطلين إلا في الضرورة القصوى وهو ما كان بالفعل، الجريدة عاينت كيف أن أفراد القوات المساعدة لوحوا فقط بعصيهم دون استعمالها في ضرب المحتجين وهو ما شجع بعضهم على الدخول في مشادات بالأيدي والأرجل معهم. مسؤولو الأمن بولاية الأمن بالعاصمة الرباط، لديهم رواية أخرى لما جرى عشية يوم الأربعاء الماضي. على لسان أحد هؤلاء، فقوات الأمن لم تكن غائبة عن شارع محمد الخامس ولكن أفرادها كانوا يتبعون العاطلين في عدد من مواقع العاصمة الرباط، التي حاولوا اقتحامها بل واقتحموها. مسؤول ولاية الأمن بالعاصمة الرباط الذي تحدثت إليه “الأحداث المغربية” قال إن المحتجين كانت لديهم خطة الانتشار والتفرق في عدد من المناطق في وسط العاصمة الرباط وخاصة في الحي الإداري الذي يضم عددا من مقرات الوزارات والأحزاب السياسية ، وهو ما صعب عملية تتبعهم في كل الأمكنة التي يتوجهون إليها. فعلا وقبل حلولهم أمام مقر البرلمان كان عشرات العاطلين قد اقتحموا المقر المركزي لحزب الحركة الشعبية بشارع باتريس لوموبا بالرباط. مصادر من داخل الحركة الشعبية قالت للجريدة إن جحافل العاطلين نجحت فعلا في الوصول للطابق الذي يوجد به مكتب الأمين العام لحزب الحركة الشعبية ووزير الداخلية امحند العنصر. مصادر الجريدة قالت إن جريدة الحركة الناطقة باسم الحزب كانت هي الأخرى مسرحا لعملية اقتحام بعدما اعتبرت تنسيقيات خريجي الجامعات أن اقتحامها لبنايات تابعة لحزب العنصر جاءت كرد على تصريحات وزير السياحة لحسن حداد لإحدى الصحف والتي أعاد فيها التأكيد على عدم خضوع الحكومة لأي ضغط لإدماج العاطلين بشكل مباشر في أسلاك الوظيفة العمومية. الجيلالي بنحليمة.