في سباقه مع الزمن لامتصاص غضب النقابات والتدشين لدخول اجتماعي هادىء، لم يأت رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران إلى طاولة الحوار الاجتماعي، التي جمعته طيلة الأسبوع الماضي بمقر رئاسة الحكومة خاوي الوفاض، فبعدما اجتهد في تقديم صورة عن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للمسؤولين النقابيين، أخرج من جعبته آلية جديدة لمناقشة للحوار تهم القضايا الراهنة أو الطارئة. إضراب أو إعتصام مفتوح، تسريح جماعي لعمال أو تضييق عن حرية العمل النقابي داخل وحدات الانتاج، بالاضافة إلي قضايا أخرى، كلها أمور يمكن أن تخرج من دائرة الحوار الاجتماعي العادي، لتدخل في اختصاص الآلية الجديدة، والمتمثلة في لجنة دائمة تضم النقابات ورئيس الحكومة وبعض الوزراء تجتمع بشكل دوري وكلما دعت الحاجة. غير أن المقترح، الذي بسطه اين كيران على الطاولة أمام قيادات المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، وإن لقي ترحيبا من قبل بعض النقابات النقابات، فإن مركزيات أخرى تنظر إليه بعين الريبة، بل أكثر من ذلك فهو «مجرد محاولة لدر الرماد في العيون»، حسب تعبير مصدر نقابي من المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين. فبن كيران، الذي تعهد، وهو يلتقي الوفود النقابية واحدا بعد الأخير، بأن حكومته ستستأنف الحوار الاجتماعي بمنهجية جديدة، لايجد تعهده صدى كبيرا لدى مسؤولي النقابات، الذين يطالبون فقط الحكومة بأن تعمل على مأسسة الحوار الاجتماعي، عوض خلق لجنة دائمة، فوفقا للمصدر نفسه، الذي لم يبد ارتياحه لهذه الآلية الجديدة، لم يتردد بالقول أنه «إذا أردنا أن نقبر عملا أو مشروعا نخلق له لجنة»، «تراجع القدرة الشرائية للطبقةالشغيلة أمام ارتفاع الأسعار والتضييق على العمل النقابي»، يتساءل معه المصدر ذاته، هل ستنفع معه لجنة دائمة قد تنعقد وقد لا تنعقد، ويرى أن المخرج الوحيد لتسوية مثل هذه القضايا، هو مأسسة الحوار وإعطاء الأولوية للملفات حسب أهميتها. إلا أن ابن كيران، الذي كان متوجسا، من الدخول الاجتماعي الحالي، بعد ارتفاع حدة الغضب النقابي بسبب عدم تنفيذ كل مقتضيات اتفاق 26 أبريل 2011، فإن تدشينه الأسبوع الماضي، لسلسلة من اللقاءات التشاورية مع النقابات، سعى من خلالها إلى امتصاص غضبها ودعوتها للتهدئة والانحناء حتى تمر عاصفة تداعيات الأزمة التي تضرب منطقة اليورو الشريك الأساسي للمغرب.