ناصر بن عبد الجليل مصرفي مغربي، عمره 33 عاما، يعمل لحساب صندوق استثمار بالدارالبيضاء. وهو رياضي يهوى تسلق القمم والجبال، وحدد لنفسه تحد كبير يتمثل في بلوغ جبل إيفرست أعلى قمة في العالم، في مارس القادم. “أريد أن أصبح أول مغربي يبلغ قمة أيفرست”. هذا هو حلم ناصر بن عبد الجليل، وهو مصرفي يعمل لصالح صندوق استثمار مغربي بمدينة الدارالبيضاء، ويركز عمله على إعداد وبيع المشاريع المالية. ولكن أوقات الفراغ يقضيها في التمرين الشاق والتدريب الكثيف. ناصر يعشق التسلق والعدو، لذلك حدد لنفسه التحدي الأكبر: بلوغ قمة إيفرست، بجبال الهملايا على حدود التبت والنيبال، وهي أعلى قمة في العالم يبلغ ارتفاعها 8848 مترا. ويخطط لتسلقها في نهاية آذار/مارس المقبل. المغامرة هي “بمثابة تناول مخدرات“ ومن أجل تحقيق الحلم، يتدرب المغامر المغربي (33 عاما) بين 10 ساعات و15 ساعة في الأسبوع، عدوا أو ركوبا على دراجته الهوائية. ممارسة الرياضة بالنسبة إليه “هي بمثابة تناول المخدرات”، لا يستطيع “التخلي عنها” وإلا “فقد توازنه” وأصبح “مضطربا”. فهو يحضر نفسه بدنيا ومعنويا، لأن المغامرة ستكون صعبة وشاقة وطويلة تستمر نحو شهرين أو أكثر. نقطة الانطلاق ستكون في عاصمة النيبال كاتماندو، كما يوضح ذلك المصرفي المغربي: “سنصلها في نهاية آذار/مارس، لنقصد معسكرا قرب جبل أيفرست مشيا على الأقدام. ويتابع ناصر بن عبد الجليل: “هناك، وخلال ثلاثة أسابيع، سنتدرب ونتأقلم مع المكان والمناخ، لنعود بعدها إلى المعسكر لاستعادة قوتنا قبل عملية التسلق التي ستستمر نحو عشرة أيام، حسب أحوال الطقس”. وفي حال بلغ قمة أيفرست، سيسارع إلى رفع العلم المغربي على “سطح العالم” فخرا واعتزازا ببلده. من جبال الألب إلى جبل توبقال بالمغرب وكان العامل الوطني أحد الدوافع التي استغلها المغامر عندما طلب مساعدة مالية من بعض الشركات المغربية لتمويل مشروعه الرياضي. فعملية تسلق إيفرست هي أيضا مغامرة مالية قد تصل كلفتها إلى 45 ألف يورو. ويشير ناصر إلى أن “كلفة التأشيرة وحدها، والتي يجب دفعها لحكومة النيبال، تقدر ب 20 ألف يورو، إضافة إلى كلفة الخيم والطعام والمرافقين والمرشدين، وهم حوالى أربعين شخصا”. ناصر بن عبد الجليل عندما تسلق جبل الأكونغوا (6959 م) الأعلى في أمريكا الجنوبية، في 2005 قصة ناصر بن عبد الجليل مع التسلق بدأت في بداية الألفية الثالثة، عندما كان يشارك في سباقات الماراتون في باريس ولندن. والتقى رجلا تسلق جبل ماك كينلي، بألاسكا الأمريكية، الذي يبلغ ارتفاعه 6194 مترا، ليدرك ساعتها أن “الماراتون لم يعد منافسة شاقة مقارنة بالتسلق”. فانطلق في تسلق القمم، بدءا بجبال الألب (4810 أمتار) في 2003 وصولا إلى توبقال بالمغرب (4167 م)،في 2009، مرورا بالأكونغوا (6959 م) الأعلى في أمريكا الجنوبية، في 2005، وماك كينلي، في 2007. فتجذرت لديه روح المغامرة، وهي روح يصفها بأنها “رياضية ومعنوية وفلسفية، إذ أنك تجد نفسك أمام الطبيعة وتشعر بضعفك أمامها”. المغامرة محفوفة بالمخاطر ولكن روح المغامرة محفوفة بالمخاطر، كما يقر بذلك ناصر بن عبد الجليل وهو يفكر في زميله لودوفيك شاليا أحد أبرز المرشدين في تسلق الجبال والذي لقي حتفه في أيلول/سبتمبر الماضي في انهيار ثلجي بالنيبال. “لقد تألم كثيرا لوفاته”، وقال لنفسه يومها “هل من المعقول أن تضع حياتك في خطر باسم المغامرة” وتذكر مقولة المتسلق الأمريكي إيد فيستارس: “الصعود خيار ولكن النزول أمر حتمي”. المصرفي المغربي يرفض شعار “المغامرة مهما كان الثمن”، ويفضل توخي الحذر لتفادي غضب الطبيعة. وهو يخطط من الآن لعبور المحيط الأطلسي بالتجديف وتسلق جبل “ك 2″ وهو ثاني أعلى قمة في العالم ولما لا قمة فنسن (4892 م) أعلى قمة بالقطب الشمالي. ويأمل ناصر بن عبد الجليل أن يكون قدوة لأطفال بلاده، وهو مستعد للقيام بزيارات إلى المدارس للحديث مع الطلاب وتحفيزهم على تحقيق أحلامهم، دائما مع التزام الحذر. تماما كما في مجال المصارف والأعمال…