واشنطن – على بعد يوم واحد من الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدةالامريكية، تشير جميع المؤشرات إلى فوز الديمقراطي جو بايدن على الجمهوري، دونالد ترامب. فإذا ما تم الأخذ بنتائج استطلاعات الرأي الوطنية، حيث حافظ المرشح الديمقراطي على تقدمه بفارق كبير بلغت نسبته 10 في المئة وذلك لعدة أشهر، فسيكون قد تمكن بالفعل من حسم السباق الرئاسي، غير أنه لا يمكن، مع ذلك، إغفال استماتة الرئيس المنتهية ولايته وتصميمه، مرة أخرى، على تحدي جميع التوقعات. وتبقى استطلاعات الرأي الوطنية مؤشرا غير دقيق بالنسبة للنتائج الحقيقية لانتخابات أمريكية، ألم يكن من المفترض، وفقا لهذه الاستطلاعات، أن تحقق هيلاري كلينتون سنة 2016 فوزا سهلا على منافسها ترامب. ما يثير قلق الديموقراطيين من تكرار نفس السيناريو، لكنهم يدفعون بأن الوضع سيكون مختلفا هذه المرة عما كان عليه قبل أربع سنوات. ويرجع هذا الإحساس بالتفاؤل الذي يحدو أنصار بايدن إلى نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة في ولايات متأرجحة ستحسم الفوز في هذه الانتخابات الرئاسية. وبالنظر إلى الخريطة الانتخابية، ندرك سريعا أن بايدن سيكون المرشح الأوفر حظا وذلك بفضل تقدمه المريح في ما يسمى بالولايات "الزرقاء" (الديمقراطية)، مثل كاليفورنيا ونيويورك ومساتشوستس من جهة، ومن جهة أخرى، بفضل اقتحامه للولايات الحمراء (الجمهورية)، كجورجيا وكارولينا الشمالية، حيث لا يوجد فارق شاسع بينه وبين ترامب وفق هذه الاستطلاعات. ولتحقيق الفوز النهائي في الانتخابات الرئاسية، على نائب الرئيس السابق استعادة الولايات الثلاث التي انتزعها ترامب من هيلاري كلينتون في العام 2016، وهي ولايات ويسكونسن وميشيغان، ولاسيما ولاية بنسلفانيا. فإذا عادت هذه الولايات الثلاث إلى حضن الديمقراطيين، يوم غد الثلاثاء، فسيكون من الصعب على ترامب تجاوز الحصول على أصوات 270 من الناخبين الكبار، الكفيلة بتأمين ولاية ثانية له. وبحسب استطلاعات الرأي التي صدرت في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية، من المتوقع أن يفوز بايدن بسهولة في ولاية ويسكونسن، بفارق مهم بنسبة 11 بالمئة، وفق استطلاع أجرته "نيويورك تايمز" ونشرته الأحد الماضي. ففي ميشيغان، تقدم المرشح الديمقراطي بنسبة 7 في المائة من الأصوات، بينما لم يحسم الامر في ولاية بنسلفانيا، ذلك أن الفارق يبلغ 5 في المائة فقط، أي أكثر بقليل عن هامش الخطأ في استطلاع الرأي. وهنا تمكن أهمية هذه الولاية التي تستأثر باهتمام المتنافسين على البيت الأبيض، حيث عقدا بها أكبر عدد من التجمعات الانتخابية مقارنة مع ولايات أخرى. ويوم السبت، قال ترامب لأنصاره في مدينة ريدينغ "إذا فزنا في بنسلفانيا فسيكون الأمر قد حسم ". وعلى غرار خصمه، نظم بايدن تجمعين يوم الأحد في فيلادلفيا، التي تعد أكبر مدن ولاية بنسلفانيا وضواحيها، وبالتالي تبقى أساسية في تأمين الفوز لنائب الرئيس السابق. من جانبها، برمجت المرشحة لنائبة الرئيس كامالا هاريس، زيارتين لولايتي كارولينا الشمالية وجورجيا، الولايتان الجمهوريتان تقليديا، غير أنه يبدو أنهما، في هذا السباق، في متناول بايدن هذا العام. وبحسب التحليل الإحصائي (فايف ثورتي إيت)، يتقدم نائب الرئيس السابق لباراك أوباما على منافسه بنسبة 2 في المائة في هاتين الولايتين، بحيث لا يحق للمرشح الجمهوري ارتكاب أي خطئ، لأن فوز الديمقراطيين في إحدى هاتين الولايتين سيكون مرادفا للضربة القاضية. الأمور لم تحسم بعد بالنسبة لترامب، الذي تلقى أنصاره جرعة أمل أول أمس السبت من خلال نتائج استطلاع رأي ل"دي موين ريجستر / ميدياكوم" والذي أعطى المرشح الجمهوري الفوز بنسبة 7 في المائة في ولاية أيوا ، وهي ولاية في وسط غرب البلاد، والتي فاز بها بسهولة خلال العام 2016. ويمكن لترامب الاعتماد على عامل آخر، يتمثل في نسبة المشاركة، فمن بين أكثر من 90 مليون أمريكي سبق لهم الإدلاء بأصواتهم، أغلبهم كانوا من الديمقراطيين، مما يشير إلى أن غالبية الناخبين المتبقين مؤيدون لترامب ويمكنهم ترجيح كفة الانتخابات في اللحظة الأخيرة. كما تمكن الرئيس الأمريكي خلال الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية من تسليط الضوء على إحدى نقاط قوته : الاقتصاد، حيث سجل الناتج المحلي الاجمالي عشية الانتخابات انتعاشا مذهلا بلغت نسبته 33,1 في المئة في الربع الثالث، وهو الإنجاز الذي لم يتأخر ترامب في التباهي به. ومع ذلك، فإن الطريق إلى الفوز يبدو أكثر تعقيدا بالنسبة للرئيس المنتهية ولايته، لأنه لا يتحتم عليه الفوز فقط في فلوريدا وتكساس وجورجيا وكارولينا الشمالية وأيوا وأوهايو، ولكن أيضا سيكون عليه انتزاع ولاية بنسلفانيا أو ميشيغان من الديمقراطيين. في لعبة الاحتمالات هذه، تبقى الأفضلية، في الوقت الحالي، لدى الديموقراطي بايدن.