أكد وزير الاقتصاد والمالية، السيد محمد بنشعبون، اليوم الإثنين بمراكش، أن المساهمة في بناء إفريقيا الغد يشكل أولوية استراتيجية بالنسبة للمغرب. وأوضح السيد بنشعبون، خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الدورة ال 52 لمؤتمر وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية الأفارقة التابع للجنة الاقتصادية لإفريقيا، أن “المساهمة في بناء إفريقيا الغد، المزدهرة والمتحررة والمستقلة والمستقرة والصامدة، يعتبر أولوية إستراتيجية ومسؤولية مشتركة للمملكة المغربية، المقتنعة بالإمكانيات الهائلة لشبابنا الإفريقي وقدراتنا الجماعية للقيام بتغيير إيجابي بالنسبة للقارة”. وأضاف أن هذه القناعة العميقة وهذا الإيمان بقدرة إفريقيا على التحكم في مصيرها يعتبران مرتكزين للرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مبرزا أن “جلالة الملك ما فتئ يجدد التأكيد على أهمية تعاون جنوب-جنوب معزز وتعددي لمواجهة تحديات التنمية التي نواجهها، وما التزام المغرب بإنجاح مؤتمر اليوم إلا دليل على ذلك”. وأشار السيد بنشعبون إلى أن “تزايد حجم التحديات التي يواجهها العالم اليوم تؤثر سلبا على وتيرة الأوراش الكبرى المنجزة، سواء تعلق الأمر بإرساء السلم والانتعاش الاقتصادي والاستقرار الماكرو اقتصادي، أو تسهيل المبادلات التجارية ومحاربة جميع أشكال الممارسات غير المشروعة. وسجل أن الضغوط تتزايد، لاسيما على البلدان النامية والبلدان الأقل نموا، علما أنه لم يتبق سوى عقد واحد لاستحقاق سنة 2030 المتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، معتبرا أن هذا الموقف الذي يتسم بالتغيرات السريعة والعميقة التي تهز المشهد الاقتصادي والجيو-استراتيجي العالمي، والتي تعيد تشكيل تدفقات التجارة، تتطلب مراجعة جذرية لنماذج التنمية. وأضاف أن هذا الأمر يدعو ، أكثر من أي وقت مضى، صناع القرار داخل المؤسسات الإنمائية الدولية، وكذا صناع القرار الوطنيين لتقديم إجابات واعدة ومبتكرة ومسؤولة، مشيرا إلى أن البلدان الافريقية مدعوة إلى تحفيز دينامية جديدة للنمو من خلال مقاربة متشاور بشأنها ومتعددة الفاعلين. وأكد أن ذلك يتأتى من خلال ضمان إطار ماكرو-اقتصادي سليم ويتميز بالمرونة، والنهوض بالمبادرة الخاصة من خلال الحكامة العمومية الجيدة والاستراتيجيات المتعددة القطاعات الشاملة والملائمة، وإعادة التموقع في المحيط الإقليمي والدولي وفق مقاربة رابح-رابح ترتركز على الاستغلال الأمثل للمزايا التنافسية. وأوضح في هذا الصدد أن الحكومات الإفريقية “مدعوة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى وضع سياسات عمومية واعدة والبحث عن الوسائل المالية والبشرية والتقنية الكفيلة بتنفيذها”. واعتبر السيد بنشعبون أنه أصبح من الضروري التوفر على رافعات مستدامة لتعزيز النجاعة والشفافية والحكامة الجيدة في مجال السياسة المالية، لاسيما من خلال اللجوء إلى الابتكار التكنولوجي والرقمنة، مبرزا أن “التقنيات الرقمية الجديدة تتيح اليوم وضع منصات قوية لتسهيل وتسريع مسلسل صنع القرار، وكذا تسهيل الولوج والمبادلات ومعالجة البيانات” . وأكد أن بإمكان القطاع الخاص الافريقي الاستفادة من هذه الثورة الرقمية، مشيرا إلى أن السياق الحالي في إفريقيا يشجع على اعتماد التكنولوجيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، بالنظر إلى توفرها على نسبة مهمة من الشباب، والتطور الملحوظ لحجم المعاملات الإلكترونية، مما يتيح إمكانيات هائلة لبروز نظام بيئي يحفز على الابتكار وروح المقاولة. ويشكل مؤتمر مراكش، الذي يناقش موضوع “السياسة المالية والتجارة والقطاع الخاص في العصر الرقمي .. استراتيجية من أجل افريقيا”، مناسبة للوزراء الأفارقة لتدارس السياسات المالية الضرورية لتنفيذ مشروع منطقة التبادل الحر القارية الافريقية، في إطار خطة الأممالمتحدة 2030 وخطة الاتحاد الافريقي لسنة 2063، وكذا الدور المحوري للقطاع الخاص في عصر الاقتصاد الرقمي.