إنصاف المدونة للنساء يدخل "الجامعة الدولية".. وهبي يطرح إشكالات    مصرع سائق جرار فلاحي في حادث مأساوي قرب الحسيمة (صور)    بنسعيد وداتي يفتتحان معهدا للسينما    الدورة ال4 للمؤتمر الوزاري العالمي للسلامة الطرقية .. نقطة التقاء من أجل إجراءات عالمية معززة (فيديو)    قاضية التحقيق تنتهي من ملف "اختلاسات دانيال" وتحيله على المحكمة    مندوبية التخطيط: الدخل السنوي للأسر المغربية فاق 89 ألف درهم    الأمطار الأخيرة تحيي أمل الفلاحين في الشمال وتحسن الفرشة المائية    المغرب أمام فرصة استراتيجية لتعزيز التعاون الأمني والعسكري مع موريتانيا ومالي    رشيدة داتي تزور الداخلة والعيون وتعود الثلاثاء إلى الرباط لتوقيع اتفاقيات    جيتكس إفريقيا يسرّع التحول الرقمي    توزيع خوذات على سائقي الدراجات    المغرب يتبوأ رئاسة لجنة حقوق الإنسان للأمم المتحدة: تكريم لدوره الفاعل في تعزيز حقوق الإنسان والحوار الدولي    قمة الاتحاد الإفريقي: مساهمة جوهرية وعالية للمغرب في كافة المواضيع    التوقيع على اتفاقية إطار بين قطاع الصناعة التقليدية وبريد المغرب والغرف المهنية لإطلاق برنامج مندمج لدعم القطاع ورقمنة خدماته    أداء إيجابي ينهي تداولات البورصة    مباحثات قضائية بين المغرب والسنغال    ميناء طنجة المدينة.. إحباط محاولة لتهريب أزيد من 64 ألف قرص مخدر وتوقيف ثلاثة أشخاص    بوعياش تنبه إلى إيقاف صرف الدعم المباشر عن عائلات فقيرة بالمغرب    بوطازوت تتعرض للإغماء في تصوير    استعدادًا للكان ومونديال 2030.. أبرشان يدعو الجماعة والجهة إلى رفع الدعم السنوي لاتحاد طنجة إلى ملياري سنتيم لكل منهما    تحديد مواقع أولية لتسع سفن غارقة خلال الحرب العالمية الأولى على طول سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة (بلاغ)    محامون مغاربة يطالبون بمنع أو محاكمة وزيرة المواصلات إسرائيلية خلال زيارتها للمغرب    القمة العربية المصغرة تتأجل 24 ساعة    تساقطات ثلجية وزخات رعدية بالمغرب    العثور على جثة التيكتوكر المفقود بسبب تحدي في عرض البحر    نتنياهو يتعهد بتنفيذ "خطة ترامب"    السعودية تعد لقاء ترامب مع بوتين    فيلمان سينمائيان يتقاسمان صدارة جوائز "بافتا" البريطانية    الإصابة بالصداع النصفي .. الأعراض والتخفيف من الألم    رئيس الفيدرالية البيمهنية للدواجن يفرد ل"رسالة 24″ : أسباب ارتفاع اسعار الدجاج والبيض    المدير العام للإيسيسكو يشيد بمبادرات الملك محمد السادس في المجال الاجتماعي    لليوم الرابع على التوالي.. تراجع أسعار النفط عالميا    النصيري يقود فريقه فنربخشة للفوز على قاسم باشا    فيروس "H5N1".. سلالة جديدة من إنفلونزا الطيور تنتشر    سعد لمجرد يدافع عن بسمة بوسيل ويرد على الإساءات ضد المغربيات    موتشي وكوثر تيسيا يفاجئان الجمهور بإعلان علاقتهما    الهلال السعودي يحتج على التحكيم ويطالب بحكام أجانب    الزمالك يخطط لتفعيل بند شراء عقد محمود بنتايك من سانت إتيان    المغرب يؤكد أمام قمة الاتحاد الإفريقي على موقفه الثابت والراسخ من عدالة القضية الفلسطينية    مصر للأمة العربية تناصر    أبطال مدارس جذور المعرفة للتعليم الخصوصي بالعرائش يفوزون بالبطولة الوطنية لكرة السلة    تجديد الثقة في بن الماحي ممثلا للقارة الإفريقية بالاتحاد الدولي للدراجات    عبد الإله بنهدار يصدر مسرحيته العاشرة    بلقصيري تسدل الستار على النسخة الأولى من منتدى القراءة والإبداع    دوري أبطال أوروبا: حظوظ سيتي "1 %" لتخطي ريال مدريد بحسب غوارديولا    مدينة الجديدة تستعد لاحتضان معرض دولي لتربية المواشي في دورته الثانية    ترتيب فرق القسم الأول للبطولة الوطنية عقب مباريات الدورة ال21    العالم العربي يقف اليوم على أعتاب لحظة تاريخية    القمة الإفريقية تدعو إلى وقف التطبيع مع إسرائيل وتصف الحرب على غزة ب "الإبادة الجماعية" وتطالب بمحاكمة مرتكبيها    رئيس الأنتربول : المغرب سينظم نسخة استثنائية لكأس العالم في كرة القدم    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    حقيقة تصفية الكلاب الضالة بالمغرب    خبير يكشف التأثير الذي يمكن أن يحدثه النوم على التحكم في الوزن    تفشي داء الكوليرا يقتل أكثر من 117 شخصا في أنغولا    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    الشيخ محمد فوزي الكركري يشارك في مؤتمر أكاديمي بجامعة إنديانا    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    









عيد الإستقلال ..معاني متجددة للكفاح الوطني و إرادة عابرة للأجيال .
نشر في أكادير 24 يوم 18 - 00 - 2024

عيد الإستقلال بالنسبة للأمة المغربية هو عنوان الإلتحام الدائم و الأزلي بين العرش العلوي المجيد و الشعب المغربي العظيم ، فهو نهاية حتمية و طبيعية لدرب طويل من التضحيات و العطاء و البذل المتبادل في سبيل الوطن و حريته و إستقلاله ، عيد الإستقلال هو اللحظة الفارقة التي عاشها المغرب في منتصف الخمسينات حيث برزت خصوصية الشعب المغربي الأصيل و العريق و مدى تمسكه بتميزه و بخصوصياته.
حيث أنه يأتي تحقيقا لمطالب ثورة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني المعاصر ، فهو نتيجة لقرار سياسي و مصيري جد مهم إتخذه المغفور له جلالة الملك محمد الخامس عندما إنحاز بشكل واضح و صريح إلى مطالب الشعب المغربي و أطلق شرارة ثورة الملك و الشعب بروح المسؤولية و الإلتزام و التضحية مفضلا أهوال النفي و الإبعاد و العزل من العرش مقابل عدم الرضوخ لمناورات الإستعمار و رغباته ، بقيادته لنضال الحركة الوطنية و إرادة الشعب المغربي الجامحة في الإستقلال و الحرية .
يوم 18 نونبر هو اليوم الذي حدد فيه الشعب المغربي بوضوح إتجاه بوصلة الكفاح ضد الظلم ،عندما إختار المغاربة النضال تحت قيادة العرش العلوي المجيد و الإصطفاف وراء بطل التحرير المغفور له الملك محمد الخامس في مواجهة الإستعمار و الإضطهاد و عملاءه بعد أن قدمَ في سبيل ذلك قوافل من الشهداء و المنفيين و المختفين قسرا و قرونا من الإعتقال في السجون ، 16 نونبر هو يوم من الأيام المجيدة للأمة المغربية صنعته العبقرية المغربية بنضال و مقاومة و كفاح مستميت حينما إختار الشعب المغربي يوم تولي السلطان سيدي محمد بن يوسف عرش الدولة العلوية المجيدة كيوم لبعث الروح الوطنية الصادقة المتجذرة في روح كل مغربي و مغربية بعد محاولات مستمرة للمستعمر بإطفاء جذوتها بسياساته العنصرية الغاشمة و محاولاته بث بذور التفرقة بين أبناء الشعب الواحد بشتى الطرق و الأساليب و نهبه لثروات الشعب المغربي و عمليات التهجير القسري و التغيير الديمغرافي الممنهج خدمة لمصالحه الإستعمارية الضيقة .
سقوط الإمبراطورية الشريفة بين مخالب الإستعمار لم يكن قرارا عسكريا صرفا إتخذه جنرال بفكر توسعي أو قائد متنطع للسلطة و المجد بين ليلة و ضحاها كما وقع لدول و شعوب أخرى طارئة و مؤقتة عبر التاريخ فتم إحتلالها نتيجة لأخطاء ديبلوماسية أو بسبب سياسات إستعمارية توسعية .
قرار إحتلال المغرب كان نتيجة لمؤامرة إمبريالية كبرى متعددة الأطراف طويلة المدى و مختلفة الأهداف و المقاصد ، إستخدمت في سبيل تحقيقها العديد من الوسائل و الطرق و شاركت في إعدادها و التخطيط لها عبر عقود طويلة العديد من الدوائر و الإمبراطوريات الإستعمارية و عُقِدَت على هامشها مؤتمرات كبرى و تحالفات دولية و إتفاقات سرية حيث أن " المسألة المغربية " بأزماتها السياسية الدولية الحادة كانت من الأسباب الغير مباشرة لقيام الحرب العالمية الأولى 1914- 1918 و نتيجة لهذا التنافس الإستعماري الحاد قُسِّم المغرب إلى ثلاث مناطق نفوذ ما بين الإستعمار الفرنسي و الإسباني و المنطقة الدولية في طنجة .
" مشروع إحتلال المغرب " سبقته دراسات و أبحاث و قراءات مستفيضة متأنية لفهم أنثروبولوجيا الشعب المغربي و طبيعة حضارته الضاربة في جذور التاريخ الإنساني حيث خَلُصَت لنتيجة واحدة أنه شعب متماسك و متمسك بعاداته و تقاليده و تاريخه و إرتباطه وثيق و متجذر مع العرش العلوي المجيد، حقيقة يؤكدها كُتَّاب و صحفيون خدموا الأجندات الإمبريالية مثل غابريل فير و لويس آرنو و شارل دوفوكو من فرنسا و لويجي برزيني و إدموندو دي أميشس و دولامارتنيز من إيطاليا والتر هاريس من بريطانيا بالإضافة لعشرات الآلاف من التقارير و الملفات التي دبجها جواسيس و مخبرون بِجُبة المبشرين و المغامرين و الرحالة و المصورين الفوطوغرافيين ،لذا كان القرار الدولي بإحتلال أراضي الإمبراطورية المغربية بحدودها التاريخية المترامية الأطراف على مراحل حيث تم إقتطاع ملايين الكيلومترات المربعة من مساحتها لتكوين مستعمرات جديدة أو إلحاقها بكيانات إستعمارية قائمة كما حدث لتيرس الغربية و بلاد شنقيط و أدرار و الصحراء الشرقية المغربية و أقاليم أخرى .
ثم الإحتكام للحماية الإستعمارية كنظام حكم جديد مع الإحتفاظ بمؤسسة المخزن الشريف كراعية لشؤون الشعب المغربي و إقتصار التواجد الأوروبي في مدن أوروبية جديدة و محميات زراعية في السهول الخصبة حيث واجهته مقاومة شعبية سطرت أروع معاني الذوذ عن الارض و التضحية بالغالي و النفيس حيث واجه المقاوم المغربي جيوش الإستعمار المنتصرة بمعارك الحرب العالمية الاولى كفردان و ألسوم و ألزاس و لورين و مرغ كرامته في الأرض بملاحم عسكرية خالدة جسدت قوة شكيمة الإنسان المغربي كمعركة أنوال المجيدة و معركة الهري و جبل صاغرو و مقاومة بوغافر و معارك الصحراء المغربية ، لذا فإستقلال المملكة المغربية كان على مراحل حيث تم إستكمال السيادة المغربية أيضا على مراحل عن طريق خوض معارك سلمية و سياسية و عسكرية و ديبلوماسية و قانونية على جميع المستويات .
بعد عودة السلطان محمد الخامس و الأسرة العلوية الشريفة من المنفى كان قرار بناء دولة حديثة بمؤسسات سيادية قوية و فصل واضح للسلطات حيث إنخرط الشعب المغربي في مرحلة البناء و التنمية لإستكمال مسار الإستقلال الوطني عن طريق تأسيس درع للوطن يتمثل في القوات المسلحة الملكية المغربية و مؤسسات الأمن الوطني و سن القوانين الناظمة لحياة الشعب المغربي و إطلاق أوراش البناء و التشييد في كل ربوع الوطن و تحصين الإقتصاد الوطني بسن العملة الوطنية و تأسيس بنك المغرب كدليل على الإستقلال الإقتصادي و المالي عن الدوائر الإستعمارية .
المسار التاريخي للإستقلال إستكمله الجيل الثاني بعد عشرين سنة بتنظيم مسيرة خضراء سلمية حضارية إستطاعت تحرير الأرض و ربط أواصر الاخوة بين أفراد الشعب الواحد و إعادة الصحراء المغربية إلى حضن الوطن تحت قيادة المغفور له الملك الحسن الثاني في تجديد لمعاني لحظة الإستقلال و ثورة الملك و الشعب .
لتعود المؤامرة الإستعمارية مرة أخرى بتغيير الأدوار و تغيير الفاعلين على شكل نزاع مفتعل بإستخدام أدوات إستعمارية إنفصالية بئيسة تعمل على هدف واحد هو تحجيم طموحات الشعب المغربي في الإستقلال الوطني و إغراقه في صراعات مجانية و إستنزاف قدراته لتعطيل مساره التنموي الرائد حيث سطر ت القوات المسلحة الملكية المغربية بكل أفرعها ملاحم كبرى أبطالها أسود الوطن الجنود المغاربة الذين تخضبت دماءهم الزكية بالرمال المقدسة للوطن ؛ و لازالت مسيرة الشعب المغربي تسير في هذا الطريق النير مستلهمة روح كفاح الإستقلال الوطني بالإصطفاف وراء المؤسسة الملكية و المؤسسات السيادية تجسيدا لمعاني الإيمان العميق بالروح الوطنية و الوفاء للمقدسات المشتركة .
أثناء الحرب الصحية المرتبطة بجائحة كورونا أظهر الشعب المغربي قمة الإلتزام و التفهم لأوامر الدولة المغربية في سلوك حضاري و إنساني قل نظيره و قدمت الدولة و رجالها صورا متجددة من المسؤولية و التضحية و التفاني في خدمة الوطن و المواطنين، ليقدم المغاربة مرة أخرى درسا آخر في تمغربيت و قيمها الخالدة المتجذرة عبر الأزمان .
و اليوم تستمر معركة السيادة و الإستقلال بروح الإنفتاح و التكامل مع المحيط الإقليمي و القاري مع تجسيد الرؤية الملكية المتبصرة في بناء مغرب الجرأة و التمكين ، حيث يلعب دوره التاريخي كاملا كجسر حضاري بين الشعوب الإفريقية و باقي شعوب العالم و ملاذا آمنا للإستثمار المستدام في عالم اللايقين الإقتصادي هو ما أكدته رسالة جلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى المناظرة الإفريقية الأولى للحد من المخاطر الصحية 16 نونبر 2022 قائلا : " ولا يخفى عليكم أنه منذ اعتلائنا عرش أسلافنا المنعمين، اعتمدنا مقاربة، جيو-إستراتيجية جديدة في إطار شراكة جنوب-جنوب، تقوم على التضامن والتعاون وخدمة المصالح المشتركة،بما يعود بالنفع على المواطن الإفريقي." ../// إنتهى الإقتباس .
صيانة روح الكفاح الوطني لنيل الإستقلال تتواصل بشكل متجدد بمواقف ثابتة واضحة محترمة للمملكة المغربية في علاقاتها الخارجية و طريقة تدبير علاقاتها و إرتباطاتها الدولية بعيدا عن المزايدات الغير منطقية أو الكلام الإنشائي و الشعارات الرنانة و الإتجار بالمواقف السياسية خدمة لأجندات داخلية حيث عبر جلالته بصريح العبارة في قمة الرياض الخليجية عبر رسالة إلى العالم من قلب منطقة تعرف إستقطابا حادا بين المحاور العالمية قائلا : " فالمغرب حر في قراراته وإختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد. " ..// إنتهى الإقتباس .
إن عيد الاستقلال هو مصدر فخر وإعتزاز سياسي وتاريخي للشعب المغربي العظيم ، هو يوم يعبر عن الرغبة الوطنية لشعبنا الدائمة و الأزلية في الحفاظ على إستقلاله وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة الحافظة لتقاليده العريقة و حضارته الضاربة في جذور التاريخ ، ومناسبة يؤكد فيها هذا الشعب رغبته في التمسك بالثوابت و المقدسات الوطنية الجامعة و في مقدمتها المؤسسة الملكية بمؤسساتها الإستراتيجية الضامن الوحيد و الأوحد لإستقلال و سيادة و رفعة هذا الوطن .
في هذا اليوم ننحني جميعا إكبارا و إجلالًا واكرامًا لأرواح الشهداء الذين أضاءوا بدمائهم الطاهرة مسار الحرية والكرامة والاستقلال و تخضبت بدماءهم الزكية برمال التراب المقدس لهذه الأرض الطاهرة المطهرة .
بقلم : البراق شادي عبد السلام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.