بينما كنت أخيط كالعادة طريقي من البيت إلى الكلية ، و من الكلية إلى البيت شبه غائبة عما يدور أثناء ذلك .. إذ أمتطي صهوة الانشقاق لاعتناق عالم مثالي و قوم مثالي ، أدري و أوقن أنه لن يتحقق يوما .. مر شاب ليصيح بأعلى صوته " لا للعنف ضد الرجااااال " .. كانت عبارة سرقتني من عالمي النموذجي لأجتث كل جذوري من قلبه ، و أقتلع كل سرحاني من عينيه . إسترقت النظر في تقاسيم وجهه، فبدا أن من وراء المقول دفعة قوية ألقت بعبارته دون سابق تردد أو إنذار .. " لا للعنف ضد الرجال !!" طالما سمعنا بعبارة "لا للعنف ضد المرأة " لكن ذلك ما عاد يثير الاستغراب و لا العجب .. لكن الرجل ؟؟ !! . أي عنف يا ترى قد يتعرض له الرجل و نحن في واقع ذكوري يذيع فيه صيت الرجل لا المرأة ، و إن كان هناك عنف فما نوع هذا العنف ؟؟ كيف يعنف الرجل ؟؟ كانت أسئلة تتالت دون منحي فرصة افتراض إجابة لأحدها عساها تروي الغليل نسبيا أو مؤقتا .. أخذت بعنان السؤال فافترضت مجموعة من الأجوبة فأحببت التأكد منها ، فبدأت أطرح السؤال على من أصادفه من معارفي، فكانت الإجابة تتراوح بين الاستغراب و البداهة ، لكنها عموما أفادت بنقط مختلفة أكدت إجاباتي المفترضة و أيدتها ، فأكثر أنواع العنف التي يتعرض لها الرجل هو العنف المعنوي "النفسي" – و هذا لا ينفي تعرضه لغيره – . تشكل بعض النساء وطأة و قهرا مقيتا على الرجل تمارس عليه أنواعا مختلفة من العنف النفسي أزوجة كانت أو غيرها .. فما أكثر الزيجات المتسلطات اللاتي يتحكمن في أزواجهن ، يحاسبنهم على الصغيرة و الكبيرة ، مدخوله الشهري .. أين صرف .. متى .. و لم .. و أسئلة كثيرة تثير الاشمئزاز و تشكل قهرا للرجل و تضييقا لحريته . وما يفوق ذلك ان تضع المرأة – زوجة كانت ، أما ، أختا أو غيرهن – الرجل في موضع مقارنة مع غيره من الرجال ، فتقول عبارت تنقيص و توضيع تكسر عزة نفس الرجل ، و تدوس شموخه .. بل في الشارع .. فهذا المكان العام أيضا بما يضمه من ظواهر و أصناف بشر يمارس حقه من العنف على الرجل ، فتجد الرجل كثيرا ما يتدمر مما يحتويه الشارع من إغراءات غالبا ما تمارسها المرأة تتعلق بالتعري و كسر حصن الحياء و الأخلاق الحميدة و التجرد من كل ما يسعف الرجل على غض بصره ما يشكل نوعا من العنف النفسي على الرجل قد يقوده لسوء الدار و عقيدتنا تنص على غض البصر و التزام الحياء و الأخلاق الحسنة . ليست هذه كل اشكال العنف و نماذجها على الرجل ، إنما هي نافذة مفتوحة تطل على غيرها من الأشكال. كما ان هذا لا يبرئ الرجل من ما يمارسه من عنف جسدي و نفسي على المراة ، لكن ذاك موضوع آخر له مقامه و مقاله .. ولا يسعفني غير قول : " إيييييييه أيتها الحياة إلى أين تتجهين ؟؟؟ "