انقسم موقف المهتمين بشان مهنة المحاماة وغير المهتمين بها من ممثلين عن المجتمع المدني ومن عموم المواطنين بسبب نتائج امتحان الولوج لمهنة المحاماة التي أعلنتها وزارة العدل فمنهم من طعن في مصداقيتها ومنهم من زكا ها ،والقاسم المشترك بينهما أن لا أحد من الطرفين يملك دليلا على صحة اقواله .فماذا تحمل الايام القادمة؟ يبدو ان النقاش عن عدد الناجحين ومن يكونون ولماذا هم دون غيرهم تطور إلى الحديث عن قيام شبهة فساد والى الحديث عن وجود سياسة ممنهجة لاقصاء أبناء الشعب من حق الولوج ليس فقط إلى مهنة المحاماة بل والى مهن ووظائف أخرى ضدا على الدستور الذي يساوي بين المواطنين . والثابت ان اغلب المتدخلين في النقاش من هذا الطرف اوذاك يتحدثون من خلفية المصلحة الخاصة او تصفية حسابات اوحتى لتحقيق غايات من وراء طرح النقاش، والرفع من حدثه . وقد ظهر طرف تالث عزز المشهد بما يقدمه من دليل ومن خلاله يحاول توريط من يتحمل مسؤولية الشأن المهني للمحاماة حاليا على الصعيد المحلي والوطني ،وقد فسر البعض تدخل الطرف الثالث كفعل استباقي بتوظيف التوريط كورقة ضغط عليهم لتمرير القوانين المعروضة على البرلمان ومنها قانون مهنة المحاماة الذي كان محور الخلاف بين الحكومة والمحامين . فهل تنجح الخطة دون حصول مواجهة جديدة بين المحامين والحكومة لما يترتب عن تلك المواجهة من اضطراب على مستوى السير العادي للمحاكم والذي قد يتعدا ه إلى اكثر من ذلك من اضطراب اجتماعي. لكن المؤكد أن عواقب هذا النقاش الذي صب عليه وزير العدل كثيرا من الزيت جعل الوضع قابلا للانفجار في أية لحظة ،ليطرح سؤال على من يقف وراء ما يجري من تجادب والذي تعدى نتائج امتحان ( إلى الحديث في الوطن والحق الذي يخوله حمل صفة مواطن ) سقفا زمنيا لوقف النقاش ام أن الأمر قد يخرج عن السيطرة؟ في غياب أحزاب سياسية قوية في المغرب التي تتولى تمثيل المجتمع والدفاع عن مصالح فئاته المختلفة والعمل على سن قوانين تستجيب لروح الدستور فإن الصراع تحول إلى صراع مجتمعي بين المستفيد من الوضع القائم والغير المستفيد وهذا سيقود ولا شك إلى صراعات أخرى لا يربح منها الوطن شيئا سوى التشردم والضعف . ان النقاش الجاري حول نتائج امتحان الولوج إلى مهنة المحاماة يدق ناقوس الخطر ويدفع الدولة إلى إعادة حساباتها وقراءتها للواقع والى تحمل مسؤوليتها كاملة في إيجاد المناخ المناسب لمعالجة ما يجري على الواقع بما يحفظ كرامة المواطن وحقوقه وبما يحفظ كذلك على هيبة الدولة واستقرارها بعيدا عن تدخل هذه الجهة او تلك منها في حركية المجتمع لتحقيق غاية آنية ومؤقتة. ان الفراغ الذي تركته الاحزاب السياسية الجادة والمستقلة وتحويل الموجودة من الاحزاب إلى أداة لملأ الفراغ وتاثيت المشهد السياسي سيكون له عواقب وخيمة على البلاد ومستقبلها ،وستكون اول النتائج تحول الصراع السياسي المجتمعي إلى صراع طبقي وفئوي مصلحي يكون فيه آخر شيئ للاهتمام هو الوطن ومستقبل الوطن. فهل يؤخذ الدرس جيدا ام لابد من حصول الأسوأ لنفكر بمنطق مصلحة الوطن .؟ بقلم الاستاذ اليزيد كونكا