لم تكن حياة عبد الرؤوف قبل الشهرة مضحكة كمسرحياته، بقدر ما كانت محزنة على الأرجح، بحكم سعيه خلال مرحلة طفولته ويفاعته إلى البحث عن العمل ضمانا لقوت الأسرة اليومي. في حديثه، لم يتردد عبد الرؤوف في الكشف عن أسرار المهن التي اشتغل فيها، إذ قال: "أتذكر منذ أن كان عمري 18 سنة وأنا أبحث عن العمل، فقد كنت نشيطا وفتى ذكيا للغاية، والذي كان يميزني هو إتقاني للغة الفرنسية، بحكم تتلمذي على يد أساتذة أجانب. كانت عائلتي آنذاك تمر بظروف مادية صعبة نوعا ما، لذلك اخترت طريق الكفاح من خلال البحث عن العمل رغم صغر سني". غادر عبد الرؤوف المدرسة صغيرا ليحترف "الصنعة" لأن المغاربة كانوا يعتقدون آنذاك أن "الصنعة إلى ما غنات غتعيَّش"، حيث ذهب عند ميكانيكي طلبا للشغل، وأول ما طلب منه هو أن يكنس المكان، لكن سرعان ما وجه أمرا صارما له وهدده بالصفع، فدفعت الأنفة عبد الرؤوف إلى مغادرة المكان والرد "هادي هي لَّخرة معاك". ويضيف الفنان الكوميدي: "كنت أعتمد في الغالب على إعلانات الجرائد أثناء رحلة البحث عن الوظيفة، لاشتغل في ما بعد ساعيا للبريد مقابل أجر لا يتعدى 30 درهما في الأسبوع لدى شركة أجنبية. فكنت أمنح لوالدي 150 ريالا، وأخي الأكبر 50 ريالا لأنه كان عاطلا عن العمل، بينما يتبقى لي 5 دراهم، أشتري بها "كاوكاو والزريعة وأذهب بها إلى السينما". يتوقف الفنان لحظة ليتذكر المهنة التي عمَّر فيها طويلا مقارنة مع المهن الأخرى قائلا: "اشتغلت في ما بعد محافظا في مقبرة الشهداء بالدارالبيضاء لسنوات، حيث كنت أحتفظ بسجلات أرقام القبور وأحرص على تنظيمها، قبل أن أتنحى عن هذا المنصب لأختار المقاومة في صفوف الحركة الوطنية دفاعا عن استقلال الوطن وعودة الملك الراحل محمد الخامس من المنفى". خاض عبد الرؤوف وفق تعبيره درب المقاومة، ليصبح أحد رجالها المناضلين في صفوف الحركة الوطنية، شارك على إثرها في تظاهرة حاشدة بالمغرب للمطالبة بعودة الملك محمد الخامس من المنفى سنة 1954. يسترسل عبد الرؤوف: " كليت الزرواطة في الكوميسارية لمدة شهر من قبل الاحتلال الفرنسي قبل أن يتم إيداعي السجن لمدة 5 أشهر بدون محاكمة، وقد عانيت الشيء الكثير، لكن رغم ذلك تعلمت وأنا داخل السجن فن تقليد شخصيات معروفة في المغرب، كنا مجموعة من المعتقلين نملك مواهب فنية رائعة، وقد تم إطلاق سراحنا جميعا مباشرة بعد عودة الملك من المنفى". ويختم الفنان الكوميدي كلامه بالقول: "بعد خروجي من السجن، اكتشفت ميولاتي الفنية من خلال العروض المسرحية المتواضعة التي كنا ننظمها نحن الشباب في سنوات الستينيات، حينها اكتشفني المرحوم بلقاس، من خلال إحدى تلك العروض وأنا أقلد الراحل بوشعيب البيضاوي وطيب لعلج وغيرهما من الشخصيات الفنية المعروفة، وهي البوابة الحقيقة لولوجه عالم الفن الكوميدي".