ضيفة من تافراوت في رحاب الجنة نحن هنا في الجنة حيث لا ظلم ولا فساد ولا نفاق.. قبل ايام حلت علينا ضيفة خاصة فحكت لنا انها غادرت الدنيا بعد أن لسعتها أفعى عابرة بينما كانت تجني تمار ما تبقى من الشجر..فتاة في ربيع عمرها.. غادرت المدينة التي يحرسها الأسد وتحكمها الذئاب، ارض الحمام الأزرق الذي لا يظهر إلا على الورق، سألنها عن احولكم فقالت: – في بلدتي اناس يقام لهم ولا يقعد، اناس يظهرون في التلفاز ولهم من المال ما لا يعد ولا يحصى يبنون المساجد ويصلحون المقابر ويزوجون العزاب، فعجزو عن توفير مصل مضاد للسموم. – في بلدتي مناضلون يقفون أمام البرلمان ليلعنوا القدر والحكومة والأحزاب ولم يقفوا الى جانبي وأنا احتضر بعيدا عن أمي وأبي وعائلتي... – في ارضي تبنى قصور وتحفر قبور، نغني لشجر اللوز ونغني للصيف والشتاء، نحب الحياة، نقدس العمل والكفاح، ولما غادرتني الطبيعة نسوا أنني كنت معهم في صمت.. – في وطني مسئولون أبناء بلدي، يقدسون كالأنبياء نستقبلهم بالزغاريد والغناء، نفرح لعودتهم ونحزن لذهابهم، يعطون الدروس في الوفاء والالتزام والحب والسخاء، فعجزوا عن توفير سيارة إسعاف تنقدني من موت محقق.. – في ارض أجدادي مهرجانات تكرم الغريب وفيها تصرف أموالنا وقوت أبناءنا كل ربيع وكل صيف لتنتصر لفنون القرية كل سنة، ففشلوا في الانتصار لبنت القرية في صيف واحد.. قريبا ستسمعون الرقص والطرب الغناء، قريبا سيكرم الجبناء في ارض سقيتها بدمي... قريبا لن يحزن أحد غير أبي وأمي وأصدقائي... أنا مجرد فتاة قروية من أرض بعيدة أجلب الماء من البئر وأخبز لأبي كل يوم رغيف يحمله معه الى اعمل.. أنا مجرد فتاة فقيرة ينعتني إخوتي في المدينة بحمالة الحطب؟؟؟ انا مجرد بنت قرية- مجرد رقم في اللوائح الانتخابية- أنا لا شيء أمام طموحاتكم الانتهازية ... لن اصف لكم السم ألم السم وهو يخترق عظامي وقلبي.. لن أصف لكم الأرق والألم.. فتهميشكم أشد حرا وألما.. – بلدتي تسمى تافراوت معقل البورجوازية والوزراء معقل العلم والفقه والفن. بلدتي يعرفها العالم ويقصدها السياح..لكن، هل تدركون معنى التهميش؟ لا يهمني أنني ميتة..فقد كنت أموت كل يوم...تقتلني النظرات لم أكن أعيش أيها الناس...كنت فقط أتنفس، كنت على قيد الحياة...هل للعيش معنى بلا أمل؟ كنت ارى في التلفاز، كيف تعيش فتيات في عمري، كنت أرى بناتكم كيف يعشن؟ وأين؟ كنت صامتة ومؤمنة بقدري، كنت فقريرة..والفقر ليس عيبا، لكنني كنت شجاعة فقتلت الأفعى التي لدغتني وأنا أتألم... مشيت على الأقدام أميالا فهل لكم شجاعة الاعتذار؟ أنا لا أحاسبكم فأنتم أهلي وأحبتي وأبناء بلدتي.. بلغوا سلامي لمنتخبيكم ومناضليكم فأنا ارقد هنا بسلام حيث لا أحد يذكر من أكون. – بلغوا أمي وأبي أن الموت حق – بلغوا المنتخبين أن الدنيا فانية – بلغوا كل المناضلين أني لم أمت لأجلكم – بلغوا أغنياء بلدتي أن قارون يرقد غير بعيد عني، – بلغوا كل المسئولين أنني في انتظارهم وللآخرين مهرجان سعيد ....