بعد فضيحة الفيلاّ الفاخرة التي اقتنتها طغمة "البوليساريو" المتحكّمة بالحديد والنار في مصير المواطنين الصحراويين لأكثر من ثلاثين سنة في مخيمات الجحيم بتندوف ،تحوّلت القيادة الفاسدة للانفصاليين إلى مجال العقار ليصبحوا سماسرة معروفين في موريتانيا .وقد استغلوا المساعدات الإنسانية ، الموجّهة للمحتجزين ،التي كانت تأتيهم من بعض الجمعيات الأوربية على الخصوص إمّا لدواع إنسانية صرفة ، وإمّا لاستغفالها واستغلال جهلها بموضوع النزاع المفتعل بالصحراء . وبفضل الأموال المتأتّية من تلك المساعدات ، تمكّن كبار الانفصاليين من الحصول على تلك "الفّيلاّت" في إسبانيا . هذا الوضع المريب أثار ردود فعل لدى معارضي القيادة الانفصالية في تندوف ،وكان من نتيجتها المباشرة اندلاع تظاهرات في تندوف للاحتجاج على توظيف المساعدات الإنسانية الدولية لأغراض أخرى تخدم كبير الانفصاليين وطغمته الفاسدة والمقربين منهم . ولم يعد غريبا رؤية آلاف الأطنان من المواد الغذائية والمعدات المنزلية والأدوات الإلكترونية وغيرها تعرض للبيع في أسواق داخل موريتانيا ومالي والنيجر وباقي دول المنطقة.وبالطبع ، فإن عائدات هذه التجارة المشبوهة تصب في حسابات "الزعيم" محمد عبد العزيز ومساعديه الأقربين . إزاء هذا، لم يتردد المكتب الأوربي لمكافحة الغش من تسليط الضوء على فضيحة تحويل المساعدات الغذائية والمادية الإنسانية للمحتجزين في المخيمات لفائدة المتسلطين والمتحكمين في رقاب هؤلاء المحتجزين . وكان المكتب قد نفض الغبار على فضيحة مدوية تتمثل في أن عدد المستفيدين أقلّ بكثير من عدد الذين تم تخصيص المساعدات الإنسانية لهم من طرف المانحين . وبما أن حبل الكذب قصير ، فإن المكتب الأوربي اقتفى أثر هذا الحبل ليقف على حقيقة صادمة تقول أنه بمجرد وصول المساعدات إلى مدينة وهران الجزائرية ، تظل قابعة لمدة تفوق أكثر من شهر ليتم توجيهها نحو مخيمات تندوف ، لكن كميات كبيرة من شحنة المساعدات المخصصة للصحراويين المحتجزين في المخيمات لا تصل أبدا إليهم . أكثر من هذا ، يوجه المكتب الأوربي لمحاربة الغش الاتهام للهلال الأحمر الجزائري نفسه بالقول : "إن الهلال الأحمر الجزائري هو المستفيد الأول من تحويل المساعدات ، يليه مسؤولو جبهة "البوليساريو" الذين يستفيدون من هذا التدفق المالي لاقتناء ممتلكات عقارية لهم ولمن معهم في جزر الكناري أو إسبانيا." بناء على هذا وغيره ،فإن مظاهرات الاحتجاج والتنديد بممارسات الطغمة المتحكمة في رقاب الصحراويين الأبرياء ،ما زالت تلهب حماس الرافضين لسياسة قيادة "البوليساريو" التي ما عادت تقنع أبناء المخيمات بقدر ما دفعتهم إلى إعلان معارضتهم ورفضهم لقيادة فاسدة تزعم تمثيلهم بينما هي تسترزق وتتسوّل بمعاناتهم لدى عدد من المنظمات والجمعيات هنا وهناك بدعوى حقهم في تقرير المصير ، في حين أن الصحراويين داخل تندوف يطالبون برحيل "البوليساريو" عنهم حتى يتمكنوا من العودة إلى وطنهم المغرب . هذا هو الوجه الحقيقي لجماعة أعلنت عقوقها لوطنها الأصلي، فاستبدلته بما هو أدنى برهن نفسها وجعلها في أيدي النظام الجزائري، يتحكّم فيها ويسخّرها لخدمة أغراضه فقط لمعاكسة المغرب.وهذه حقيقة "حركة تحرير" تبيع وتشتري في أعراض وكرامة مغاربة صحراويين أقحاح ب"حق تقرير المصير " الذي يراد به باطل. لكن حبل الكذب قصير وإن طال زمانه . حمادي الغاري