على مائدة إفطار ، تم اللقاء الأول بين رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ، وصلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للأحرار، بعد أن أعطى ملك البلاد موافقته على استقالة الوزراء الاستقلاليين ، وبالتالي الضوء الأخضر للشروع في تشكيل حكومة بنكيران "رقم جوج" التي ينتظر الرأي العام عماذا ستتمخض ، ومن ستلفظ . يبدو أن بنكيران كان حريصا على أن "يشرك الطعام " مع غريم الأمس،في اللقاء الافتتاحي مع الأحزاب الممثلة في البرلمان ، وكأنه يقول له : " اللي خان يخاف " ؛ وهو تقليد مغربي أصيل بما يعنيه من قيم الوفاء والإخلاص والالتزام بين شخصين أو مجموعة أشخاص يشتركون الطعام حول مائدة واحدة . كان هذا يوم أن كانت "الكلمة " هي كل شيء : أسمى وأنبل من العقود والصكوك والفلوس .. أما الآن ، فأصبح " كل واحد يضرب على عرامو" (بتشديد الراء الثانية). ولا يهم ان تكون الضربة فوق أو تحت الحزام ، أو في أي مكان حساس من الجسم . في أجواء " نشركو الطعام "، بدأت الجولة الأولى من المشاورات السياسية بين بنكيران ومزوار،خاصة أن رئيس الحكومة مر بتجربة مريرة مع "العفريت " شباط" لم ينفع معها لا الطعام ولا القهوة المشتركة مع حليف الأمس . وهاهو اليوم بنكيران ، يعمل بالمثل القائل : " اللي عضو الحنش، يخاف من الحبل ." من حق بنكيران أن يخاف ؛ ولا شك أنه عبرعن مخاوفه ل"ضيفه" مزوار في الجلسة التي قيل أنها كانت ل"جس النبض" ، وتبادل العتاب بين الرجلين ،في حين أن كل واحد يعرف الآخر منذ زمان ، وكل واحد يعرف ما يريده الآخر، وكل حزب يعرف "مصارين " الحزب الآخر: بنكيران يبحث عن أغلبية جديدة لحكومته ، ومزوار يبحث عن حقائب جديدة لحزبه . ونفس الشيء ينطبق على الأحزاب الأخرى التي تسعى لتعزيز حضورها من خلال الحصول على حقائب (وزارية ) ثقيلة. وفي هذا يكمن جزء مهم من الخلاف بين شباط وبنكيران . ألم يقل أمين عام الاستقلال بأن "القسمة ضيزا؟ " هذه القسمة هي التي من أجلها يخوض بنكيران ومزوار وغيرهما من رؤساء الأحزاب سباقا ضد الساعة ؛ والمثير أن مختلف الجولات ستكون حول مائدة "نشركو الطعام " التي تسمح بالانشراح أكثر، وبالتخلص من البروتوكولات السياسية والحزبية ما أمكن، كما تسمح بالبحث عن نقط الضعف التي يمكن أن تشكل لدى مختلف الفرقاء "رأس الخيط " للتشكيلة الوزارية المأمولة . "نشركو الطعام " ،فكرة ذكية تقوم على تقليد أصيل في المجتمع المغربي من أجل تثبيت العهد ،واحترام العهود والمواثيق بين المتعاقدين ، لا شك أن بنكيران أراد توظيفها من أجل تذويب ما علق بالعلاقات من خلافات تئن من حملها الجبال . لقد نصبها إذن بنكيران . لكن واقع الحال يقول: اليوم أكل ، وغدا حل. وأبواب الحل كثر .