تعتزم مجموعة من الفعاليات الجمعوية والإعلامية بالدار البيضاء إحداث مجموعة من المقاهي السياسية على غرار المقاهي الأدبية، عبر استضافة مجموعة من الوجوه السياسية والمنتخبين المحليين والبرلمانيين والوزراء لفتح أوراش للنقاش العمومي بالمقاهي خاصة المتواجدة بالأحياء الشعبية، في محاولة لإنزال النخبة السياسية من تلك الكراسي والأبراج العاجية، وكذلك في إطار تقريب المنتخبين من الناخبين عوض مشاهدتهم مرة كل خمس سنوات بالأزقة والأحياء الشعبية والكاريانات، أو عبر شاشات التلفزة، لإرواء الفضول الإعلامي والتعطش للخبر وتسجيل الاقتراحات. فقد تعود المواطن البسيط على إطلالة البرلماني والوزير مرة كل خمس سنوات متجولا بالأحياء الشعبية والأسواق الأسبوعية، وهو أمر لم يعد مستساغا لذا الناخب والمواطن العادي، الذي يصر على الإمتناع عن المشاركة السياسية، وحتى من يختار المشارك لا يكف عن التذمر واضعا علامة رفض لكل الأحزاب باللوائح الانتخابية، والذي يتخذ من هذه المقاهي فضاء ليسب تلك الوجوه غير المألأوفة التي لا تمل من زيارة حيه في كل مناسبة انتخابية، وهي الزيارة التي لا تخلو من نفاق. فكرة المقهى السياسي هي حمل السياسي على النزول من الأبراج العاجية إلى المقاهي الشعبية، للتقرب من المواطنين عن طريق الاستماع إليهم ومناقشة قضاياهم والإجابة عن تساؤلاتهم المصيرية والتي تهم البلاد والعباد، بعيدا عن القضايا الشخصية الضيقة من أجل إثراء النقاش العمومي الجدي والوطني المسؤول بوعي وروح وطنية غيورة بدل الإطلالة من الكراسي الوثيرة والأبراج العاجية، فلما لا المقاهي الشعبية، والنزول من الدواوين الوزارية. المقاهي ليست فقط مخصصة كأماكن لتقديم المشروبات أو مرتعاً لقتل الوقت، بل مكان يلتقي فيه الساخطين والراضين عن الوضع الاجتماعي والسياسي بالمغرب تحتضنهم جميعا المقاهي، وكل يدلي بدلوه من أجل نقاش عرضي بدون سابق إعداد له، في مجموعة من القضايا صباح مساء الواحد يرد على الآخر بما أوتي من حجج وبراهين لإقناع الخصم السياسي العابر بالمقهى. فلما لا نحول المقهى إلى فضاء فسيح للنقد البناء والاقتراحات المفيدة وفي نفس الوقت إلى ملتقى بين القواعد و رجال السياسة فنستضيف خلال كل يوم عطلة مثلا أحد الوجوه السياسية البارزة ويفتح نقاش بينها وبين مرتادي المقاهي، وأن يتعمم هذا النشاط على الصعيد الوطني لتغيير نظرتنا لمسؤولينا السياسيين وتغيير برجهم العاجي بالكرسي البلاستيكي بالحي الشعبي على مدار الولاية التشريعية، وفي نفس الوقت يحس المواطن بالقرب الاجتماعي والنفسي للمسؤولين عنه، والذين كان يراهم فقط عبر شاشات التلفزة، وإن دل هذا الاقتراح وهذا النشاط المزمع القيام به على شيء، فإنما يدل على المواطنة الحقة والغيرة على الوطن والعمل على التشارك والإشراك في صنع القرار السياسي وانبثاقه من القاعدة إلى القمة.بن لكريم لكبير